إنسايد أرابيا: لماذا لا يدعم حزب الله جبران باسيل لرئاسة لبنان؟

إنسايد أرابيا: لماذا لا يدعم حزب الله جبران باسيل لرئاسة لبنان؟
رئيس التيار الوطني الحر في لبنان جبران باسيل

قبل فترة وجيزة من عطلة عيد الميلاد في عام 2019، اتصل رئيس “التيار الوطني الحر” في لبنان جبران باسيل بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لمناقشة إحياء اتفاقية “مار ميخائيل” لعام 2006.

وكان هذا الاتفاق، الذي جرى توقيعه بين نصر الله وميشال عون (صهر باسيل) قد شكل تحالفا بين الحزبين، وتضمن دعم الشيعة لترشح عون للرئاسة مقابل دعم مسيحي لترسانة “حزب الله”.

والتزم عون بالاتفاق حيث دعم “حزب الله” طوال الحرب مع إسرائيل عام 2006. وبعد 10 أعوام، أوفى “حزب الله” بوعده بجعله رئيسا في أكتوبر/تشرين الأول 2016. ويرغب “باسيل” في تجديد الاتفاق وتعديله لتأمين دعم “حزب الله” لطموحه الرئاسي بمجرد انتهاء ولاية “عون” في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

♦ ميقاتي: نرحب بعودة حزب الله وحركة أمل للمشاركة في جلسات الحكومة

وفي يناير/كانون الثاني 2020، وعد “نصرالله” بعقد اجتماع للجنة “مار ميخائيل” الفرعية. ولكن مضى 12 شهرا ولم ينعقد الاجتماع بعد. ومع ذلك، لم يفقد باسيل الأمل بل أشار إلى الاتفاق في خطابه الأخير بمناسبة العام الجديد، قائلا إنه لا يزال من الممكن “تحسينه”. وفي 3 يناير/كانون الثاني رد نصرالله بأنه ما زال ملتزما باتفاق “مار ميخائيل”.

ويبدو أن نصر الله كان يخادع. فهو لا ينوي دعم باسيل لمنصب الرئيس. وفي السر، يقول أعضاء “حزب الله” إن باسيل غير مذكور في اتفاق 2006 الذي ينطبق بشكل صارم على عون وحده. وبعد دخوله القصر الرئاسي، وسع عون الاتفاق ليشمل صهره، حيث فرضه أولا كرئيس للتيار الوطني الحر، ثم وزيرا للخارجية، وأخيرا كزعيم للكتلة الأكبر في البرلمان.

وبسبب تقدم عون في السن، أصبح باسيل القوة الفعلية وراء رئاسة لبنان وسيطر على الشؤون الداخلية والعلاقات الخارجية بشكل كبير. كما يصر باسيل على حق تعيين رؤساء الوزراء وإقالتهم وتسمية جميع الوزراء المسيحيين في الحكومة.

ويعتبر حزب الله باسيل عبئا ثقيلا على رئاسة عون، ويتهمه الشباب اللبناني بالفساد والمحسوبية والاستبداد. وفي عام 2019، كان باسيل في مرمى الاحتجاجات التي عُرفت باسم “ثورة أكتوبر/تشرين الأول”.

ويبدو أن نصر الله لم يكن جادا عندما وعد بإعادة النظر في اتفاق “مار ميخائيل”، وهو الطلب الذي جاء بعد أسابيع فقط من فرض إدارة ترامب عقوبات على باسيل بسبب علاقته بـ”حزب الله”.

وبغض النظر عن المجاملات، يريد “حزب الله” التهرب من أي التزام تجاه باسيل، وذلك لسببين أساسيين.

1- العلاقات المتوترة مع حلفاء حزب الله

يقبع باسيل في وضع حرج بين اثنين من حلفاء “حزب الله” الرئيسيين في لبنان وهما: “حركة أمل” بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري و”تيار المردة” بزعامة الماروني سليمان فرنجية. والأولى شيعية بالكامل، والثاني موارنة بالكامل.

واشتهر باسيل بالدخول في خلافات مع بري حول توزيع المناصب داخل السلطة التنفيذية. وفي المقابل، استخدم بري وزارة المالية التي يسيطر عليها لعرقلة ترقية المعينين من قبل باسيل.

ومنذ عام 2016، لم يكن بري متحمسا لتعيين عون رئيسا، والآن يصر على عدم وصول باسيل إلى منصب الرئاسة. وحاول باسيل، دون جدوى، دق إسفين بين “حزب الله” و”حركة أمل” ما دفع نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم للرد مطلع الشهر الجاري، قائلا إن “العلاقة بين حزب الله وحركة أمل استراتيجية.. ومن لا يفهم ذلك فليضرب رأسه بالحائط”.

وبالنسبة لنصر الله، فإن دعم باسيل لا يعني فقط إغضاب حلفائه الشيعة، ولكن ما تبقى من أنصاره المسيحيين، الذين حشدهم سليمان فرنجية. ويتنافس فرنجية وباسيل على منصب الرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ويبدو أن نصر الله يفضل فرنجية على باسيل.

وصمد تحالف فرنجية مع “حزب الله” أمام اختبار الزمن منذ الثمانينيات، وقد ولد هذا التحالف عن قناعة، وليس من خلال مذكرة أو اتفاقية مثل اتفاق “مار ميخائيل”.

علاوة على ذلك، حصل فرنجية على وعد بالرئاسة في عام 2016، لكن اضطر نصر الله لدعم عون لالتزامه باتفاق “مار ميخائيل”. وحينها كان فرنجية، البالغ من العمر 51 عاما، صغيرا مقارنة بـ “عون” الذي كان يبلغ من العمر 84 عاما. ورأى “نصر الله” أن فرنجية يمكن أن ينتظر حتى عام 2022 ليصبح رئيسا. وحاليا، لا يستطيع نصر الله أن يطلب من فرنجية الانتظار 6 أعوام أخرى من أجل باسيل.

2- موقف باسيل التصالحي تجاه إسرائيل

وأثار باسيل حفيظة “حزب الله” بمحاولة التحالف مع سعد الحريري خلال انتخابات 2018 خلف ظهر نصر الله. ثم أثار المزيد من الجدل من خلال مساواة الوجود العسكري السوري في لبنان في الفترة (1976-2005) بالاحتلال الفرنسي في الفترة (1920-1946).

لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لـ “نصر الله” كان توجهات باسيل الواضحة نحو السلام مع إسرائيل. وعندما كان وزيرا للخارجية عام 2017، قال باسيل: “خلافنا مع إسرائيل ليس أيديولوجيا”، مضيفا: “نحن لا ننكر حق إسرائيل في الوجود والأمان”.

وبعد ذلك، لم يعلن باسيل أي إدانة لـ “اتفاقات أبراهام” بين إسرائيل والإمارات، عكس ما فعل نصر الله الذي انتقد التطبيع بقوة. ثم جاءت المحادثات البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتي كان المتوقع أن تخفف من مشاكل لبنان الاقتصادية بمجرد بدء التنقيب البحري نظرا للتوقعات بشأن احتياطيات ضخمة من الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية.

وكانت شروط “حزب الله” ألا يكون هناك مدنيون، وبالتأكيد سياسيون، في لجنة التفاوض من أجل إبقائها على المستوى الفني والعسكري. وأوضح نصر الله أنه لا يريد بأي حال تطبيع العلاقة بين لبنان وإسرائيل. كما رفض “حزب الله” أي اتصال وجها لوجه بين المفاوضين اللبنانيين والإسرائيليين.

♦ مجلس الوزراء اللبناني ينعقد بعد 100 يوم من تعطيل حزب الله

ومع ذلك، حاول باسيل الضغط من أجل وفد موسع يضم وزراء خارجية سابقين (ما يجعله عضوا تلقائيا) وموظفين من القصر الرئاسي. ثم ذهب إلى أبعد من ذلك، مشيرا إلى أن لبنان قد يكون على استعداد لمشاركة احتياطيات الغاز مع إسرائيل، الأمر الذي ضرب وترا حساسا لدى نصر الله بشكل خاص.

ولكل الأسباب المذكورة أعلاه، لم يراجع “نصر الله” اتفاق “مار ميخائيل”، ولم يعطِ أدنى إشارة على أنه قد يدعم باسيل لمنصب الرئيس. ويترك هذا صهر الرئيس اللبناني بمفرده قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليخوض معركة شاقة ضد خصومه المسيحيين دون دعم من القوى الشيعية.

سامي مبيض – إنسايد أرابيا

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن