هل أصبح حفتر صداعًا لـ واشنطن في ليبيا؟

حفتر

ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لا يعرفون ماذا يفعلون حيال الجنرال الليبي خليفة حفتر، الذي يهدد رفضه مساعي هذه الدول لتثبيت أركان حكومة الوفاق.

ونقلت الصحيفة عن باراك بارفي، الباحث في معهد “أمريكا الجديدة”في واشنطن قوله إن حفتر يهدد العديد من المبادرات المدعومة من الغرب في ليبيا ويهدد أيضاً عملية إنشاء سلطة سياسية معترف بها.

مضيفًا حفتر لا يملك القوة الكافية في ساحة المعركة للوفاء بوعوده بهزيمة الإسلاميين، ولكنه يمكن أن يمثل عائقاً في سبيل ذلك.

وقال مسؤول أمريكي كبير سابق، طلب عدم الكشف عن هويته، إن اتصالات حفتر عبر منطقة الشرق الأوسط وخارجها جعلت من الصعب على إدارة الرئيس أوباما وضع استراتيجية لمواجهته أو استمالته” مضيفًا الحكومة الأمريكية ليس لديها القدرة على تهميش حفتر أو استيعابه.

وأشارت الصحيفة إلى أن الضابط العسكري خليفة حفتر كان مخلصاً للعقيد القذافي حتى العام 1987 عندما تم إلقاء القبض عليه وعلى أربعمائة آخرين من قبل قوات مناوئة للقذافي في دولة تشاد المجاورة.

وتحول حفتر ضد القذافي عندما تنكر للحرب الفاشلة في تشاد وأسرى الحرب الليبيين بمن فيهم حفتر نفسه، وحينها انضم حفتر إلى جبهة الإنقاذ الوطني الليبية المعارضة، المدعومة من الولايات المتحدة، التي كانت تهدف للإطاحة بالقذافي.

وقالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكي حينها، رونالد ريغان، صادق على عملية سرية تُعرف باسم “تيوليب” لتقديم الدعم العسكري لجماعات المعارضة الليبية بهدف التخلص من القذافي؛ حيث أقام القذافي صلات مع جماعات إرهابية وتحالف مع الروس، ووصفه الرئيس ريغان بـ “الكلب المسعور في الشرق الأوسط.”

وبدأت اتصالات رجال حفتر مع عملاء المخابرات الأمريكية “سي آي إيه” في تشاد، وفقاً لما ذكره العديد من المسؤولين السابقين الذين شاركوا في العملية السرية الأمريكية ضد القذافي.

ووفقاً لما ذكره أحد المسؤولين السابقين بالعملية، فقد تم تدريب جنود حفتر على يد ضباط من فرقة النشاطات الخاصة التابعة لـ”سي آي إيه” وهي تمثل الذراع شبه العسكري لوكالة المخابرات.

ووصف المسؤول السابق حفتر بأنه جندي قوي وذو خبرة، “فهو رجل عنيد ولكنه عاقل”.

لكن محاولة الانقلاب الأمريكية ضد القذافي لم تحقق أهدافها، واضطر المسؤولون الأمريكيون إلى إنقاذ جنود حفتر بعدما قرر الرئيس الجديد لدولة تشاد التخلص منهم. وتم نقلهم أولاً إلى نيجيريا ومن ثم إلى زائير، ولكن بدا أن لا أحد من القادة الأفارقة يريدهم في بلاده.

وقال مسؤول سابق بالمخابرات: “كان تاريخًا طويلا ومحزنًا في محاولة لإخراجهم والعثور على مكان يعيشون فيه” وبعد ستة أشهر نقلت طائرة عسكرية أمريكية 350 من المعارضين الليبيين إلى الولايات المتحدة، وواصل بعضهم، ومن بينهم حفتر، التدريب على الأسلحة في ريف ولاية فرجينيا استعداداً لمحاولة انقلاب جديدة ضد القذافي. وانفصل فيما بعد عن جبهة الإنقاذ الوطني الليبية، ولكنه ظل ناشطاً في دوائر المعارضة.

وعاد حفتر إلى ليبيا بعد اندلاع ثورة 2011 ولكنه فشل في الحصول على دعم قادة الثوار ليقود العمليات العسكرية ضد القذافي، ولذلك عاد إلى فرجينيا مرة أخرى.

وفي فبراير 2014 نشر حفتر فيديو أعلن فيه أنه قام بانقلاب عسكري، وهاجم الحكومة المركزية في ذلك الوقت، لعدم قدرتها على مواجهة الجماعات الإسلامية المسلحة، التي زادت قوتها بعد الثورة.

وقال مسؤول سابق في الخارجية الأمريكية بدأ الجميع يتساءلون، هل هذه نكتة؟. هذا الرجل يعيش في فيينا (يعني الحي الذي يقيم فيه حفتر بفيرجينيا) منذ وقت طويل. ولم تنجح محاولته هذه.

وأطلق حفتر، بعد ذلك بوقت قصير وبدعم من الفصائل القبلية والسياسية، عملية الكرامة التي هدفت إلى إخراج الجماعات المتشددة بما في ذلك جماعة أنصار الشريعة المُتهمة بمهاجمة طاقم القنصلية الأمريكية في بنغازي العام 2012.

ونظراً لتوسع الأزمة السياسية في ليبيا قام البرلمان الليبي، الموجود في مدينة طبرق شرق البلاد، بتعيينه قائداً أعلى للقوات الليبية.

وحظيت عمليات حفتر بدعم الليبيين المحبطين من تفشي أعمال الفوضى والجريمة، وقال محمد الجرح، الباحث في المجلس الأطلسي الناس في شرق ليبيا يعتبرونه بطلاً وشخصاً قادرًا على المبادرة عندما فشل الآخرون في القيام بذلك مضيفاً هذا ما أكسبه الثقة والمصداقية والشعبية.

وقال العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر إنهم قدموا آلاف الضحايا ولكنهم نجحوا في إضعاف عدد كبير من الجماعات المسلحة.

وقالت الصحيفة إن حملة حفتر التي لم تحقق حسمًا عسكريًا وتركت معظم بنغازي في حالة يرثى لها وعرضت حياة المدنيين للخطر غذت أيضاً الانقسامات بين الليبيين، واشتبكت القوات المتحالفة مع حفتر في أكثر من مناسبة مع مقاتلين متحالفين حالياً مع الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة.

وتلقى الجنرال حفتر الدعم من حلفاء أقوياء في الشرق الأوسط وخارجه شجعوا حملته ضد المتشددين في شرق ليبيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الفرنسية تستخدم قاعدة بنينا الجوية في بنغازي والتي تتمركز فيها أيضاً قوات حفتر، ورغم عدم وضوح طبيعة العلاقة مع الفرنسيين إلا أن حفتر استفاد من فكرة الدعم الخارجي.

وذكرت الصحيفة أن هناك من قارن حفتر بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يشارك الليبيين رغبتهم في سحق الجماعات المتشددة بالمنطقة.

وقال فردريك ويهري، الخبير في شؤون ليبيا بمعهد كارنيجي للسلام العالمي، إن حفتر كان قادرًا على استثمار أداء عسكري متفاوت وتحويله إلى نفوذ سياسي الدعم الإقليمي يعد عاملاً مهماً بالنسبة له.

ورفض حفتر، مثل العديد من القادة السياسيين الآخرين في شرق ليبيا، دعم حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس قبل أن تحظى بموافقة البرلمان الليبي المعترف به في مدينة طبرق الواقعة شرق البلاد.

وترى الصحيفة أن رفض حفتر دعم حكومة الوحدة الوطنية مرتبط في جوهره بمستقبله وخطط حكومة الوحدة التي قد تجرّده من منصبه.

ونفى المسماري اهتمام حفتر وقواته بالسياسة، قائلاً إنهم يريدون حماية ليبيا من الحكومة الجديدة التي ترتبط بجماعات إسلامية” مضيفا “نحن عسكريون، ومهمتنا هي توفير الأمن في ليبيا.

ورأت الصحيفة أن الدبلوماسيين الأمريكيين لا يأملون كثيراً في حفتر ولكنهم لا يتوقعون مستقبلاً لليبيا بدونه، ولهذا يأمل المسؤولون الأمريكيون في تأمين منصب عسكري له ضمن حكومة الوحدة الوطنية، إلا أنه يبدو من المستبعد قبول الجنرال بلعب دور ثانوي”.

وفي الأسبوع الماضي اعترف مبعوث الأمم المتحدة الى ليبيا بأن دعم حكومة الوحدة الوطنية، الغارقة في الاقتتال، يتلاشى إلى حد كبير، مما يهدد بانهيار المشروع الغربي في ليبيا وخلق فرص لصراع أهلي ونشاط إرهابي طويل الأمد.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن