اعتبرت مجلة (إيكونوميست) أن “حاجة تركيا الماسة للمال” هي التي دفعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى زيارة المملكة العربية السعودية وقبول “كنس قضية قتل جمال خاشقجي تحت السجادة”، على حد تعبير المجلة.
وقالت المجلة إن التودد التركي إلى ولي العهد السعودي كان يصطدم بتسوية قضية خاشقجي، لذلك أصدرت محكمة تركية في 7 أبريل/نيسان الماضي، قرارا بتعليق محاكمة 26 سعوديا اتهموا بقتل خاشقجي في تركيا عام 2018 وحولت الملفات إلى السعودية.
وهذا ما فتح الطريق أمام تركيا والسعودية للتقارب من بعضهما البعض، يقول التقرير، وفي 28 أبريل/نيسان، التقى أردوغان الأمير بن سلمان في السعودية، وعانق الرئيس الأميرَ المبتسم.
وقالت المجلة إن تركيا التي تعاني من نقص شديد في العملة الصعبة والاستثمار الأجنبي وقلة الموارد من السياحة، تقوم بحملة تركز على إعادة العلاقات مع الأعداء والمنافسين بالمنطقة.
وأصلح أردوغان العلاقات مع إسرائيل التي زار رئيسها إسحق هرتسوغ تركيا في مارس/آذار، وكذا مع الإمارات التي تعهد حاكمها الفعلي وولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد” بـ10 مليارات دولار كاستثمارات في تركيا.
• أردوغان: تركيا تواصل “الحوار الإيجابي” مع السعودية وتريد اتخاذ خطوات ملموسة في الأيام المقبلة لتحسين العلاقات
واختفى الخلاف بين تركيا واليونان حول حقوق بحرية، مع أن اليونان اشتكت في وقت سابق من استمرار خرق الطيران التركي لمجالها الجوي.
ويأمل أردوغان بإعادة العلاقات مع مصر وحاكمها عبدالفتاح السيسي الذي اختلف معه بعد انقلاب عام 2013 الذي أطاح بحليف تركيا الرئيس الراحل محمد مرسي.
وهناك إمكانية لتقارب مع عدوة تركيا القديمة، أرمينيا.
وتقول المجلة إن الطريق لترطيب العلاقات مع السعودية كان الأصعب.
وكان أردوغان، بحسب التقرير، راغبا بلقاء الأمير بن سلمان في خريف العام الماضي أثناء زيارة له إلى قطر، إلا أن الخطة فشلت. وفي بداية هذا العام، اقترح الرئيس التركي رحلة إلى السعودية لكنها لم تحدث.
وكانت العقبة أمام الزيارة هي ولي العهد كما يقول علي باكير من مركز ابن خلدون في جامعة قطر، مضيفا: “بالنسبة لمحمد بن سلمان، كانت المسألة شخصية”.
واعتبرت المجلة أن ولي العهد السعودي وجد صعوبة في الصفح عن أردوغان وموقفه بعد مقتل خاشقجي، الذي قُطعت جثته داخل القنصلية السعودية في إسطنبول على يد فرقة قتل سعودية.
• وول ستريت جورنال: قضية خاشقجي ستحضر في لقاء أردوغان وبن سلمان المرتقب
ففي الأسابيع التي تلت الجريمة، قاد أردوغان وحكومته الأمير هجمة ضد محمد بن سلمان، وأفرجوا عن تفاصيل مروعة أشارت إلى أن ولي العهد هو من وجّه العملية، وهو ما خلصت إليه أيضا وكالة الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه” بناء على أدلة جمعتها المخابرات التركية.
ويقول التقرير إن تركيا والسعودية لم تكونا صديقتين حميمتين قبل الجريمة، فقد تصادم البلدان أثناء الربيع العربي عام 2011.
وعندما فرضت السعودية مقاطعة اقتصادية على قطر، أظهرت تركيا دعمها للبلد الصغير، وأرسل أردوغان قوات إلى القاعدة العسكرية التركية في الدوحة.
وتعتقد المجلة أن التقارب التركي- السعودي له منطقة بالنسبة للطرفين. فقد تصالحت السعودية مع قطر، واعترف أردوغان بأن بن سلمان سيصبح ملكا، رغم الغضب الدولي على مقتل خاشقجي، وفي الوقت نفسه، خفت المشاعر الغاضبة في المنطقة.
ولدى تركيا أسبابها الاقتصادية كي تعيد ضبط العلاقة، فقد انخفضت صادراتها إلى السعودية من 3.3 مليار دولار إلى 265 مليون دولار العام الماضي، كل هذا بسبب المقاطعة غير الرسمية للبضائع التركية.
وتريد شركات البناء التركية التي حصلت على 15 مليار دولار من السعودية منذ عام 2010، العودة إلى المملكة بعدما حُرمت من العقود.
وتركيا تريد جرعة من النقد بسبب مشاكل العملة والتضخم الذي وصل إلى 61% في مارس/آذار.
وتختتم المجلة تقريرها بالقول: “إذا كان التخلي عن قضية الصحفي (المفروم) هو الثمن، فليكن إذن”.