من الفائز: فتح أم حماس؟

المصالحة الفلسطينية

نشر موقع times of israel التحليل التالي حول واقع المصالحة الفلسطينية.

وفيما يلي نص التحليل:

في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، وبعكس جميع التوقعات، قام مسؤولو حماس بتفكيك نقاط التفتيش الخاصة بالمنظمة داخل المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل على الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة.

كانت خطوة مثيرة بالنسبة للكثيرين، فلم يعد الفلسطينيون الذين يغادرون غزة إلى إسرائيل أو الضفة الغربية يواجهون استجوابات من قبل مسؤولي مخابرات حماس حول أعمالهم. ولم يعد الفلسطينيون الذين يدخلون غزة يواجهون ضرائب الاستيراد الباهظة والرسوم الأخرى التي تفرضها حماس.

وعند اتخاذ هذه الخطوة، قامت حماس التي اختنقت من كل الجوانب بتسليم مصدر دخل مربح يغذي خزائنها بالملايين من الشواكل سنويا.

وما يثير الدهشة أكثر من ذلك أنها كانت خطوة أبعد مما كان مطلوباً من حماس أن تفعله في هذه المرحلة بموجب اتفاق المصالحة الموقع مع السلطة الفلسطينية بقيادة فتح في القاهرة الشهر الماضي، والتي سلمت من خلالها قدراً من السيطرة للسلطة الفلسطينية.

ولا يكفي أن نقول ببساطة أن هذه الأعمال هي جزء من “المصالحة”. حيث أن التزام حماس بالمصالحة الوطنية لم يمتد إلى هذا الحد في الماضي. فما الذي تغير؟ وما الذي يمكن أن يدفع حماس إلى تسليم جزء من حكمها لغزة والتخلي عن المصادر الحيوية للنفوذ والمال؟

الفائزون والخاسرون

للوهلة الأولى، فإن فتح، هي التي تظهر على أنها فائزة في الاتفاق. وفي صفقة المصالحة، استعادت فتح موطئ قدم في غزة للمرة الأولى منذ أن تم طردها وتجريد قواتها من السلاح في قطاع غزة عام 2007.

المزايا والفوائد لفتح كثيرة. ومن شأنه أن يجعل لدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رداً على الشكوى التي سمعها من المسؤولين الإسرائيليين بأنه لا يستطيع التفاوض على اتفاق سلام لأنه لا يسيطر على غزة ولا يمثل نصف الجسم السياسي الفلسطيني. وبالمثل، فإن مكانته على المسرح العالمي تعززها الحقيقة على الأرض.

ومن شأن دمج حماس في حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية أن يكلف السلطة مالياً، حيث أن بعض الدول والمؤسسات الدولية تجد صعوبة في تمويل المؤسسات المرتبطة بحركة حماس أو مسؤوليها. ولكن إذا كانت فتح قادرة على دمج حماس لتحقيق المصالحة فإن إعادة سيطرتها على غزة يمكن أن يكون بمثابة نعمة مالية عليها. خاصة وأن المساعدات الدولية لغزة كلها جفت تحت حكم حماس. واذا ما انتعشت مرة أخرى تحت حكم السلطة الفلسطينية، فهناك الكثير من المال، وبناء المؤسسات ورأس المال السياسي هو ما يمكن كسبه بالنسبة لحركة فتح.

إذن ما الذي اكتسبته حماس حتى تفعل كل ذلك؟ الجواب هو أن الأشياء التي فقدتها حماس هي الأكثر أهمية بالنسبة لها -أو تعتبرها مكاسب-.

حين استولت حماس على غزة بعد عام 2007، أعلنت أن هذا الانجاز تحقق من صحة رؤيتها لفسلطين الإسلامية، وأن صعودها جاء رغم الصعاب وضد رغبات صريحة من السلطة الفلسطينية وإسرائيل والمجتمع الدولي. لكن هؤلاء المعارضين أثبتوا على الرغم من قوتهم الهائلة وتأثيرهم على السياسة الفلسطينية،أثبتوا أنهم سيتراجعوا في يوم ما، وأنهم سيجدون بأنَّ الصعود بعد ذلك من المأزق سيكون أكثر صعوبة.

قد تكون مشاكل حماس بدأت حين بدأت تقتنع بالدعاية الخاصة بها، وباسم تفانيها المتدين للقضية، فدفعت غزة من صراع أيدلوجي واحد إلى آخر، ما دفع سكانها الذين عانوا طويلاً إلى جولات متكررة من الحرب مع إسرائيل.

وفي ظل حصار إسرائيلي منذ بداية حكم حماس في عام 2007، واجه قطاع غزة في عام 2014 تشديدا قاسيا من مصر. وبدءً من عام 2017، بدأت السلطة الفلسطينية فرض عقوباتها المالية، وحرمت الحكومة التي تقودها حماس في غزة من الخدمات الأساسية مثل الكهرباء التي يتم توريدها لسكان غزة. ويبدو بعد كل ذلك أن حماس أصبح من الصعب عليها أن تجادل الرأي العام بأنها تقود غزة نحو مكان أفضل.

وقد أمضت القيادة السياسية لحماس السنوات العشر الماضية في محاولة إثبات أن الحركة كانت أكثر من مجرد منظمة شبه عسكرية. وبحلول عام 2017، استنتج جناحها العسكري، الذي سيطر على التنظيم مع صعود يحيى سينوار في الانتخابات الداخلية الأخيرة في شباط / فبراير، أن محاولة توسيع جدول أعمال حماس ورؤيتها خارج الحدود الضيقة لحرب العصابات ضد إسرائيل قد أصبحت فخاً للحركة. فماذا ستفعل فيما يتعلق بالمسؤوليات عن الاقتصاد والصحة والتعليم و سلامة مئات آلاف السكان؟

أما بالنسبة لرؤية عباس وإرثها، فتشارك حماس بشكل أو آخر في تشكيلها. هو لا يستطيع أبداً أن يسحقهم تماماً، والأهم أنه لا يستطيع أن يقمعهم ويوقفهم عن الإعداد والمقاومة. كما يحاول أيضاً استعادة الكرامة المفقودة منذ انهيار حركته -فتح- في غزة عام 2007.

أما عن ما اكتسبته حماس فعلاً، فهو تنفس الصعداء خاصة بالنسبة لقيادتها، لأن المسؤولية عن خراب غزة بدأت تُرفع عن أكتافها، ولكنها دفعت ثمنا كبيراً. وقد اعترفت حماس بأنها غير قادرة على توجيه قطاع غزة الخاضع لسيطرتها إلى أيام أفضل أو أي نجاحات ذات مغزى.وفي تخليها عن القيادة المدنية. تكشف حماس عن ضعفها الاستراتيجي الكامن وراءها، وهو ضعف تشترك فيه مع حليفها الجديد حزب الله. كلتا المجموعتين قويتين بما فيه الكفاية لسحب منطقتهم إلى حرب، ولكن ليس لديهم أيدولوجيا مرنة ليتحملوا أية مسؤوليات أخرى.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن