الكاتب: حمدي فراج
انتصرت حركة طالبان بعد احتلال امريكي دام عشرين سنة ، شاء من شاء ، وأبى من أبى . وسينظر الآخرون الى هذا النصر من الزاوية التي يقف فيها كل واحد منهم ، وستتسم النظرات اجمالا رغم اختلافها ، بقدر وازن من الموضوعية.
البعض الأول سينظر الى هزيمة أمريكا اكثر بكثير من نصر طالبان ، و سيرى في الهزيمة مسمارا آخر في نعش أمريكا كقوة مهيمنة غاشمة ، و ربما نجد الصين و روسيا قد فتحت دفاترها عشية الهزيمة لتضعا دائرة حمراء حول الدولة التالية التي ستمنى فيها أمريكا بهزيمة مماثلة.
الهزيمة الامريكية ، كانت ماحقة شملت الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية و الإعلامية و الأخلاقية ، حتى ان إسرائيل خرجت بخلاصة ان حلفاء أمريكا في المنطقة ، يتساءلون : متى سيحين دورنا كي تتخلى أمريكا عنا ، وهذا يعيدنا الى ترامب الذي قالها بصراحة ان رفع الحماية عن السعودية يسقطها خلال ساعات او أيام.
البعض الثاني ، سينظر الى إمكانية احداث تغييرات جوهرية في حركة طالبان ، لكنه يريدها ان تبقى “إسلامية” تنتمي الى الدين الإسلامي الذي تدين به و تتسمى باسمه ، فينجح بعد ذلك في خلق حالة من التحالف بين الكيانين؛ الجمهورية الإسلامية في ايران ، وحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين ، صحيح ان اسلام ايران شيعي، وإسلام حماس اخواني ، ولكن لا ايران ولا حماس تتصرفان وفق هذا الوفق ، فايران دولة تقيم علاقاتها مع كل من يناصب أمريكا وإسرائيل العداء ، بمن في ذلك فنزويلا الشيوعية ، وحماس تعكف على التحلل من عبء الاخوان والتحول الى حركة تحرر وطني ، معتقدة ان الدين هو الوطن . و بناء عليه فإن نصر طالبان مرحب به مقدمة لإقامة علاقات تعاون علنية او حتى سرية.
البعض الثالث ينظر الى طالبان ، عدا انها إرهابية رجعية متخلفة، بالكاد تقبل الجلوس على الكراسي بدلا من افتراش الأرض ، وبالكاد تسمح للرجل باستخدام وسائل التواصل، فكيف للمرأة، فإن هذا البعض ينظر اليها انها حركة أمريكية بامتياز ، او على الأقل تدور في الفلك الأمريكي، و قد تآمرت على تنظيم القاعدة الذي أسسته أمريكا والسعودية لمحاربة السوفييت لدى دخولهم أفغانستان في ظل حكمها الشيوعي ابان نور طراقي و محمد نجيب الله الذي اختطفته طالبان واعدمته ، كما اعدمت تمثال بوذا الشاهد على عظمة الحضارة الإنسانية ، ما فعلته داعش والنصرة في سوريا والعراق على نحو يومي منهجي.
اما البعض الرابع ، فينظر الى طالبان باعتبار ما سيكون، وسيركز نظره الى اياديها اكثر بكثير من لسانها، فإذا كانت تحترم حقوق شعبها ، نساؤه قبل رجاله، في العيش الحر والكريم ، فإنها ستحظى بمحبته واحترامه ، دون ذلك، فان هذا الشعب سرعان ما سيتصدى لها.
في عام 2006 جرت انتخابات تشريعية في فلسطين تحت الاحتلال ، تنكر الشعب لقيادته التاريخية ممثلة في منظمة التحرير ، ومنح ثقته لحركة حماس المناهضة بأغلبية ساحقة ، ومنذ ذلك الوقت لم تجر أي انتخابات أخرى.