أعلن الرئيس العراقي برهم صالح الثلاثاء عن ترشحه رسميا لولاية رئاسية ثانية، متعهدا بأن يكون “رئيسا لا مرؤوسا”، وأن “يكون رمزا لوحدة العراق وسيادته وحاميا للدستور”.
وجاء ذلك في خطاب ألقاه برهم صالح قبل أيام قليلة من انعقاد جلسة ثانية لمجلس النواب العراقي سيتم خلالها اختيار رئيس جديد للجمهورية، وسط ترجيحات بإعادة تسمية صالح للمنصب، حيث ينظر إليه على أنه الأقدر والأوفر حظا أمام باقي المرشحين.
وقال صالح “أترشح لمنصب رئيس الجمهورية بعد أن نلته بقرار وطني مستقل، مُدركا أنه شرفٌ عظيم ومسؤوليةٌ كبيرة”، مبينا أن “رئيس الجمهورية يجب أن يكون رمزا لوحدة البلاد وسيادتها وحامياً للدستور، وأن يكون رئيسا لكل العراقيين، رئيسا لا مرؤوسا”.
وأوضح الرئيس العراقي “التزمنا بإصرار وبدعم الوطنيين الخيّرين بالمضي تحت سقف الوطنية مسارا لمهامي، ولم أسمح تحت أي ظرف ورغم شتى المصاعب والضغوط بامتهان منصب رئاسة الجمهورية”، مردفاً “حاولتُ النأي ببلدنا عن الدخول في دوامة صراعات دموية داخلية في أوقات عصيبة، مُدركاً بعد كل السنوات العجاف أنه آن الأوان ليحَظى العراقيون بالسلام، ونظام حُكمٍ يرتكزُ على قراره الوطني المستقل”.
الرئاسة العراقية قدمت مشروع قانون يتضمن إجراءات استباقية رادعة، وأخرى لاحقة لاستعادة أموال الفساد المُهرّبة
وقال صالح “أنا القادم من جبال كردستان، ومن السماوة وكربلاء المُقدسة وصلاح الدين وبابل وواسط والعمارة وحلبجة، أتطلعُ إلى تولي شرف المسؤولية مُجددا بعد أن نلتها بقرار عراقي وطني مستقل”.
وشدد “كُلي ثقة بأن العراق الدستوري هو المسار لِبلدِنا، وأن بغداد الحضارة هي مُلتقى الجميع، وفيها تُحسم قضايانا الوطنية، فقوة بغداد هي قوة للبصرة والأنبار والموصل وقوة لكردستان”.
وتولى برهم صالح رئاسة العراق في العام 2018، وأثبت على مدار السنوات الأربع الماضية أنه رجل دولة بامتياز، متجاوزا بذلك العصبية العرقية والطائفية التي طبعت سلوكيات ومواقف معظم الشخصيات السياسية التي تعاقبت على المناصب في العراق في العقود الأخيرة.
وحرص صالح في معظم خطاباته على التأكيد على البعد الوطني، مشددا في كل مرة على أهمية استعادة سيادة العراق وهيبته، ومؤكدا على أهمية النأي به عن سياسة المحاور التي كلفت العراق الكثير.
وقال الرئيس العراقي “نجحنا في تجاوز الكثير من الإشكاليات والتحديات، واستطعنا الانطلاق بالعراق من عنوان للتنازع إلى عنوان لتلاقي دول وشعوب المنطقة، وسنمضي في هذا الطريق ولن نحيد عنهُ ولن نتراجع”.
ولفت إلى أن “مجلس النواب الجديد جاء بانتخابات مبكرة استجابة لِحراك شعبي شبابي ناهض جاء على خلفية الشعور العام بالمظالم والحاجة المُلحة إلى حكم يستند إلى إرادة العراقيين بلا قيمومة أو وصاية أو تدخل وأن يكون الشعب سيّد نفسه”، منوها إلى أن “الدور المنُتظر لمجلس النواب الجديد يُحتم عليه أن يكون برلمانا حرا وممثلاً حقيقيا لأرادة الشعب وتطلّعاته”.
♦ مقتدى الصدر: الضغوط الخارجية لن تثنينا عن تشكيل حكومة أغلبية وطنية في العراق
وقال الرئيس العراقي “شبابنا في البصرة والناصرية والنجف وبغداد والموصل والسليمانية وإربيل والأنبار وكركوك والديوانية ودهوك وديالى وسنجار يتقاسمون ذات التطلعات في العيش الكريم الحرّ”، مؤكدا أنه “يجب مُعالجة مكامن الخلل في منظومة الحكم والانطلاق نحو عقد سياسي واجتماعي جديد يُرسخ الحكم الرشيد لدولة بسيادة كاملة تحمي حقوق العراقيين، وتضمن حقها في فرض القانون وحصر السلاح بيدها”.
وحذر برهم صالح من أن “آفة الفساد الخطيرة تعمل على إدامة نفسها والتأثير على إرادة العراقيين بأموال العراقيين ما يستوجب وقفة حاسمة”، مردفا أن “مكافحة الفساد هي بحق معركة وطنية لن يصلح وضع البلد دون الانتصار فيها، تقوم على ضرب منابع الفساد واسترداد ما تم نهبه وتهريبه”.
وأشار “تقدمّنا بمشروع قانون استرداد عائدات الفساد إلى مجلس النواب، ويتضمن إجراءات عملية استباقية رادعة، وأخرى لاحقة لاستعادة أموال الفساد المُهرّبة، وسنعمل على إقراره وتنفيذه”، مشددا على أن “المرحلة المُقبلة يجب أن تكون مرحلة تعديلات دستورية لبنودٍ أثبتت التجربة مسؤوليتها عن أزمات مُستحكِمة”.
ولفت إلى أنه “استجابة للحراك الشعبي والإجماع الوطني الواسع شكّلت رئاسة الجمهورية لجنة موسعة من فقهاءِ الدستور، وتقدّمت بورقة شاملة حول التعديلات الضرورية وبما يضمنُ الوفاق الوطني”، مؤكداً على “ضرورة تحقيق التحوّل في اقتصادنا الريعيّ، وحماية دجلة والفرات ومواردنا الطبيعية والبيئية، وقد تقدّمنا إلى مجلس الوزراء بمشروع إنعاش وادي الرافدين ليكون استراتيجية وطنية في هذا الصدد”.
ويرى مراقبون أن خطاب الرئيس العراقي تضمن الثوابت والمبادئ التي لطالما آمن بها، وهي بناء دولة حقيقية قائمة على مفهوم المواطنة والسيادة، مشيرين إلى أن التجديد له أمر مرجح على نحو بعيد خصوصا وأنه ليس هناك من بين المرشحين شخصية قادرة على أن تكون البديل بمن في ذلك وزير الخارجية والمالية الأسبق هوشيار زيباري الذي سبق وأن تم رفع الحصانة عنه على خلفية شبهات فساد.
ومن المنتظر أن يعقد البرلمان العراقي في السابع من الشهر الحالي جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد حيث يتنافس على المنصب 25 مرشحا غالبيتهم من الشخصيات الكردية.