نيويورك تايمز: جامعو القمامة في الموصل يتحولون إلى جامعي جثث

نيويورك تايمز: جامعو القمامة في الموصل يتحولون إلى جامعي جثث

لعمال القمامة في الموصل شمال العراق مهمة أخرى؛ تتمثل في جمع الجثث التي ما زال الكثير منها مطموراً بين ركام المنازل التي دمّرتها الحرب على تنظيم “داعش”، الذي كان يسيطر على المدينة لأكثر من ثلاث سنوات.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تناولت في تقرير مصور جانباً من عمل عُمال جمع القمامة في الموصل، الذين تحولوا إلى جامعي جثث، عندما تمكنوا من جمع رفات العديد من الجثث خلال عملهم.

يقوم عُمال جمع القمامة بعد العثور على أي جثة بوضعها في كيس، ومن ثم تصوير ما تبقى من تلك الجثة لتقديمها إلى أي شخص يبحث عن مفقود من أهله، رغم أن الكثير من الجثث التي مضى عليها أشهر وهي مدفونة تحت الركام بات من الصعوبة إمكانية التعرّف عليها، خاصة أن لا أحد يهتم بأخذ الـ “دِ إن إي” الخاص بكل جثة يُعثر عليها، لتنقل الجثث بعد ذلك إلى حفرة كبيرة في حافة المدينة لتُدفن هناك.

مجموعة أخرى من الجثث عُثر عليها في أحد الأحياء بالموصل القديمة يُعتقد أنها تابعة لمقاتلي تنظيم داعش، حيث رُفعت ودُفنت في مقبرة جماعية.

وبحسب عُمال في المدينة، فإنهم جمعوا منذ أغسطس الماضي نحو 950 جثة، ويبدو أن العديد ما زال مدفوناً بين ركام المنازل.

حاولت بلدية الموصل، عقب طرد تنظيم “داعش” من المدينة قبل عام تقريباً، مواكبة عودة الأهالي إلى المدينة، غير أن جهودها كانت ضعيفة بسبب النقص الهائل في معدّاتها وإمكانياتها، ما دفعها للاستعانة بعدد من الرجال للعمل في جمع القمامة.

تشير الصحيفة في تحقيقها إلى أنه “مع عودة السكان إلى المدينة كانت النفايات تتكدس في كل مكان، لقد كانت نهاية معركة شرسة وطويلة، وبالإضافة إلى المكبات التي كانت معروفة في المدينة ظهرت مكبات أخرى غير رسمية في جميع أنحاء المدينة؛ بسبب تكدس النفايات وغياب شاحنات نقل النفايات”.

وتتابع القول: “أثناء محاولتهم الدفاع عن المدينة لجأ مقاتلو تنظيم داعش لاستخدام شاحنات النفايات لإغلاق الطرق، بل إن بعض الشاحنات تم تفخيخها، وخلال المعركة لتحرير المدينة من قبضة التنظيم قامت طائرات التحالف الدولي بتدمير العشرات من تلك الشاحنات”.

في المكب الرئيسي للنفايات في الموصل ينقب بعض فقراء المدينة بين النفايات بحثاً عن شيء يمكن أن يستفيدوا منه، رغم الرائحة الكريهة التي تنبعث من المكان، ورغم عمليات حرق النفايات التي تجري في جانب آخر من مكب النفايات الرئيسي.

غالبية من يأتي إلى هناك هم الأطفال، حاملين معهم قضبان حديد لنبش القمامة، وكثيراً ما كانوا يشجعون بعضهم البعض على أمل العثور على كنز بين هذا الركام الهائل من النفايات.

بالإضافة إلى الأطفال هناك شريحة من النساء الفقيرات ممن يأتين إلى هذا المكان بحثاً عما يمكن أن يستفدن منه، تقول إحدى النساء إنهن كن ممنوعات من مزاولة أي عمل إبّان حكم تنظيم داعش.

جولة البحث تلك تنتهي غالباً بالعثور على بقايا جسد بشري متناثر بين النفايات، حيث يجري جمع بقايا الجثة لنقلها إلى مقبرة قريبة، هي عبارة عن حفرة حُفرت بشكل عشوائي لدفن بقايا الجثث التي يُعثر عليها، كما يوضح التقرير.

بعض الجثث التي يُعثر عليها من قبل عُمال جمع القمامة تعود إلى مدنيين، ويبدو أن هؤلاء العُمال باتت لديهم القدرة على التمييز بين جثة مدني أو جثة مقاتل من داعش.

في حالة العثور على جثث يُعتقد أنها تعود لشخص مدني يقوم عُمال جمع القمامة بنقلها إلى المشرحة.

ويتابع: “الرائحة الكريهة غالباً ما تكون دليلاً على مكان يضم جثثاً، فهي كثيراً ما كانت تقود عُمال جمع النفايات إلى أماكن تضم جثثاً تحت ركامها، وكثيراً ما تكرّر هذا الأمر في الموصل القديمة، التي شهدت أعنف المواجهات بين مقاتلي التنظيم والقوات العراقية”.

يستدل عُمال جمع القمامة على جثث مقاتلي داعش من خلال عدة علامات؛ منها اللحى الطويلة، والملابس، والأحذية الرياضية التي تكون جديدة نسبياً وكانت تميز مقاتلي التنظيم، وخاصة عند نقاط التفتيش داخل المدينة.

يشير تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أنه في ركام أحد المنازل على ضفة نهر دجلة عُثر على غرفة امتلأت بنحو 30 جثة مكدسة بعضها فوق بعض، لا أحد يعرف عائدية تلك الجثث، حيث قال بعض الأهالي إنها قد تكون تابعة لمقاتلي داعش، أو قد تكون عائدة لضحايا أعدمهم التنظيم.

العديد من الأحياء السكنية في الموصل القديمة، وبعد نحو عام على تحريرها من داعش، ما زالت عبارة عن أنقاض، حيث يُعتقد أن هناك الكثير من الجثث التي ما زالت مطمورة تحتها بانتظار من يأتي لرفعها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن