بطرس حنا فنان فلسطيني يستنطق البطيخ واليقطين بسكينه الصغير

8

بطرس حنا (22عاما) شاب فلسطيني من قرية طرعان داخل أراضي 48، يدرس هندسة المساحة، عقله فيها لكن قلبه مسكون بفن النحت على الخضار والفواكه. لا يملك بيتر سوى سكين صغير بطول أطول أنامله الرشيقة، لكنه يحول فيها البطيخة إلى لوحة ويؤنسن اليقطين وتكاد الفجلة تنطق والجزرة تغدو زهرة حلوة تتمايل وسط طبق الفواكه في استقبال الضيوف.

هذا الأسبوع فاز بطرس بجائزة أفضل نحات على الخضار والفواكه ويستعد للمشاركة في مسابقات دولية. ويقول بطرس لصحيفة “القدس العربي” اللندنية إن صخرته تصلبت بفضل رعاية والدته أمل حنا، مبرهنا على أن التفاحة لا تسقط بعيدا عن الشجرة.

وبدأ مشوار بطرس مع هذا الفن الرقيق مبكرا وهو في سنواته الأولى عندما بدأ يحاكي أمه وهي تنحت على الخضار والفواكه، وما لبثت أن صارت ” الخربشات ” أعمالا فنية جميلة. وكانت التجربة الرسمية الأولى لبطرس وهو تلميذ في الصف الثامن حينما استدعي للمشاركة بتزيين حفل زفاف.

وقد بدأ مشواره بالنحت في أعمال صغيرة مع الجزر والكوسا والخيار التي ابتكر منها بسكينه، الورود والرسومات الجميلة استخدمت في تزيين زاوية التضييفات في حفل زفاف أحد أقربائه. وقتها تمكن أيضا من تحويل حبة يقطين ضخمة إلى لوحة فنية ومن وقتها ابتدأ المشوار وبتشجيع العائلة حتى بات اليوم معلما يدير ورشات تدريب في مجال النحت على الخضار والفواكه.

أما أمل فبدأ مشوارها مع هذا النوع النادر بفضل الراحل زوجها الذي عمل في الفندقة وتنبهت لجمالية النثر على الخضار خلال مرافقتها له للعمل أحيانا، وما لبثت أن ارتقت الهواية لحرفة تعتبرها فنا كبقية الفنون، منوهة إلى أن الشرق الأقصى وتايلند بالتحديد هي موطنه. وتستذكر أن هذا النمط من الفن بلغ أوجه في سبعينيات القرن الماضي قبل أن يستبدل النحت على الخضار والفواكه بالنحت على الشوكولاتة والمرغرين والثلج منوهة أن هناك عودة للخضار.

اليقطين والبطيخ

وأصعب أنماط النحت على الخضار والفواكه برأي بطرس هو النحت على اليقطين الأكثر عصيانا على التطويع والاستنطاق، فهو أكثر صعوبة من البطيخ بسبب سمك وقسوة قشرته وضخامته. وتتفوق البطيخة على اليقطين باحتوائها ثلاثة ألوان مقابل لونين للثانية وفلسطينيا هي الأكثر تعبيرا عن العلم الوطني، فالبطيخ يجمع الأخضر والأبيض في مظهره والأحمر في جوهره وفي قلبها تصون الأسود بحباتها. ولذا يستغرق تحويل اليقطينة الواحدة لمنحوتة فنية نحو أربع ساعات مقابل ساعة واحدة في البطيخة وفي كلتا الحالتين ينحت الوجوه أيضا لا الأشكال لا سيما في المعارض الفنية والفعاليات الأخرى عدا حفلات الزفاف.

ويطول عمر هذه المنحوتات الخضرية مدة أسبوع تقريبا ويمكن تمديده أكثر بمساعدة مواد حافظة إلا إذا كان بطرس جائعا فيتناول البطيخة ويستمتع بمذاقها وهي من الفواكه المفضلة عنده كما يؤكد. وفاز بيتر حنا بمسابقة أفضل نحات على الخضراوات والفواكه في إسرائيل بعدما تغلب على كافة الفنانين المشاركين بفضل بطيخة حولها بسكينه الصغير منبرا للسلام حيث كتب آية من القرآن الكريم (ادخلوا في السلم كافة) على بطيخة وآية من الإنجيل نثرها بالإنكليزية على بطيخة ثانية وهكذا آية من التوراة في بطيخة ثالثة.

بين الفجل والشمندر

ولا يحتاج بطرس ووالدته لليقطين والبطيخ ولبقية الخضراوات والفواكه الضخمة، فبمقدور كل منهما تحويل الفجلة لزهرة بعشرين ثانية. وتتجلى جمالية سكين أمل ألمانية الصنع بتحويلها ثمرة الشمندر لوردة جورية قانية تزداد حلاوة على حلاوة وبهاء عندما تقترن بالفجل والجزر وأغصان الشجر وبها جميعا يزدان طبق الفواكه المقدم لضيوفها.

هدية لـ “القدس العربي”

وردا على سؤال توضح أمل أن نجلها أمهر منها وهي تقول متوددة إنها تبقى الأصل والمدرسة ويسارع بيتر للاعتراف بأنها معلمته فيقول مازحا : نعم هي العجين وأنا الرغيف.

ويبدو أن تعلم هذه الحرفية الفنية لا يحتاج سوى لبضع تجارب إذا كان المطلوب امتلاك ربات البيوت إمكانية منح طبق التفاح والبرتقال والماندرين أو طبق السلطات بعدا جماليا أنيقا. ويتفق الابن والأم على رفض النحت بموجب قوالب وأصول ثابتة صلبة ويفضلان التحليق خارج السرب ويبتكران أنماطا وأشكالا من النحت بلمسة فنية دقيقة. وتضيف “أبدع بوحي الخيال وكأنني رسام في مرسمه”.

وتشير أمل إلى أن الفجل للمبتدئين والشمندر عادة للمحترفين، أما كاتب هذه الكلمات فنجح من المرة الأولى بتحويل جزرة لزهرة جميلة دون أن يصيب الجزرة أو أصابعه بأذى. وتكريما للصحيفة التي يدأب على قراءتها أصر بطرس أن يكرمها بمنحوتة تحمل شارتها على بطيخة تمنى لو كان بمقدوره إرسالها للقيمين على “القدس العربي”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن