نيويورك تايمز/ لماذا نسي العالم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

صعد ممثلان مسنان على المسرح، الواحد تلو الآخر، في مسرحية مستمرة منذ فترة طويلة والتي بدأت في خسارة جمهورها.

بينما سرد القادة الإسرائيليون والفلسطينيون سطورهم في القاعة الكبرى للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس، تعرف الكثير من الحاضرين على السيناريو.

وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتهاماً بأنها “جرائم شنيعة، كارثة تاريخية.”

رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نيتنياهو قائلاً: تعصب، همجية.

إن عباس ونيتنياهو في هذه الحالة منذ وقت طويل لدرجة أنهما خاطبا المنظمة الدولية 19 مرة, كل عام، حيث يداهنان ويلقيان محاضرات ويحذران المجتمع الدولي ويشعرانه بالذنب لكي يرى جانبهم من الصراع الدموي بين الشعبين. تمتلئ خطاباتهما بالتظلم وتعج بالسخط، حيث يستدعيان أشباح الماضي من مئات وربما آلاف السنين لكي يُقيما حُجتهما.

في حين أن كل عام يجد تحريفاً جديداً، والذي يكون في أكثر الأحيان غير ملحوظ, وفي بعض الأحيان مثيرا للفتنة, إلا أن الجدال مستمر منذ فترة طويلة لدرجة أن العالم بدأ في المضي قدماً.حيثما كان يهيمن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني من قبل على الإجتماع السنوي للأمم المتحدة، أصبح هذا العام عرضاً جانبياً حيث يتنافس نيتنياهو وعباس لجذب الإنتباه من الأزمات التي تبدو أكثر إلحاحاً مثل الحرب الأهلية في سوريا وتهديد تنظيم الدولة الإسلامية.

قالت مارا رودمان, النائب السابق للمبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط في عهد الرئيس أوباما، هناك أوقات يركز فيها العالم بأسره على ما يقولانه ويكونا اللاعبين البارزين.في عام مثل هذا, ليسا اللاعبين البارزين على ذلك المسرح العالمي.لكنهما لا يزالا اللاعبين البارزين في بلادهما, ولا يزال هذا مسرحاً كبيراً لشعبيهما.”

بخلاف الناخبين في بلادهما، كلا الرجلين لديهما جمهور مستهدف من شخص واحد هذا العام:أوباما.

مع تبقي أربعة أشهر على مدة ولايته, يفكر الرئيس في أن يطلب من مجلس الأمن وضع معايير لحل الصراع على أمل الدفع لبدء العملية السلام الخامدة.

قال فيليب جوردون، المنسق السابق لشئون الشرق الأوسط في إدارة أوباما، كلا الجانبان يريد المساهمة في المجتمع الدولي قبل الآخر وطرح جانبه من القصة.

رفض نيتنياهو بشدة أي جهد من هذا النوع لكونه تدخلاً لا يُحتمل، لقد أخبر الدبلوماسيين المجتمعين، حن لن نقبل أية محاولة من طرف الأمم المتحدة لإملاء شروط على إسرائيل، إن الطريق المؤدي للسلام يمر عبر القدس ورام الله وليس عبر نيويورك.

قال عباس, من جانبه، إنه سيطلب قراراً من مجلس الأمن يدين المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

قال مشيراً إلى الأمريكيين الذين اعترضوا على إصدار قرارات تستهدف إسرائيل في الماضي، نحن نأمل ألا يستخدم أحد حق الفيتو.

حاول كل قائد أن يضع نفسه في موضع رجل السلام الذي لا يستطيع أن يجد شريك يتفاوض معه.

رحب عباس بمبادرة السلام الفرنسية ودعا لعقد مؤتمر دولي بنهاية العام،ورحب نيتنياهو بمبادرة مصرية واقترح أن يخاطب هو وعباس برلمانات بعضهما البعض.

لكنهما أمضيا الكثير من وقتهما على المسرح في سرد إتهاماتهما ضد الجانب الآخر.

تحدث عباس عن الأعمال الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل, من بينها الإستيلاء على الأرض الفلسطينية, وهدم المنازل الفلسطينية، وحصار غزة والإستفزازات المختلفة في الأماكن المقدسة للمسلمين.

تذمر نيتنياهو من الأطفال الفلسطينيين الذي ادعى انهم يتشربون الكراهية من القادة الذين تحدثوا عن تفجير قنبلة نووية في إسرائيل, وقطع أعناق الإسرائيليين والترحيب بكل قطرة دماء تُراق في القدس.

قال خالد الجندي, المستشار السابق للقيادة الفلسطينية في مفاوضات السلام، إنهم يعيدون سرد رواياتهم التاريخية في كل مرة يصعدون إلى المنصة.يتم تعديلها لكي تناسب كل لحظة فردية, لكن المقصد الأساسي واحد.

مثلما يحدث في كثير من الأحيان في الشرق الأوسط، سرعان ما تحول الجدل حول الحاضر والمستقبل إلى جدل حول الماضي.أدان عباس إعلان بلفور الفاضح, وهو القرار الذي أصدرته بريطانيا عام 1917، والتي كانت تحكم المنطقة في ذلك الوقت، لكي تدعم إقامة وطن لليهود في فلسطين.طالب عباس بــ إعتذار للشعب الفلسطيني عن الكوارثوالمآسي والظُلم التي تسبب بها هذا تناول نيتنياهو الحديث من تلك النقطة.

قال هل يمزح؟هل يؤخذ هذا على محمل الجد هنا؟ قال أن تصريحات نظيره أثبتت أن الصراع لا يتعلق بالمستوطنات، وإنما بحق إسرائيل في الوجود.

كانت هذه الخطابات على مر السنين درامية في كثير من الأحيان،احتشدت الجماهير في شوارع رام الله حتى تشاهد على شاشات التلفاز الضخمة عباس وهو يطلب عضوية الأمم المتحدة أو يشير إلى رفع العلم الفلسطيني على مبنى الأمم المتحدة.

جذب نيتنياهو الإنتباه وبعض السخرية  منذ بضعة سنوات عندما حمل رسماً كاريكاتورياً لقنبلة لكي يوضح مخاوفه من حصول إيران على سلاح نووي.

في العام الماضي، انتقد المنظمة الدولية بشدة بسبب سكوتها فيما يتعلق بالتهديدات الإيرانية لإسرائيل, ثم صمت لمدة 45 ثانية لتوضيح مقصده.

نشرت صحيفة جوراسليم بوست سؤالاً للقراء هذا الأسبوع ماذا ستكون حيلة نيتنياهو في الأمم المتحدة هذا العام؟

قد يكون من الصعب على هؤلاء العارضين المحنكين أن يجدوا طرق جديدة لجذب الإنتباه.بالنسبة إلى عباس, كان خطابه يوم الخميس هو الحادي عشر الذي يلقيه مباشرة أمام الجمعية العامة منذ 2006.

بالنسبة إلى نيتنياهو،كان الخطاب الثامن، منذ فترته الأولى في المنصب، بدون إحتساب منصبه السابق كسفير لإسرائيل في الأمم المتحدة.

نيتنياهو كان لديه علاقة صدامية على نحو خاص مع الأمم المتحدة, وهذا العام لم يكن استثناءاً.قال, لقد وقفت على نفس هذه المنصة العام تلو الآخر وانتقدت الأمم المتحدة على إنحيازها المفرط ضد إسرائيل والأمم المتحدة استحقت كل كلمة قاسية.

لقد أشار إلى خزي الجمعية العامة والمزحة التي تُسمى مجلس حقوق الإنسان وسيرك منظمة اليونيسكو.

قال إن الأمم المتحدة التي بدأت كقوة أخلاقية أصبحت مهزلة أخلاقية.

لكن بالإشارة إلى علاقات إسرائيل المتنامية مع الدول العربية, وأفريقيا وآسيا تنبأ نيتنياهو بأن الأمم المتحدة سوف تتغير, مشبهاً إياها بآخر جندي ياباني خرج من الغابة بعد ثلاثة عقود من إنتهاء الحرب العالمية الثانية.

مع هذا, لم يكن الدبلوماسيون مستعدين لإحتواء إسرائيل, وإنما كانوا مركزين على أمور أخرى.

لم يمر الأمر مرور الكرام في القدس أن أوباما منح جملة واحدة فقط للقضية الإسرائيلية – الفلسطينية في خطابه الأخير أمام الأمم المتحدة كرئيس, مقارنة ببعض السنوات عندما أحتل الموضوع ما يصل إلى ربع خطابه.

العام القادم طبعاً لن يكون أوباما موجوداً.لكن عباس ونيتنياهو ربما يعودان.قال الجندي وسوف نسمع خطابات مماثلة لما سمعناه هذا العام.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن