تنازلات حركة حماس المفاجئة أثارت استغراب الشارع الفلسطيني.. فما أسبابها؟

إسماعيل هنية يحيى السنوار
إسماعيل هنية ويحيى السنوار

النجاح الإخباري – هبة أبو غضيب

“سأكسر عنق كل من لا يريد المصالحة سواء كان من حماس او غيرها”، هذه كانت تصريحات رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار خلال لقائه وفدا من الشباب في غزة بعد الاعلان عن انهاء الانقسام الفلسطيني وحل اللجنة الادارية في القطاع، ما أثار استغراب الشارع الفلسطيني من تغيير موقف حماس وسبب تقديم تنازلها عن الحكم في قطاع غزة.

وحول هذا الموضوع عزا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة د. حسام الدجني أسباب هذه التنازلات إلى الاستشعار في الخطر على المشروع الوطني وما تتعرض له الضفة والقدس من أعمال تهويد واستيطان.

واعتبر الدجني أن الأزمات الحياتية في قطاع غزة والحصار المشدد عليها من قبل قوات الاحتلال وتأزم الوضع الانساني سبب مباشر في ذهاب حماس نحو حل اللجنة الادارية.

وأضاف الدجني أن الضغوط المصرية على حركة حماس لها دور كبير في المصالحة الفلسطينية، مؤكدا على أن تطوير العلاقات مع مصر وتكليف مصر من جامعة الدول العربية بملف المصالحة مصلحة استراتيجية لحماس.

وأشار الدجني إلى أن ترك حماس للحكومة سيناقش في حوار تشكيل حكومة وحدة وطنية، علما بأن حماس تخلت عن المناصب الوزارية في اعلان الشاطئ 2014 لإدراكها أن المرحلة المقبلة تتطلب ذلك، اضافة إلى تخفيف الضغط الدولي خاصة بعد تصنيف حماس عالميا بأنها “منظمة ارهابية”.

ونوه الدجني إلى أن مشاركة حماس في حكومة الوحدة مدخل مهم لحالة الاستقرار، قائلا “المستقبل يحمل مؤشرات بمشاركة حماس بالحكومة نتيجة حوارات القاهرة”.

مشاركة حماس في الانتخابات

وحول مغادرة حركة حماس لمربع الحكم في قطاع غزة، اعتبر الدجني أن حماس موجودة كمكون مؤثر في النظام السياسي، وطواقم موظفيها الذين سيتم دمجهم في الجسم الحكومي، كما أنها ستشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة مع الاخذ بعين الاعتبار المعادلة الدولية والتي ستحسم قبول العالم لهذه التجربة الديمقراطية، وتتطلب ضمانات بوساطة للاعتراف بنتائج الانتخابات في العالم، بحيث لا تنفرد بالحكومة وقد تتجه حماس نحو مرشح مستقل، مشيرا إلى أننا أمام سيناريو تحديد نسب أي “مشاركة نسبية” لحماس بثلاثة وزراء مثلا في المرحلة المقبلة مقدمة تنازل عن مشاركة الاغلبية لمصلحة القضية الفلسطينية.

وشدد الدجني على أن مصر لن تسمح لحماس بأن لا تشارك في الحكومة، وستضغط عليها في حال رفضت ذلك.

المصالحة أغلقت الباب أمام البروبغاندا الاسرائيلية

واختتم الدجني مؤكدا على أن تنازل حماس عن الحكم ووقوفها بجانب الرئيس أمام الأمم المتحدة والعالم أغلق الباب أمام البروبغاندا الاسرائيلية التي تدعي أن الرئيس لا يحكم إلا على جزء من الشعب وهم حركة فتح، وتزعم أن حماس والفصائل الاخرى خارج سيطرة السلطة الفلسطينية.

ولفت الدجني إلى أن هذه رسالة لابد أن يستغلها الرئيس لصالح خدمة المشروع الوطني الفلسطيني ويذهب مسلحا بكل قوات الشعب الفلسطيني لا بتيار أو فصيل واحد.

وكان السنوار قد صرح بأن سيعمل على تسويات تؤدي إلى تصفير المشاكل، وصولا للتوحد من أجل معركة التحرير، قائلا “نحن قوة متماسكة، ويد موحدة”.

استمرار حماس في حكم غزة سيزيد من المشاكل الداخلية

من جهته أكد حسام بدران عضو المكتب السياسي لحركة حماس، اليوم، أن تشكيل حكومة وحدة وطنية تعني مشاركة حقيقية لكل الفصائل الفلسطينية الفاعلة وفي مقدمتها حماس.

وفي السياق ذاته اعتبر المحلل والكاتب السياسي د. ناجي شراب أن العوامل الداخلية في قطاع غزة من فقر وحصار وبطالة أحد أهم الأسباب لقرار حماس بالاستجابة للضغوط المصرية وانهاء الانقسام.

وأضاف شراب أن حماس أدركت أن الحكم في غزة أكبر من مقدرتها، والاستمرار فيه سيؤدي إلى إثارة المشاكل الداخلية، والاجتماعية، عدا عن تغير القيادة السياسية لحماس وبروز قيادة داخلية مثل السنوار أعطى الحركة بعدا أكثر واقعية.

وأوضح شراب أن حماس دفعت ثمنا سلبيا اثر الانقسام لعشر سنوات، واكتشفت أنها بالطريق غير الصحيح ولابد من العودة عنه.

واتفق شراب مع الدجني بان الاسباب الإقليمية والدولية كان لها دور اساسي في ذه التنازلات خاصة بعد الازمة الخليجية والتحولات السياسية في قطر وتركيا وايران وما تواجهه الأخيرة من تحديات في الملف النووي، قائلا “هذه دول مساندة ومؤيدة والتغييرات التي طرأت عليها تؤثر على حماس بشكل مباشر.

كما أكد على أن لمصر دور فاعل وقوي بحكم أنها أكثر الدول تأثيرا على خيارات القطاع، وكان لابد أن تستجيب حماس لأولويات واحتياجات الموقف المصري، بحيث يعكس سلوكها السياسي وعامل المصالحة مهم لمصر.

ونوه شراب إلى أنه لم يبقى خيارات كثيرة لحماس في ظل وصف الاخوان “بالإرهاب”.

ولفت إلى ان حماس توصف بالواقعية والمرونة والتكيف ما دفعها لمراجعة حساباتها وتحديد أولوياتها.

قطاع غزة يعاني منذ زمن من المشاكل الداخلية والبطالة والفقر، فلماذا لم تتوجه الحركة لحل اللجنة الادارية سابقا؟

وحول هذا عقب المحلل السياسي شراب بأن أي شخص يستمر بطريق إلى أن يصل لنهايته، وحماس كان لديها عوامل الاستمرار والتحدي والصمود وعلاقات قوية بقطر ووضع سوريا كان أفضل من اليوم وعلاقاتها التركية، إلا أن التحولات الاقليمية جعلها منعزلة وتحت ضغوطات كبيرة، ما انعكس على قدرتها ولم يعد لديها القدرة على الاستمرار في ظل هذه الاوضاع.

من السابق لأوانه وصف التنازلات بالمؤلمة

أما عن وصف السنوار التنازلات “بالمؤلمة”، قال شراب من السابق لأوانه الحديث عن تنازلات لحماس فهي أعلنت حل اللجنة الادارية، والقبول بذلك ليست بالمسألة الصعبة أو اعتباره ثمن سياسي كبير.

وأضاف شراب أن الموافقة على تسلم حكومة الوفاق مهامها في القطاع، كان لصالح حماس، في ظل الاعباء الادارية والفنية والخدماتية، وبالتالي عبء الحكم سيقع على عاتق الحكومة.

هدف حماس الحفاظ على ما بنته في القطاع

وأكد على أن حماس نجحت في بناء بنية متكاملة في القطاع سواء من الناحية الاقتصادية او الامنية او الثقافية وغيرها، وأحد أهدافها الاستراتيجية الحفاظ على هذه البيئة وما حققته من انجازات على أرض الواقع، ولكنها لم تعد قادرة على الحفاظ على انجازاتها الهامة بالنسبة لها، وأصبحت أكثر واقعية بالاستجابة وانهاء الانقسام.

اما عن مشاركة حماس في الانتخابات، نوه شراب إلى أن حماس تدرك صعوبة ذلك في ظل البيئة الاقليمية والدولية ومشاركتها قد يحتاج لضمانات للعالم.

وشدد شراب على ضرورة مشاركة حماس في الانتخابات قائلا “الانتخابات ستكون بلا مغزى ان لم تشارك حماس فيها فلا يستقيم الحكم دون مشاركة الكل”، اضافة إلى ضرورة مطالبتها في الشراكة السياسية، وتابع عدم مشاركة الكل يعود بنا إلى المربع الأول وانفصال الحكم.

الشارع الفلسطيني ليس لديه ثقة سياسية

مواقع التواصل الاجتماعي ومنشورات نشطاءها تعبر عن خشيتهم من اتمام المصالحة، وعقب شراب على ذلك بأن الشارع الفلسطيني ليس لديه ثقة سياسية خاصة في قطاع غزة، ولن يصدق المصالحة حتى يرى تغييرات ملموسة على أرض الواقع وانقاذه من مأساته، وبمجرد عدم اتخاذ حكومة الوفاق قرارات سريعة سيصاب المواطن بالإحباط.

وأوضح شراب أن حالة الترقب التي نعيشها طبيعية جدا، اثر الخلافات السابقة ووصول المصالحة بمرحلة من المراحل لحالة انسداد، وحالة انقسام ضخمة ومرور 11 عاما على توقيع اتفاقيات كثيرة دون جدوى.

حماس أدركت أن الدمج بين الحكم والمقاومة أمر خاطئ

أما المحلل والكاتب السياسي د. مخيمر أبو سعدة أشار إلى أن السنوار لديه وجهة نظر مختلفة واستطاع اقناع اعضاء المكتب السياسي في حركة حماس بان الطريق الأفضل هو المصالحة.

ورجح مخيمر إلى قناعة السنوار تكمن في أن حماس لا تستطيع أن تدمج بين الحكم والمقاومة، والازدواجية كانت على حساب المواطن في غزة، وبالتالي قرر التخلي عن الحكم في غزة مقابل تمسك حماس بسلاح المقاومة والمشروع الوطني.

وأضاف مخيمر أن الظروف المأساوية وفقدان حماس لداعميها كتركيا وقطر كانت سببا في التجاه نحو المصالحة، خاصة وأن قطر لديها مشاكلها التي منعتها من دعم حماس سياسيا وماديا.

هذا عدا عن اتفاق مخيمر مع المحللين السابقين حول اتجاه حماس بالمصالحة والذي يعود إلى تصنيفها في العالم ضمن المنظمات “الارهابية” وممارسة اسرائيل كافة انواع العقوبات عليها.

ونوه مخيمر إلى أن حماس ما زال لديها 56% من المقاعد في المجلس التشريعي، وبناء عليه لن تغادر الحكومة.

مغادرة حماس لمربع الحكم

وأضاف أن ما يمنع حماس من مغادرة مربع الحكم أنها تحظى بالشعبية الجماهيرية، وتراجعها وعدم قدرتها عن القيام بمهام الحكم في غزة لا يعني انتهاءها، عدا عن قوتها العسكرية والامنية لا تنفي وجودها.

وكا قد صرح السنوار بأن كتائب القسام قادرة على أن تضرب تل ابيب بالصواريخ كما ضربت خلال ٥١ يوم فإنها قادرة على أن تضرب تل ابيب بالصواريخ في ٥١ دقيقة بقدر الصواريخ التي ضربت خلال ٥١ يوم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير عام ٢٠١٤ .

وأضاف أن لدى كتائب القسام بنيه عسكرية ممتازة جدا وأسفل غزة مدينة أخرى، انفاق قادرة على إعطاء المقاوم حياة تستمر لفترات طويلة.

ومن وجهة نظر مخيمر فإنه يرجح عدم تشكيل حكومة وحدة وطنية في الوقت الحالي، والابقاء على حكومة التوافق بموافقة حماس، حتى اجراء انتخابات.

وأكد على أن لدى حماس نية جدية بإتمام المصالحة، والكل ذاهب نحو هذا الاتجاه، خاصة بعد تأكيد السنوار على أنها خيار استراتيجي.

يذكر أنه بعد حوارات مطولة بين مصر وحركة حماس، وضغط مصر على حماس لإنهاء ملف الانقسام، استجابت الحركة بحل اللجنة الادارية، ودعت حكومة الوفاق لتسلم مهامها في قطاع غزة في 17 من الشهر الماضي، وتوجهت حكومة الوفاق لقطاع غزة برئاسة رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله واستلم الوزراء وزاراتهم في 2 من الشهر الجاري.

ومن المقرر بدء حوار ثنائي بين حركة حماس وحركة فتح في القاهرة الثلاثاء المقبل، لمعالجة الملفات الحكومية، استكمالا للمصالحة الفلسطينية.

من جهته صرح أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” جبريل الرجوب، اليوم أن وفدا من الحركة سيتوجه إلى القاهرة خلال اليومين المقبلين من أجل إتمام عملية المصالحة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن