مع ارتفاع درجة حرارة الجو في فصل الصيف، سيزداد خطر الوقوع في واحد من أهم المحاذير الصحية، هو التجفاف، و”التجفاف” حالة تصيب الإنسان عندما يهبط محتوى الماء في الجسم دون الحد الطبيعي، وذلك بسبب خسارة السوائل (عن طريق التعرق أو التنفس أو التبول)، وتكون نسبة خسارة الجسم للماء أعلى من نسبة اكتسابه (عن طريق المشروبات والأطعمة الغنية بالماء). ويمكن تصنيف التجفاف حسب درجته بالخفيف والمتوسط والشديد. ومن المعروف أن التجفاف الشديد له نتائج ضارة لكل الأعضاء، وقد ينتهي بالموت.
أضرار التجفاف
أهم الأضرار الناجمة عن التجفاف تأذي الكليتين (خاصة إن كانتا مصابتين بالأساس بدرجة من القصور)، ونقص حجم الدم الذي قد يؤدي لانخفاض الضغط وانسداد الشرايين المتضيقة (عند بعض الناس، الذين يكون لديهم استعداد للإصابة بالنوبات القلبية، أو السكتات الدماغية)، والإمساك، وآلام الرأس، وتغيم الوعي، والحمى، وحتى الهذيان.
وبعكس ما يعتقد الكثيرون، فإن التجفاف وتبعاته أو آثاره الضارة، لا تأتي من ارتفاع درجة الحرارة والتعرق الذي ينتج عنه فحسب، فقد يضعف تقدير الإنسان لحاجته للماء مع تقدم العمر، أو يكره شرب الكثير من الماء ليتفادى زيارة عدد مرات احتياجه لدخول المرحاض (كما يحدث للمصابين بتضخم البروستاتا)، وقد تخسر الكليتان قدرتهما على التحكم في ميزان السوائل بالجسم، كما قد تلعب الأدوية التي يتعاطاها المرء (مثل: المدرات ومضادات الحساسية وبعض الأدوية النفسية) دوراً مهماً في زيادة فرص حدوث التجفاف.
علامات الإصابة بالتجفاف
لعل أبسط طريقة لمعرفة ما إن كنت تأخذ نصيبك الكافي من الماء والسوائل في الأشهر الحارة القادمة أم لا، هي ملاحظة لون البول.
فالبول في الحالة الطبيعية يجب أن يكون رائقاً مائلاً قليلاً للصفرة، فإذا ازدادت درجة صفاره عن الأصفر الفاتح، فهذه علامة تدل على شروع الإصابة بالتجفاف.
وتوجد عدة درجات للإصابة بالجفاف، وعلامات منها:
التجفاف الخفيف:
يؤلف الماء 75% من وزن الإنسان البالغ العادي. ويقال عن المرء إنه مصاب بدرجة خفيفة من التجفاف عندما يخسر 2-3% مما يحتويه جسده من الماء. ونعرض في ما يلي أهم الأعراض والعلامات الدالة على قرب حدوث التجفاف.
-التبدلات الذهنية:
وجد باحثون في جامعة كونيتيكت أن التجفاف يعطل توازن شوارد الدم، ما يؤثر سلباً على مراكز الدماغ المعنية بالمحاكمات العقلية، فتختل بذلك القدرة على التركيز، وتضعف الذاكرة، كما يقل إفراز هرمون السيروتونين، ما يجعل المرء أقل استعداداً للبهجة والاستمتاع بالحياة.
الإحساس بالدوار (الدوخة):
خاصة خلال (أو بعد) بذل مجهود عضلي، لأن جهد العضلات يتطلب توسع أوعيتها لتستهلك المزيد من الدم، ما ينقص كمية الدم المتوفر للدماغ، كما أن ارتفاع درجة الحرارة وتسارع التنفس أثناء التمرين، من شأنهما أن يوسعا أوعية الدماغ، وحصيلة كل ذلك نوبة من الدوار.
ألم الرأس:
يحصل ألم الرأس جراء أي اختلال توازن في العمليات الفيزيولوجية الطبيعية بالجسم، لذلك من الطبيعي أن ترافق آلام الرأس ظاهرة التجفاف، التي تختل فيها شوارد الدم، والتي يصبح الدم فيها أكثر تركيزا وكثافة، ما يجعل بروتينات الالتهاب في الدم تخرش أعصاب الألم المحيطة بالدماغ.
الإمساك:
يحول القولون (الأمعاء الغليظة) ما يحتويه من الماء إلى الدم في حالات التجفاف، ما يجعل كتلة البراز داخله صلبة، ما يسبب الإمساك. ومع أن الأغذية الغنية بالألياف (كالخضار والفواكه والحبوب الكاملة) كثيراً ما تستخدم لمعالجة الإمساك، إلا أنها في حالات التجفاف تؤدي عكس المطلوب، لأن الألياف في الطعام تنشط تقلصات القولون فقط في حال وجود كمية كافية من السوائل فيه، أما في حالات التجفاف، فتقبع مع كتلة البراز.
التشنجات العضلية:
وتحدث هذه خاصة بعد الإجهاد العضلي، وعند المتقدمين والمتقدمات في السن وقد لا يحتاج ظهورها أكثر من المجهود الذي يصرف في لعبة تنس أو الجهد العادي في تنظيف البيت، لأن الناس قد لا يقدرون مدى خسارة ماء الجسم من خلال التعرق، ومدى حاجة أجسامهم لتعويض تلك الخسارة.
التجفاف المتوسط:
إذا لم يسارع المرء بتدارك هذه المرحلة عن طريق تناول السوائل (التي يجب أن تؤخذ ببطء وبالتدريج لتجنب الإقياء)، دخل في الدرجة المتوسطة من التجفاف التي تكون خسارة ماء الجسم فيها بين 4 و6 بالمائة.
وتتمثل أعراض هذه المرحلة في: تصبح كمية البول المركز قليلة جدا أو معدومة، يصبح الجلد جافاً جداً وينعدم التعرق، تزداد سرعة النبض والتنفس، تزداد درجة حرارة الجسم، يصاب المرء بالغثيان، وتغور العينان.
التجفاف الشديد:
علينا أن نعرف أن التجفاف الشديد، وهو الذي يحصل عند خسارة الجسم لـ 7 – 9 بالمائة من حجم الماء فيه، ويتأتى نتيجة جهد طويل غير عادي، أو تعرض لجو حار طويل المدى، أو تعذر الحصول على السوائل لسبب أو آخر، أو إسهال عنيف.
والذي من علاماته هبوط الضغط وتسرع نبضات القلب وصعوبة التنفس وارتفاع الحرارة وتشوش واضطراب الذهن وآلام في البطن أو الصدر وسبات. وهذا النوع مدعاة لطلب المعونة الطبية واللجوء لغرفة الإسعاف بالمستشفى فوراً، أو يؤدي للوفاة.