أسرلة العقل العربي و مآلات الصراع

أسرلة العقل العربي و مآلات الصراع
جلال نشوان

الكاتب: جلال نشوان

تغيرت الأحوال وتبدلت الأمور، فالمنطقة تمر بمتغيرات سياسية وفكرية وثقافية، ألقت بظلال سلبية على العقل العربي، هدفها تدشين رسمي لإعادة تشكيل وعي المنطقة وتحالفاتها ومصادر التهديد فيها.

أيها السادة الأفاضل:

إننا أمام محاولة جادّة لتعويم هوية الأمة العربية وتاريخها وفضاء وجودها الجغرافي، وتمييع ذلك كله في أفق إدماج الكيان الغاصب وتطبيع وجوده واحتلاله، وليس التطبيع معه، وانما إعادة صياغة العقل العربي، إذا كيف نفسر استضافة أسر عربية لقطعان المستوطنين الإرهابيين؟!!!

يكاد المرء يفقد صوابه عندما يتحول التطبيع إلى غرام سياسي

يكاد المرء يفقد صوابه عندما يجثو سفير دولة عربية بين يدي أحد أبرز الحاخامات تطرفاً، والذي ينادي بإبادة العرب، وهو يقدم ولاءه إليه!!!!
إن قراءة المشهد قراءة واعية، تستدعي من المثقفين اليقظة، إذ المطلوب الاستسلام والرضوخ والتواطؤ وخلق جيل جديد من المنهزمين، بلا تاريخ ولا معايير ولا قيم وأن قضية الشعب الفلسطيني من مخلفات الماضي!!!!!

قادة المطبخ الصهيوني يبذلون جهوداً مضنية بترسيخ التطبيع و العلاقات مع العرب دون أن يغيّر من إيديولوجية الصهيونية وأهدافه في إقامة (دولة الكيان العظمى) على حساب القضية الفلسطينية والاستيلاء على الأرض والحقوق ونهب الثروات العربية ويتعامل مع العرب باستخفاف واستعلاء كبيرين، في وقت يقتحم المسجد الأقصى المبارك ويطلق العنان لقطعان المستوطنين الذين يتغولون على أبناء شعبنا بممارسات إرهابية واستيطانية وعنصرية لا مثيل لها في العالم على الإطلاق.

الكيان الغاصب يسخّر التطبيع لإعادة تشكيل العقل العربي وحمله على القبول بالوجود الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني ويريد للعرب تبني الخرافات والأساطير والمزاعم والأكاذيب اليهودية. والتخلي عن ثوابت النضال العربي والتشكيك بجدوى التمسك بالهوية القومية والوحدة العربية. وأن التخلي عن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال هو الحداثة بعينها

وفي الحقيقة:

وفي زحمة ما يجري ، يسعى الكيان الغاصب إعادة تشكيل العقل العربي وتطويعه وسلخه عن قضاياه المصيرية بترسيخ التطبيع الثقافي المبرمج ليكون مدونة العصر، وهنا لابد من الإشارة أنّ التطبيع الثقافي، قد يبدو للبعض حدثاً عابراً، ولكنه يحمل دلالات في غاية الأهمية عن المرحلة القادمة والخطط والتوجهات التي بعدها الكيان الغاصب للمرحلة القادمة ، إذ إن التطبيع الثقافي يشمل الإنتاج الفني والدرامي والتاريخي… والذي تنوي المؤسسة الصهيونية التركيز عليه إعادة كتابة التاريخ وإبرز خارطة الكيان الغاصب وأنه لا وجود لفلسطين ؟

فمن منا كان يتخيل أن يدرس أبناء الأمة مناهج ترسخ حقيقة وجود الكيان؟

لقد بدأت دولة الكيان الغاصب منذ فترة طويلة، بإعادة كتابة تاريخ المنطقة بما ينسجم وروايتها وقناعتها والصورة التي طالما عملت على ترويجها للعالم عن ديمقراطيّتها وتخلف وهمجية وإرهاب العرب. أوَ ليسوا هم الذين بثّوا ما يحلو لهم من الأفكار على الساحة الدولية من خلال هوليوود، التي أصبحت مؤسسة ثقافية ضاربة في أنحاء الدنيا تشارك في صياغة العقول.

الواقع السياسي، واقع مؤلم وما يحاك في الظلام، هو تنصيب دولة الكيان الغاصب في المنطقة وتمكينها وتشكيل العقل العربي وفق أجندات المشروع الصهيوأمريكي الذي يقوم على إحكام قبضته على مقدرات الأمة ونهب خيراتها.

ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً:

أين المفكرون والمثقفون العرب ما يعد له؟

أين الأدباء والشعراء؟

أين الأحرار والشرفاء الذين رفضوا التطبيع ؟

أين فكر وزعماء الأمة (جمال عبد الناصر، وهواري بومدين وياسر عرفات وصدام حسين) الذين قاتلوا الاستعمار وأفنوا حياتهم من أجل أن يظل العربي حراً أبياً شامخاً؟!!

من ظلام الليل ينبثق نور الفجر ليرسم بأطيافه، ربوع الانعتاق من الاحتلال، ومحاولات أسرلة العقل العربي ستبوء بالفشل، لأن سواعد الأحرار والشرفاء ستمتد لتطال كافة المشاريع السياسية الأمريكية والصهيونية، وستنتصر الجماهير العربية لقضيتها، قضية فلسطين وستنقشع الغيوم السوداء وسيظل العقل العربي متوهجاً منبراً، يرفض الذل والهوان وان مشاريع التطبيع مصيرها مزبلة التاريخ

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن