هل تبرد الحرب بفعل التهدئة؟

دبابات

لولا استمرار تصنيع الصواريخ المحلية متوسطة المدى في قطاع غزة تحت النار، لقلنا إن الحرب على غزة انتهت عند اليوم الأول للتهدئة المؤقتة قبل سبعة أيام، بفعل التسويف الاسرائيلي المتعلق بتنفيذ شروط المقاومة الفلسطينية التي تطرح في القاهرة، بمقابل وقف إطلاق النار.

صحيح أن قرار تمديد التهدئة الأخير خمسة ايام جديدة لتصبح مدتها الكاملة (11 يوما)، يعطي المقاتلين استراحة بسيطة ويخلق حالة من السكون على المستوى الشعبي، بعد أكثر من شهر على العدوان الذي انطلق في السابع من تموز الماضي، إلا أنه على المستوى السياسي ينظر له البعض على أنه سيبطل جذوة التعاطف الدولي، وسيخفض من سقف مطالب المقاومة.

وراحت حركة الجهاد الاسلامي تفسر التهدئة بصفتها مطلب اسرائيلي، بأنها محاولة يائسة من الاحتلال للتشويش على انتصار الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة. ووفق ما جاء على لسان يوسف الحساينة المتحدث باسم الجهاد، فإن الفلسطينيين بحاجة الآن إلى الاتفاق على برنامج وطني مقاوم قادر على صنع الانجازات الوطنية، مؤكدا ان المقاومة متماسكة في الميدان العسكري وأيديها على الزناد، في انتظار ما ستؤول إليه المباحثات السياسية.

وإن كان بعض المحللين السياسيين ومنهم حسام الدجني، يرون أن وتيرة العدوان قد لا تعود كما كانت عليه في السابق حال فشل التهدئة، لكن السؤال الأهم: من يضمن السيطرة على الميدان؟، إذا ما اخذ بالاعتبار أننا نقيم فوق رمال متحركة، وأن المقاومة قد تقلب الطاولة في أي لحظة بوجه الاحتلال، الذي يرفض الاستجابة الى مطالبها، خصوصا الاستراتيجية (المطار-الميناء).

محليا يحتدم الجدل حول مدى جدوى هذه التهدئة، لكن الفصائل الفلسطينية التي غادرت القاهرة للتشاور مع مرجعياتها في كل من غزة ورام الله والدوحة، لم تفصح حقيقية ما كان يدور في مباحثاتها، وما مدى استجابة الاحتلال للمطالب الفلسطينية المتعلقة بإقامة ميناء بحري، وتشييد مطار دولي، وفتح كل المعابر ورفع الحصار عن غزة.

وقد زعمت (إسرائيل) أن القضايا الاستراتيجية كالمطار والميناء، ضمن قضايا الحل النهائي، غير ان الفصائل الفلسطينية -بما فيها حركة فتح-ترى أن هذين المطلبان ضروريان، ولا يمكن التنازل عنهما. وقال عضو اللجنة المركزية لفتح نبيل شعث “ان اعتبار الميناء والمطار من قضايا الحل النهائي لهو كلام فارغ، خصوصا وان نتنياهو وشارون وافقان عليه في مفاوضات(واي ريفر) سنة 1998″.

في المقابل وعلى المستوى العسكري، تؤكد مصادر ميدانية في كتائب القسام لـ”الرسالة نت” أن العناصر على الارض لم تزل في كمائنها وثغورها، رغم سريان التهدئة، مشيرة إلى أنها اوعزت إلى عناصرها بالبقاء على الجهوزية التامة للتعامل مع أي خرق أو طارئ.

المصادر نفسها، أخبرت عن أنها مرتبطة بالقرار السياسي، لكنها أيضا تتفاعل حسب متغيرات الميدان، بمعنى أنها لا تزال تُبقي على حالة استنفار قصوى وتصنيع الصواريخ بما يفوق انتاجه اليومي (أكثر من 100 صاروخ)، ومقاتليها في كمائنهم قد أعدوا حقائبهم نحو الآخرة.

هذا الثبات في الموقف بالنسبة للمقاومة، يرى فيه مراقبون انه سيساعدها حتما في فرض شروطها على الاحتلال، حتى تحقق انجازا سياسيا لم تستطع مباحثات التسوية على مدار عشرين عاماً من تحقيقه، باعتراف قادة في السلطة الفلسطينية، التي تأسست بموجب اتفاق السلام (اسلو) 1993.

صحيح أن التصريحات المتصلبة الصادرة عن الطرفين تؤشر إلى صعوبة وقسوة المفاوضات لكن يبدو أن المقاومة و(إسرائيل) ستضطران في نهاية الأمر إلى التوصل لتسويات تتعلق ببعض المواقف الأولية. لكن الامر يستوجب الإبقاء على البندقية مع معركة المباحثات.

ولهذا دعا الخبير العسكري يوسف الشرقاوي المقاومة الفلسطينية إلى ضرورة الحفاظ على انجازاتها العسكرية خلال الحرب، وألا تعطي فرصة كبيرة للمفاوضات، التي قال ان القاهرة تستغلها لصالح الاحتلال أكثر منه لصالح الشعب الفلسطيني.

وقال الشرقاوي لـ”الرسالة نت”: “المشكلة أن الوفد الفلسطيني في القاهرة ليس موحدا، وهناك مصالح لدى المقاومة تتعارض مع مصالح بعض الفصائل الأخرى التي تربطها علاقات حميمية مع القاهرة، وبالتالي فإن هذا ما سيضعف موقف المقاومة وربما يدفعا القبول بأقل مما كانت تطالب به”، معبرا عن اعتقاده بان التمديد جاء لصالح الاحتلال لغاية ان تبرد الحرب.

واضاف الشرقاوي: “لا أشجع على التهدئة بالمطلق، ولكن في المقابل اعتقد أن المقاومة تحتفظ بالكثير من أوراق القوة، واستمرار التهدئة لن يدفعها للتراجع عما كانت عليه في السابق من حيوية في الميدان”.

نقلا عن الرسالة نت

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن