سلطت مراسلة قناة (الجزيرة) الفلسطينية الراحلة “شيرين أبو عاقلة” الضوء في آخر مقال منشور لها على الأوضاع في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، مشيرة إلى أن ما قدمه الهاربون الستة من سجن جلبوع الإسرائيلي من كفاح أسطوري تبدأ قصته من المدينة ومخيمها.
وقارنت “شيرين”، في المقال المنشور بموقع (This Week in Palestine) بين زيارتين إلى جنين؛ الأولى كانت قبل 20 عاما، وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2002، وبين زيارتها الأخيرة قبل مقتلها برصاص إسرائيلي، وسجلت شعورا لم تكن تتوقع أن يتكرر من جديد، حسبما أورد المقال.
وأوضحت: “لا تزال جنين هي نفس الشعلة التي لا تنطفئ والتي يعيش فيها الشباب الشجعان الذين لا يخافون من أي غزو إسرائيلي محتمل”.
وأضافت أن نجاح الهروب من سجن جلبوع هو السبب الذي دفعها إلى قضاء عدة أيام وليالي في المدينة، مشيرة إلى أن بداية القصة في جنين يعود إلى عام 2002، عندما عاشت جنين شيئًا فريدًا، على عكس أي مدينة أخرى في الضفة الغربية.
فمع اقتراب نهاية انتفاضة الأقصى انتشر مسلحون للمقاومة الفلسطينية في أنحاء المدينة، ومنذ ذلك الحين أصبحت جنين أسطورة في أذهان الكثيرين، ولا تزال المعركة في المخيم ضد قوات الاحتلال في أبريل/نيسان 2002 حاضرة بقوة في أذهان سكانه، حتى أولئك الذين ولدوا بعدها.
وأضافت: “بالعودة إلى جنين الآن ، بعد 20 عامًا ، واجهت العديد من الوجوه المألوفة. التقيت في أحد المطاعم بمحمود الذي رحب بي بسؤال: هل تتذكريني؟ أجبته: “نعم ، أنا أتذكرك. من الصعب أن تنسى هذا الوجه وتلك العيون. وتابع: خرجت من السجن قبل شهور. كان محمود مطلوباً من قبل الإسرائيليين عندما التقيت به خلال سنوات الانتفاضة”.
وأشارت “شيرين” إلى أن “محمود” من المحظوظين؛ حيث تم سجنه وإطلاق سراحه، لكن وجوه كثيرين غيره تحولت إلى رموز أو مجرد ذكريات لسكان جنين وللفلسطينيين بشكل عام.
للوهلة الأولى، قد تبدو الحياة في جنين طبيعية، حسبما وصفت “شيرين” في مقالها؛ حيث تفتح المطاعم والفنادق والمتاجر أبوابها كل صباح، لكن الزائر لها يشعر بأنه في قرية صغيرة تراقب كل غريب يأتي إليها.
وروت “شيرين” أنها التقت في جنين بأناس لم يفقدوا الأمل قط، ولم يسمحوا للخوف أن يتسلل إلى قلوبهم ولم يكسرهم جنود الاحتلال، وعلقت: “ربما ليس من قبيل المصادفة أن السجناء الستة الذين تمكنوا من الفرار هم جميعا من محيط جنين والمخيم”.
وأضافت: “بالنسبة لي، جنين ليست قصة سريعة الزوال في مسيرتي المهنية أو حتى في حياتي الشخصية. إنها المدينة التي يمكن أن ترفع معنوياتي”.
واختتمت “شيرين” مقالها بالإشارة إلى أن جنين “تجسد الروح الفلسطينية التي ترتجف أحيانا وتسقط، لكنها، فوق كل التوقعات، ترتفع لتتابع رحلاتها وأحلامها”.
والأربعاء الماضي، قُتلت الصحفية “شيرين أبو عاقلة” (51 عامًا) جراء إصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي في جنين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
واتهمت كل من السلطة الفلسطينية وشبكة (الجزيرة) الإعلامية، إسرائيل بتعمد قتل “شيرين” بإطلاق النار عليها، بينما كانت تمارس عملها.
ورفضت السلطات الفلسطينية، الخميس الماضي، طلبًا إسرائيليًا بفحص الرصاصة التي قتلت “شيرين”، داعية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجهات أخرى لإجراء تحقيق فوري مستقل حول المسؤول عن مقتلها.
يذكر أن “شيرين نصري أبو عاقلة”، صحفية وُلدت في القدس عام 1971 وتنحدر من عائلة مسيحية مشهورة في بيت لحم.