مستشرق إسرائيلي: العمليات الفدائية الأخيرة هزت الكيان وغيرت قواعد الاشتباك

مستشرق إسرائيلي: العمليات الفدائية الأخيرة هزت الكيان وغيرت قواعد الاشتباك
تعبيرية

رأى المُستشرق الإسرائيلي إيهود بن حيمو، الذي يعمل محللاً للشؤون العربية في القناة الـ12 بالتلفزيون العبري، رأى أن امتناع إسرائيل عن القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في جنين ومخيمها، أيْ إعادة احتلالهما، مرّده خشية الكيان من تداعيات العملية على الوضع في القدس وفي قطاع غزّة، لافِتًا إلى أنّ عمليةً من هذا القبيل ستُشعِل الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة والقدس المُحتلّة، على حدّ تعبيره.

في سياقٍ ذي صلة، كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة، اليوم الاثنين، النقاب عن أنّ تصرّف قوّات جيش الاحتلال خلال عملية تل أبيب يوم الخميس الماضي كان تصرفًا مخالفًا للأوامر، كما نقلت عن مصادر أمنيّةٍ رفيعة.

وأضافت الصحيفة، نقلاً عن ضبّاط كبار في الشرطة وجيش الاحتلال، أنّه خلال العملية اختفى التواصل بين قوّات الأمن، وأنّه تمّ الكشف عن هويّات المقاتلين في الوحدات النخبويّة السريّة، لأنّهم تجوّلوا في مكان العملية دون ارتدائهم الألبسة مع العلامات الخاصّة. وقال الضبط إنّ ما جرى كان بمثابة فضيحةٍ مهنيّةٍ، على حدّ تعبيرهم.

ونقلت الصحيفة أيضًا عن قائدٍ رفيع المُستوى شارك في عملية مطاردة منفّذ العملية، نقلت عنه قوله إنّ عدم سقوط قتلى بنيران صديقةٍ كان بسبب الحّظ، لا أقّل ولا أكثر، على حدّ وصفه.

• “عودة العمليات الفدائية في الحافلات والمطاعم”.. 3 سيناريوهات يستعد لها الجيش الإسرائيلي

ومن المُهّم الإشارة في هذا السياق إلى أنّه أصبح واضِحًا بعد العمليات الفدائيّة الأخيرة داخل الخّط الأخضر، وقبل ذلك، أنّ إسرائيل تخشى القيام بإعادة احتلال غزّة، رغم التهديدات المُتكررة بالقيام بذلك، لعلمها المُسبق أنّ العملية لن تنجح، وأنّ الخسائر البشريّة والماديّة ستكون كبيرةً، بحيث لا تقدِر دولة الاحتلال على تحملّها.

كما أنّ الجنرال يتسحاق بريك، الذي شغل منصب مدير وحدة مظالم الجنود في جيش الاحتلال، أكّد في أكثر من مناسبةٍ بأنّ الجيش الإسرائيليّ يُعاني من مشاكل عديدةٍ، لافِتًا إلى أنّه ليس قادرًا على القيام بعمليةٍ بريّةٍ لاحتلال قطاع غزّة.

ونبَّه إلى أنَّ “إسرائيل تُواجِه على عكس الحروب السابقة تهديدًا وجوديًا لم تواجهه من قبل، المدنيون سيتلقّون 3 آلاف صاروخ كلّ يوم ونحن لسنا مستعدّين لذلك”، على حدّ تعبيره.

وتابع قائلاً إنّ أوضاع قوات الجيش الإسرائيليّ هي الأسوأ منذ عشرات السنين، وبأنّ إسرائيل ستكون في ورطةٍ في أيّ حربٍ قادمةٍ، لافتقادها لجهوزية الحرب، مؤكّدًا أنّ وضع الجيش الإسرائيليّ في تدهورٍ، وأنّه منذ العام 1965 لم يشهد الجيش مثل هذا التراجع، بالإضافة إلى ذلك قال بريك: “هناك فجوات حرجة في الجيش، وهو في حالة تدهور، وأصبحت الثقافة التنظيميّة في أسوأ حالاتها، وفي الحرب القادمة سنكون في ورطةٍ”، على حدّ تعبيره.

وكما أثبتت الأحداث على أرض الواقِع، فإنّ إسرائيل الرسميّة، أوْ بالتحديد صُنّاع القرار في تل أبيب، يعرِفون يقينًا أنّ العمليّة البريّة في قطاع غزّة ستجبي أثمانًا باهظةً من جيش الاحتلال في عدد القتلى والجرحى، ولذا فإنّهم يمتنِعون عن القيام بعمليةٍ عسكريّةٍ واسعة النطاق، ومن المُهِّم التذكير في هذا السياق بأنّ أحد أهّم أسباب انتصار حزب الله في حرب لبنان الثانية، صيف العام 2006، هو هلع إسرائيل من الدخول بريًّا إلى الجنوب اللبنانيّ.

أمّا القضية الثانية، التي تؤكِّد عجز إسرائيل، فتكمن في تهديداتها المُتكرّرة بتصفية قادة المُقاومة في قطاع غزّة، وعلى نحوٍ خاصٍّ، القادة السياسيين لحركة المقاومة الإسلاميّة (حماس)، إذْ أثبتت الأيّام أنّ لهذه التهديدات لا يوجد أيّ رصيدٍ على أرض الواقع، لأنّ قواعد الاشتباك تغيّرت كثيرًا بين إسرائيل والمُقاومة، وتُقّر إسرائيل بأنّ حركة حماس وباقي التنظيمات في قطاع غزّة، لا يُقيمون وزنًا لتهديدات الاحتلال، كما تُشدّد المصادر في تل أبيب أنّ الردع الإسرائيليّ تآكل.

• تقرير: عمق العمليات الفدائية يوجع إسرائيل أمنيًا وعسكريًا

وفي هذا السياق، يجب التذكير بأنّ زعيم حزب (يسرائيل بيتينو)، المُتطرِّف والعنصريّ أفيغدور ليبرمان، الذي يشغل اليوم منصب وزير الماليّة، كان هدّدّ في الماضي غيرُ البعيد باغتيال القائد في (حماس)، إسماعيل هنيّة، خلال 48 ساعة من تسلّمه منصب وزير الأمن في حكومة الاحتلال.

وفعلاً وصل المُستجلّب من أوكرانيا إلى فلسطين، وصل إلى وزارة الأمن، ولكنّ تهديده لم يخرج إلى حيّز التنفيذ، الأمر الذي يؤكّد أنّ تهديدات قادة الدولة العبريّة لا تتعدّى كونها إلّا ذرٌ للرماد في العيون، ومُعدّةٌ للاستهلاك الداخليّ وطمأنة الرأي العّام في دولة الاحتلال، والذي بحسب الإحصائيات الرسميّة الإسرائيليّة بات يُعاني من رهاب حماس، أوْ مُتلازمة حماس، (حماس فوبيا).

وبحسب صحيفة (هآرتس)، سُجِّل ارتفاعٌ حادٌّ في عدد الإسرائيليين الذين يُعانون من حالاتٍ نفسيّةٍ صعبةٍ بسبب صواريخ حماس، كما قالت المصادر الرفيعة في تل أبيب للصحيفة العبريّة، التي أضافت أنّ الإسرائيليين باتوا يتوّجهون أكثر إلى المُعالجين النفسانيين بسبب الهلع من الصواريخ، وأنّ هذه الظاهرة تنتشِر كالنار في الهشيم، تحديدًا في مدن وبلدات ومستوطنات الإسرائيليّة الواقعة في جنوب كيان الاحتلال.

في الخلاصة، يُستشّف من مواكبة الإعلام العبريّ ومن تصريحات المسؤولين السياسيين والأمنيين في تل أبيب أنّ إسرائيل الرسميّة تُعوِّل كثيرًا على استمرار التهدئة مع المقاومة في قطاع غزّة، وأنّه خلافًا للماضي، لم تُسمع تصريحات وتهديدات بشنّ عمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ القطاع، وهذا الأمر يُعتبر تحولاً كبيرًا في موازين القوى وقواعد الاشتباك بين الطرفيْن، على الرغم من التفوّق الواضح لجيش الاحتلال.

(وكالات)

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن