ما هي خيارات حماس لمواجهة عقوبات عباس؟

محمود عباس

تضع العقوبات الجديدة المزمع فرضها من قبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على قطاع غزة بعد اتهامه حركة حماس بالتفجير الذي استهدف موكب رئيس الحكومة رامي الحمد الله الثلاثاء الماضي الحركة أمام مسؤولياتها لاتخاذ خطوات تنقذ القطاع من الحالة الجارية، وفق محللين سياسيين.

ويرى هؤلاء في أحـاديث منفصلة، أن حماس تمتلك خيارات عديدة لمواجهة تلك الإجراءات العقابية، إلا أن بعضها قد يكون مؤلمًا ومكلفًا، في ظل مشاريع التصفية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.

ويدعون حماس لإعادة قراءة المشهد السياسي الفلسطيني الداخلي برمته مع التمسك بخيار المقاومة وعدم التنازل عن فلسطين، وأن تستعيد زمام المبادرة وتبتكر أدوات نضالية جديدة.

وكان عباس قرر في مستهل اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير برام الله مساء الاثنين، أعلن فرض إجراءات “وطنية ومالية وقانونية” على قطاع غزة على خلفية التفجير الذي استهدف موكب رئيس الوزراء الذي اتهم حماس بالمسؤولية الكاملة عنه، وشن هجوما كبيرا على الحركة، حيث اعتبرت تصريحا المسمار الأخير في نعش المصالحة الفلسطينية التي كانت تجري برعاية مصرية.

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية عثمان عثمان إن الواقع لا يؤشر إلى وجود مصالحة حقيقية بين حركتي فتح وحماس، خاصة في ظل المعطيات السابقة والحالية، وخطاب عباس الأخير.

ويشدد عثمان على أن المستفيد الوحيد من تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله هم: “أعداء الشعب الفلسطيني والوحدة، وأصحاب الإملاءات الخارجية، وليس حركة حماس”.

خيارات المواجهة

إلا أنه يرى أن هناك خيارات قد تتجه لها حماس لمواجهة هذه الإجراءات، أولها: اللجوء إلى مصر لتؤكد لها أنها مع المصالحة والوحدة، وأن عليها الضغط أكثر على السلطة من أجل تحقيقها، وأن تتدخل للتخفيف عن القطاع.

أما الخيار الثاني لجوء حماس إلى دول عربية أخرى صديقة وداعمة للمقاومة الفلسطينية (لم يحددها) من أجل رفع الحصار عن قطاع غزة، وإبطال العقوبات. حسب عثمان

فيما الثالث، يتمثل في اتخاذ موقف فصائلي موحد من خطاب عباس، كونها لا تستهدف حماس لوحدها، بل أبناء الشعب الفلسطيني كافة، باعتبارهم المتضرر الرئيس من تلك الإجراءات.

كما يعتقد عثمان أن حماس ستقترب أكثر من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان للتخفيف عن غزة عبر مشاريع اقتصادية، موضحًا أن هناك دول عربية تضغط بهذا الاتجاه وهي مصر والإمارات، خاصة في ظل انسداد الأفق مع السلطة.

المطلوب

والمطلوب من حماس حاليًا إعادة قراءة المشهد السياسي الفلسطيني الداخلي برمته، والعمل على تشكيل قيادة موحدة من الفصائل كافة، والتمسك بخيار المقاومة وعدم التنازل عن فلسطين. حسب عثمان

مصادر القوة

ويرى المحلل السياسي صالح النعامي الذي توافق مع عثمان في ضرورة التمسك بخيار المقاومة، وأن على حماس تحديد مصادر قوة عباس وبذل كل الجهود لتحييدها أو إضعافها، بعدما اتضح أن ثمن المصالحة لديه هو المقاومة وسلاحها.

ويلفت النعامي إلى أن مصدر قوته (عباس) هو الوظيفة الأمنية الذي تؤديها سلطته لصالح “إسرائيل”، مشيرًا على أن عباس بدونها سيسقط من الحسابات الغربية، وسيصبح “غير ذي صلة”.

ويوضح أن المس بتلك الوظيفة الأمنية يتأتى من خلال عمليات المقاومة في أرجاء الضفة الغربية المحتلة، وكل نشاط للمقاومة الشعبية يشوش على المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.

ويشدد على أن إسقاط الوظيفة ليس أمر الساعة (الآن فقط) بسبب قرارات عباس، بل بشكل أساسي لأن هذه الوظيفة توفر للصهاينة ميزة “الاحتلال المرفه” وبدون دفع أي مقابل.

كما يدعو النعامي إلى المبادرة لنزع الشرعية الوطنية عن عباس، والتحرك في الداخل وفي أوساط فلسطينيي الشتات لبلورة أطر قيادية جديدة للشعب الفلسطيني بديلة عن “نادي عباس”.

ويحذر من أن استغلال “الصهاينة والأطراف الإقليمية والإدارة الأمريكية” واقع غزة من أجل محاولة تمرير مشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية، لاسيما ما يطلق عليه “صفقة القرن”.

زمام المبادرة

ويرى ضرورة أن تستعيد حماس زمام المبادرة وأن تبتكر أدوات نضالية جديدة لقطع الطريق على تلك المشاريع، والتي يعتقد أن أبرزها في هذه الفترة “مسيرة العودة” المقرر بدأها في 30 مارس المقبل.

ويرى المحلل السياسي أحمد رفيق عوض أن الخيار الوحيد حاليًا أمام حماس هو تحقيق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام فورًا، كونها الأنجع والأقل تكلفة، أمام الخيارات الأخرى.

ويقول عوض إن “أي خيار آخر في الوقت الراهن ستكون تكلفته مؤلمة للغاية”، مؤكدًا أن الموقف الفلسطيني بحاجة إلى تغليب صوت الحكمة والمصلحة العامة على أي شيء آخر.

مكلفة ومؤلمة

وبحسب عوض فإن هناك خيارات كثيرة لدى حماس لكنها ستكون “مكلفة ومؤلمة”، منها الانفجار في اتجاه الاحتلال، أو تعميق الأزمة في قطاع غزة أو ترحيلها لمناطق أخرى، وقد تلجأ إلى أطراف عربية أخرى من أجل التخفيف عن القطاع المحاصر.

وأثارت تهديدات عباس موجة عارمة من الغضب والتنديد في أوساط الفصائل الفلسطينية، وبين نشطاء مواقع التواصل، فيما اتهمت أوساط إسرائيلية عباس بتعمد الضغط على غزة “إلى درجة الانفجار وأن الانفجار سيكون تجاه إسرائيل”.

وفرض عباس قبل نحو عام إجراءات عقابية على غزة لإجبار حركة حماس على تسليم القطاع لحكومة الوفاق، وشملت خصم أكثر من 30% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص الكهرباء، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري.

وفي 12 أكتوبر 2017، وقعت حركتا “فتح” و”حماس” اتفاقًا لتطبيق بنود المصالحة في القاهرة برعاية مصرية.

يشار إلى أن وزراء الحكومة زاروا قطاع غزة مرات عديدة، وتمت إعادة أعداد من الموظفين القدامى لوزاراتهم في القطاع، وسلمت حماس كافة الوزارات والهيئات والمعابر، فيما بقيت معضلتا الجباية الداخلية وملف الموظفين الحاليين كعقبتين أمام إتمام المصالحة.

 

هذا المحتوى من وكالة (صفا)

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن