ميدل ايست آي: غزة على صفيح ساخن بعد شهرين من انتهاء الحرب عليها

ميدل ايست آي: غزة على صفيح ساخن بعد شهرين من انتهاء الحرب عليها
صورة توضيحية - أرشيف

بالرغم من مرور شهرين على توصل إسرائيل والفصائل الفلسطينية بغزة لوقف إطلاق نار بعد حرب استمرت 11 يوما، ما تزال الحياة متوقفة بالنسبة للكثيرين في قطاع غزة المحاصر.

وما يزال أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون في غزة يواجهون قيودًا إسرائيلية صارمة على دخول البضائع إلى القطاع، مما تسبب في ركود اقتصادي كبير يجعل إعادة الإعمار مستحيلة.

وفي حين نجحت الوساطة المصرية في وضع حد للقتل والدمار، إلا أن جهود القاهرة لم تنجح بعد في إعادة الوضع في غزة إلى مستويات ما قبل الحرب، بالرغم أن هذا الوضع كان مضطربًا وضاغطًا على شعب غزة الذي يعيش منذ 14 سنة تحت الحصار.

وفي ظل إصرار إسرائيل على ربط مسألة الواردات وإعادة الإعمار بالإفراج عن 4 إسرائيليين يعتقد أن “حماس” تحتجزهم، فإن هناك انقسامًا بين المحللين حول ما إذا كان الشلل المستمر في غزة يمكن أن يحفز المزيد من المواجهات في المستقبل القريب.

جهود إعادة الإعمار المعلقة

حذر المسؤولون في غزة من الآثار السلبية للقيود الإسرائيلية على جميع جوانب الحياة في القطاع الفلسطيني المحاصر، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات الفقر والبطالة.

وقال “رامي أبو الريش”، مدير عام التجارة والمعابر بوزارة الاقتصاد في غزة إن “إسرائيل لا تسمح بدخول أكثر من 30% من كميات السلع التي كانت تدخل غزة قبل اندلاع الحرب، مما تسبب في ارتفاع جنوني في الأسعار”.

ومنعت إسرائيل استيراد المواد الخام ومواد البناء والأجهزة والمعدات الكهربائية، فضلا عن المعدات الخشبية والمعدنية والبلاستيكية، مع فرض قيود صارمة على الصادرات، فيما وسمحت بتصدير كميات صغيرة فقط من المحاصيل والأسماك من القطاع.

وأضاف “أبو الريش” أن القيود أدت إلى حالة من الشلل في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية في غزة، مما أدى إلى ارتفاع البطالة إلى 75%.

ووفقا لوزارة الاقتصاد في غزة، فإن آلاف العمال فقدوا سبل عيشهم في الأشهر الأخيرة، سواء بسبب تدمير المرافق التجارية والصناعية أو تعليق الإنتاج بسبب الحصار والقيود بما في ذلك القيود البحرية المفروضة على صيد الأسماك للعمل.

وتعاني الشركات التجارية الفلسطينية في ظل احتجاز البضائع على الجانب الإسرائيلي من المعابر،. وقال “عادل حسين”، وهو مدير شركة تعمل في الطاقة الشمسية: “هناك شحنات كبيرة من السلع لشركتنا وغيرها من الشركات غير مسموح لها بالدخول، بالرغم من معاناة قطاع غزة بسبب انقطاع التيار الكهربائي والحاجة لأنظمة الطاقة الشمسية”.

ووفقا لتقديرات اللجنة العليا لإعادة الإعمار في غزة فإن الخسائر والأضرار الناجمة عن الحرب التي استمرت 11 يوما تقدر بحوالي 479 مليون دولار. ومع ذلك، يجادل “حسين” بأن التكلفة طويلة الأمد للحرب يصعب تحديدها.

وأضاف: “أصبحت الخسائر المباشرة الناجمة عن الحرب واضحة، ولكن هناك خسائر نتيجة للإغلاق، ولا أحد يتحدث عن ذلك، هناك تراجع اقتصادي كبير نتيجة للافتقار إلى العديد من السلع وضعف القوة الشرائية لدى المواطنين”.

وفي الوقت نفسه، تمنع إسرائيل دخول المساعدات القطرية التي تصل إلى حوالي 30 مليون دولار شهريا منذ مسيرات العودة والاحتجاجات التي رافقتها في عام 2018.

ومنعت إسرائيل “محمد العمادي”، وهو مسؤول في اللجنة القطرية لإعادة الإعمار، من جلب الأموال في حقيبة من خلال معبربيت حانون.

وزعمت إسرائيل أن آليات دخول المساعدات لغزة بحاجة إلى تغيير لضمان عدم وصولها إلى حركة “حماس”، وهي التغييرات التي رفضتها الحركة” حتى الآن.

وكانت بلدية مدينة غزة (وهي الأكبر في قطاع غزة) هي الأكثر تأثرا بالقيود المفروضة على الواردات. ووفقا لوزارة الأشغال العامة والإسكان في بلدية غزة، تم تدمير حوالي 1800 وحدة سكنية، بينما تضررت حوالي 16.800 وحدة سكنية جزئيا، ومن بين المباني المدمرة 5 أبراج و 74 منشأة عامة وحكومية و 66 مدرسة و3 مساجد.

وقال عضو مجلس البلدية “هشام سكيك” إن 13 مشروعًا جاريًا بالبنية التحتية قد تعرض للتوقف بعد اندلاع الحرب. وأضاف: “تشديد القيود المفروضة في معبر كرم أبو سالم (المعبر التجاري الوحيد إلى غزة) تسبب أيضا في عدم بدء حوالي 16 مشروعا للبنية التحتية، تم تمويلها قبل عامين وتم توقيع عقودها”.

وأضاف أن البلدية لم تتلق بعد الكثير من المساعدات الدولية اللازمة لمعالجة الأضرار التي تعرضت لها البنية التحتية بفعل الضربات الجوية الإسرائيلية خلال الحرب والتي تقدر بـ20 مليون دولار.

ويرى “أبو الريش” أن المستقبل قاتم، مع تدهور الوضع في غزة من سئ إلى أسوأ، وعدم وجود إشارة على حدوث تغيير قريب.

الضغط من أجل الأسرى

تستخدم إسرائيل القيود الصارمة على الواردات للضغط على “حماس” من أجل الإفراج عن 4 إسرائيليين، اثنان منهم متوفيان، والآخران يعتقد أن “حماس” تحتجزهما في غزة.

وبحسب ما أوردته التقارير، فإن “حماس” تتحفظ على جثتي الجنديين الإسرائيليين “أرون شاؤول” و”هدار جولدين” منذ حرب 2014، كما يعتقد أنها تحتجز المدنيين الإسرائيليين “أفيرا مينجيستو” و”هشام السيد”، اللذين دخلا إلى غزة في عامي 2014 و 2015 على التوالي.

وأصرت “حماس” على أن إطلاق سراح هؤلاء سيكون في إطار صفقة لتبادل الأسرى مماثلة لصفقة “شاليط” في 2011، حيث تم إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط” مقابل 1027 فلسطينيا مسجونًا لدى إسرائيل.

ورغم أن مصر تقود جهود الوساطة، إلا إن مسؤولين فلسطينيين قالوا إنه لا يوجد تقدم ملموس حتى الآن.

وفي المقابل، سعت “حماس” والفصائل المتحالفة معها في غزة في الأيام الأخيرة لممارسة الضغط على إسرائيل من خلال إحياء أنشطة ما يسمى “الإرباك الليلي”، والتي تم تنفيذها خلال مسيرات العودة على طول السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، مثل حرق الإطارات وإطلاق البالونات الحارقة تجاه المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.

مخاطر تجدد الصراع

ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن المسؤولين العسكريين والأمنيين في البلاد يحذرون من تجدد المواجهة مع “حماس” في حالة استمرار عرقلة دخول المساعدات القطرية إلى غزة وجمود محادثات صفقة الأسرى، واستمرار التوترات في القدس الشرقية المحتلة وخاصة حول المسجد الأقصى.

وحذر الناطق باسم “حماس”؛ “عبد اللطيف القانوع” من أن “المزيد من القيود المفروضة على غزة ستولد انفجارًا بوجه الاحتلال فحسب”.

لكن المحلل السياسي الفلسطيني “حسن عبده” يستبعد استئناف مواجهة عسكرية واسعة النطاق مع إسرائيل على المدى القريب.

وأضاف: “الواقع على الأرض في غزة بعد الحرب الأخيرة لا يسمح بجولة جديدة من المواجهة. ومن ناحية أخرى، فإن الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت هي حكومة هشة تخشى أن تؤدي أي مواجهات مع غزة لانهيارها”.

ومع ذلك، لم يستبعد “عبده” احتمال أن تؤدي القيود الإسرائيلية المستمرة على غزة إلى عودة ظهور “مسيرات العودة” وظهور أشكال جديدة من المقاومة للاحتلال.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن