هل هناك حرب قريبة على غزة؟!

الكاتب/ إبراهيم المدهون
الكاتب/ إبراهيم المدهون

الكاتب/ إبراهيم المدهون

الحصار المفروض على قطاع غزة الآن أسوأ من الحرب وأكثر قسوة وإجراماً. فالحرب قد تستمر أسبوعاً أو شهراً ثم يأكل الناس ويشربون ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، أما حصار اليوم فهو قتل للحياة في قطاع غزة وممارسة حرب نفسية وعملية قهر لا تطاق، لهذا هناك توجه بدأ بالتزايد لدى أهالي قطاع غزة والفصائل أنهم يفضلون المواجهة العسكرية مع الاحتلال على هذا الواقع الكئيب، والغالبية السكانية مع أن تبادر المقاومة بعملية كبيرة تستطيع من خلالها تحريك المياه الراكدة.

كتائب القسام حينما أعلنت أنها لن تقبل بحصار وتجويع غزة وحذرت رفع الحصار أو الانفجار كانت دقيقة ومُحددة؛ أن هذا الواقع لن يستمر وعلى الأطراف المعنية التفكير ملياً بهذه الجملة لأنها تعني بما لا يدع مجالاً للشك أن حماس قادرة على خلط الأوراق وتغيير المعادلة، وتفجير المواجهة مع الاحتلال في الوقت الذي تريده.

الحروب صوت السياسة، وجميع الاحتمالات مطروحة والواقع اليوم معقد، والأزمة تشتد ونُذر الحرب ترتفع إلا أننا لسنا مقبلين على حرب قوية مع الاحتلال لو تم تخفيف الحصار أو رفعه بالكلية، لعدة أسباب، اولها أن تكلفة العدوان على غزة باهظة، كما أن الظروف الإقليمية غير جاهزة لتفجير الواقع الفلسطيني، فالاحتلال يدرك أنه يعيش نعيم الهدوء والاستقرار في ظل محيط يشتعل بالنيران، ويعمل بشكل متسارع على إنهاء مشروع تهويد ما يمكن تهويده في الضفة الغربية.

كما أن بنية الاحتلال غير جاهزة للحرب، فلم يعد الأمر سهلاً وإنما يحتاج لتهيئة الجبهة الداخلية وحشد الحشود والجنود، بالإضافة لإقناع العالم والتنسيق معه وتحديد الأهداف من أي حملة أو عدوان، وهذا لم يتم بعد، فلا يستطيع العدو أن يشن حرباً وعدواناً كل عام أو عامين.

نتنياهو يدرك أيضاً أنه لن يستطيع تحقيق أهدافه إلا في حالة إعادة احتلال القطاع بالكامل، وهذا ما لا يريده أحد في الإدارة الصهيونية؛ للتكلفة العالية بعد تنامي قدرة المقاومة وقدرتها على إطالة أمد الحرب وإيقاع الخسائر ونقل المعركة لضرب الجبهة الداخلية للاحتلال، وفي الوقت نفسه الاكتفاء بضرب غزة من الجو لا يحقق أياً من أهداف العدوان، فالمقاومة محصنة وبعيدة عن أعين وأجهزة العدو، ولا يمكن إصابتها بسهولة، وستسمر في قصف صواريخها بسهولة ويسر وكثافة كما حدث في السجيل والعصف المأكول.

ما يميز المقاومة الفلسطينية في غزة أنها منظمة ومسيسة وموجهة وتحمل رؤية تخطيطية متكاملة، فلم تعد عفوية ومنفلتة، ولن توفر أي مبررات تعطي الذريعة لشن حرب همجية على غزة، فهي منضبطة بالتهدئة وتقوم بما عليها من إعداد وتجهيز وتقوية وترتيب وتخطيط، وفي الوقت نفسه لا تخترق أياً من شروط التهدئة.

بالتأكيد حركة حماس لا تريد المواجهة العسكرية في الوقت الحالي، ولا تسعى لها ولكن ستفضلها في حال استمر حصار غزة وخنقها وقطع كهربائها، وستهرول إليها بكل قوة وعزيمة وإباء إن استمر هذا العبث ب 2 مليون فلسطيني.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن