مواقف بكى فيها النبي صلّ الله عليه وسلم

محمد

“البكاء”، مشهد من مشاهد رقة القلب والشفقة لدى الإنسان، وخاصة بكاء الحبيب محمد صل الله عليه وسلم، حينما كانت تمرّ به المواقف المختلفة، فتهتزّ لأجلها مشاعره، وتفيض منها عيناه ويخفق معها فؤاده الطاهر .

فالنبى صل الله عليه وآله وسلم، صاحب أطهر وأرق قلب، يبكي وليس البكاء إلا رحمة فيدل على الرحمة التي وضعها الله في قلب حبيبه وصفيه.

وقد بكى النبي صل الله عليه وآله وسلم من أجلنا، فروي أن النبي صل الله عليه وآله وسلم، تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: {رب إنَّهُنَّ أَضٌلَلنَ كَثيِراً من النَّاسِ فَمَنٌ تبعني فإنّه مني} ، وقال عيسى عليه السلام: {إن تعذبهم فإنهم عبادك و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، فرفع النبي يديه وقال: “اللهم أمتي أمتي” وبكى.

فقال الله عز وجل: يا جبريل، إذهب إلى محمد، وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله. فأخبره رسول الله صل الله عليه وآله وسلم بما قال، وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل إذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.

وبكى النبي صل الله عليه وآله وسلم رحمة على “أسامة بن زيد”، عندما استشهد أبوه رحمة به، فعن ابن مسعود قال: لما قتل زيد بن حارثة؛ أبطأ أسامة عن النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم فلم يأته، ثم

جاءه بعد ذلك، فقام بين يدي النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم فدمعت عيناه، فبكى رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم، فلما نزفت دمعته قال النبي لم أبطأت عنا ثم جئت تحزننا؟، قال: فلما كان الغد جاءه، فلما رآه النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم مقبلًا قال: إني للاقٍ منك اليوم ما لقيت منك أمس فلما دنا دمعت عينه، فبكى رسول الل .

وفي يوم بدر بكى الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، لما عاتبه الله في أسرى بدر بقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} ، لما جاءه عمر وجده يبكي هو وأبو بكر تحت الشجرة، فقال: يا رسول الله! لم تبكيان؟ فإن وجدت ما يبكي بكيت، وإلا تباكيت.

كما كان يبكى صل الله عليه وآله وسلم إذا سمع آيات القرآن الكريم فكان يقول لـعبد الله بن مسعود: “اقرأ عليَّ القرآن، قال ابن مسعود : فقرأت عليه من سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً }؛ قال: حسبُك”كفاك” يابن مسعود؛ فنظرت إلى وجهه؛فإذا عنياه تذرفان”.

وبكى “المصطفى”، كذلك لما أوحى الله إليه باستشهاد شهداء مؤتة الثلاثة: “زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة”، وكان أشد بكاءً عند قتل أسد الله حمزة، وقتل السبعين من حفظة القرآن، وعند قبر أمه، وبكى على قبر ابنته، وبكى على مصعب بن عمير ، وبكى على عثمان بن مظعون ، وبكى عندما مر بديار الهالكين عليه الصلاة والسلام، وكان لا يملك دمعه صل الله عليه وآله وسلم رحمه بهم.

وتجلت مشاعر الأبوة في بكاء النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله عند وفاة إبنه إبراهيم، فلما قبض إبراهيم ابن النبي صل الله عليه وآله وسلم قال لهم النبي لا تدرجوه في أكفانه حتى أنظر إليه،

فأتاه فانكبّ عليه وبكى، وقال “والله يا إبراهيم إن الـعين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون”.

اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفا أثره إلى يوم الدين.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن