التصور الفلسطيني لخطة من ثلاث مراحل: مجلس الأمن ومحكمة الجنايات ووقف التنسيق الأمني

كيري عباس

تصور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن)، للرد على المماطلات وعمليات التسويف الاسرائيلية ورفض الانصياع للإرادة الدولية ممثلة بقرارات الامم المتحدة بالانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية المحتلة عام 1967، يتكون من ثلاث مراحل: المرحلة الأولى وهي العودة الى الحضن الطبيعي للقضية وهو مجلس الأمن الدولي الذي أقيمت دولة اسرائيل بقرار منه عام 1948. وبدأت هذه المرحلة بالفعل بخطاب الرئيس ابو مازن الذي يوصف بـ»التاريخي» امام الدورة الـ 69 للجمعية العامة يوم الجمعة الماضي، الذي قدم في نهايته خطته لجلاء الاحتلال عن الاراضي التي احتلها عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية على هذه الاراضي وعاصمتها القدس الشرقية في فترة أقصاها نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.

وقد تبنت المجموعة العربية مشروع الرئيس ابو مازن وقدمت عبر الأردن الدولة العربية في مجلس الأمن، المشروع الى مجلس الأمن بصيغته الاولى. غير ان هذا القرار لن يصوت عليه حتى يصل الى ما يسمى بـ «الورقة الزرقاء»، وهذا يحتاج حسبما قال صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات لـ «القدس العربي» في مقابلة سابقة إلى حوالى الأسبوعين من العمل الدؤوب مع كل المجموعات في الامم المتحدة منها دول عدم الانحياز ومجموعة الـ77 وكذلك الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، من اجل ضمان 9 أصوات من أصل 15، عدد أعضاء المجلس تسمح بعرضه على المجلس التصويت.

ورغم ان السلطة الفلسطينية ستضمن هذه الأصوات، تبقى هناك عقبة كيداء، انها الموقف الامريكي الرافض لمجمل الفكرة. وقد أبلغهم للجانب الفلسطيني في اكثر من مناسبة على لسان وزير الخارجية جون كيري في لقائه الأخير مع ابو مازن على هامش اجتماعات الجمعية العامة. وتفضل واشنطن التي أكدت دعمها لحل الدولتين، ولكن عبر طاولة المفاوضات التي فشلت 9 اشهر من تحريكها قيد أنملة. واستخدام الفيتو ضد اي قرار يخص فلسطين ليس بالجديد، فقد استخدمته 41 مرة.

وحتى تضمن واشنطن عدم نسيان السلطة لهذا الموقف، فقد جددت رفضها امس عبر الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأمريكية. وحذرت الناطقة جئن سامي الفلسطينيين من عواقب مساعيهم في الأمم المتحدة لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووصفته بالخطوة الانفرادية التي من شأنها ان تزيد من التعقيدات القائمة.

وقالت الناطقة الامريكية ان الادارة الامريكية لم تدرس بعد نص مشروع القرار بشكل كامل مما يمنعها من التعقيب على تفاصيله ولذلك فلا يمكنها التكهن بكيفية التصويت على مشروع القرار في مجلس الأمن الدولي في حال عرضه عليه.

وفي حال فشل المشروع وهو حتما سيفشل كما قال ذلك الرئيس عباس غير مرة وآخرها خلال لقاء مع صحافيين في مقره برام الله مطلع الاسبوع، اذ وعدت واشنطن اسرائيل بالوقوف الى جانبها واستخدام حق النقض اذا ما وصل الى مجلس الأمن،، تأتي المرحلة الثانية التي تتمثل بالانضمام الى المنظمات الدولية لا سيما محكمة الجنايات الدولية وذلك لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين على الجرائم التي ارتكبوها خلال الحرب على قطاع غزة التي استمرت 51 يوما. ووعد ابو مازن بأن لا يفلت اي مسؤول عن جرائم الحرب ضد الفلسطينيين، من العقاب.

اما المرحلة الثالثة فهي وقف التنسيق الأمني بين اجهزة أمن السلطة وأجهزة الأمن الاسرائيلية التي جاءت بموجب اتفاقات اوسلو لعام 1993، وتعتبرها اسرائيل في غاية الأهمية في وقف اي عمليات تخطط لها فصائل فلسطينية مثل حركتي حماس والجهاد الاسلامي. وهذا ما أكده عريقات لـ»القدس العربي» في حديث سابق.

وتقدم اجهزة السلطة الأمنية خدمات جليلة لإسرائيل في هذا المجال. فقد نجحت في احباط العديد من العمليات على مدى السنوات القليلة الماضية عبر القيام بعمليات اعتقال احترازية توفر فيها جهدا كبيرا ونفقات كبيرة على اسرائيل. وفي حال توقف هذا التنسيق الذي ترعاه الولايات المتحدة، فإن الضغوط ستتزايد على اسرائيل. ليس هذا فحسب بل ان السلطة ستعيد النظر في كل علاقتها مع اسرائيل ما ينطوي عليه تحميلها كامل المسؤولية على الضفة الغربية باعتبارها دولة احتلال كما قال عريقات.

ويبقى رئيس الوزراء الاسرائيلي يعيش في أوهامه بأنه يمكن توجيه ضربة قاضية للقضية الفلسطينية من خلال الاعتقاد بأن حالة الفوضى التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط تصب لصالحه وصالح مخططاته، فقال امس أن الشرق الأوسط يشهد حاليا تغييرا جوهريا وان هناك دولا عربية مهمة لم تعد تعتبر اسرائيل عدوا لها، بل شريكا محتملا في مواجهة ايران والتنظيمات الاسلامية المتطرفة، وهو بذلك يشير الى السعودية ودول خليجية اخرى اضافة الى الأردن ومصر. واضاف نتنياهو في سياق مقابلة مع صوت اسرائيل باللغة العبرية قبيل عودته من نيويورك الى اسرائيل، ان السؤال الذي يطرح نفسه هو ما اذا كان يمكن الوصول الى حالة تقول فيها هذه الدول للفلسطينيين انه يتعين عليهم أيضا تقديم تنازلات وابداء المرونة لكي لا تكون اسرائيل هي الوحيدة التي تقوم بذلك .

واكد رئيس الوزراء انه ما زال يصر على ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة اسرائيل وعلى اجراء ترتيبات امنية راسخة في اطار أي تسوية مستقبلية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن