إهمال الأطفال.. ذنب يلاحق الآباء وخطر يحيط بهم

إهمال الأطفال.. ذنب يلاحق الآباء وخطر يحيط بهم
إهمال الأطفال.. ذنب يلاحق الآباء وخطر يحيط بهم

من المعروف أن تطورات الحياة الحالية مرهقة للجميع، انطلاقا من الآباء وانتهاء بالأبناء. لكن هل من حل يوحد العائلة، ويجعلها منسجمة راضية عن وضعها، في ظل التطورات السريعة للحياة والتكنولوجيا التي ترافقها، والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يتعرض لها الجميع؟

في نظرة بسيطة إلى حال معظم الأسر العربية، تجد أن الوالدين منهمكان في عملهما طيلة النهار، والأطفال إن لم يبقوا لساعات طويلة وحدهم في المنزل بعد عودتهم من المدرسة، تساندهم أحياناً عائلة أحد الوالدين، أو العاملة المنزلية التي تكون مهمتها الأولى توضيب المنزل وتنظيفه، لذا لا يعيش الأطفال ظروفاً مثالية، تساهم في تنشئتهم بطرق تربوية وتعليمية مثالية.

وقد يشعر الطفل في هذه السن باليتم والحرمان العاطفي، نظراً لانشغال والديه عنه، ما قد يتيح له الاحتكاك بأقرانه في الشارع دون الانتباه إلى أن وجود أطفال بعمر الزهور دون رعاية أبوية قد يعرضهم للمشكلات، وحتى للاعتداءات الجنسية واللفظية وللعنف، جراء إمكانية حدوث مشكلة جسدية لهم.

هنالك جانب آخر أيضا، هو إغفال أحد الوالدين، أو كليهما، متابعة أمور أطفالهما الحياتية والمدرسية والنفسية وتحقيق متطلباتهم، بحجة العودة من العمل في أوقات متأخرة، وبحالة نفسية سيئة بسبب ضغط العمل، ما يؤدي إلى تأخير المسائل العالقة بينهم وبين أطفالهما إلى عطلة نهاية الأسبوع، التي لا تحتمل الكثير من النقاشات الجديدة، بسبب حاجة الجميع إلى الراحة والتنزه والترفيه عن النفس.

نشر البروفيسور الهولندي، إيمانويل دي بيكر، دراسة بحثية أجراها حول العلاقة بين الآباء وأطفالهم، قال فيها إن “إهمال الوالدين للطفل موضوع مهم للغاية”، معتبرا الأمر “انتهاكاً للاحتياجات الأساسية للطفل، التي تساعده على تكوين شخصيته والنمو والتطور”.

وأكد أن “إهمال الوالدين ليس عنفاً مرئياً نشطاً، كما هي الحال حينما يتعرض الطفل للضرب أو الإساءة، بل يتعلق بطفل يتم إهماله، وعدم الانتباه إلى وجوده، طفل يتم نسيانه، حيث يسبب هذا الإهمال أضراراً في البنية النفسية للطفل المعني، وفي قدرته على إقامة العلاقات”.

إذا.. إهمال الآباء لأطفالهم خطر محدق يحيط بهم منذ نعومة أظافرهم، وذنب سيلاحق آباءهم مدى العمر، بالنظر إلى النتائج المتوقعة التي سيقوم بها الطفل في مراهقته وشبابه.

من صور الإهمال، ذهاب الطفل إلى مدرسته، غير عابئ بفروضه الدراسية اليومية، وبملابس غير نظيفة، ولا يحمل معه طعامه وشرابه. وهذا الإهمال يعيق نمو الطفل التعليمي في المدرسة، ويساهم في وحدته وتنمر زملائه له.

أيضاً.. يسبب نقص الاعتناء بالأطفال خوفاً لديهم من التعامل مع الغرباء، ويعيق التطور العقلي والنفسي لهم، بسبب نقص الحب والعاطفة التي لا يقدمها آباؤهم لهم، ما يؤدي إلى سجن الطفل في عزلة نفسية، ويحد من رغبته على المدى الطويل في التواصل مع الآخرين، ويفقد الأمان والحماية.

ولا يمكن تعويض غياب الآباء عن أطفالهم بالإغداق عليهم من النواحي المالية، وإسكات فراغهم بحصولهم على أجهزة الألعاب الرقمية المتطورة، ليقضوا الوقت عليها. ففي هذه الحالة سيكونون أكثر عرضة للانعزال عن العالم الخارجي، والدخول في مطبات التوحد والاكتئاب على المدى الطويل.

وأخطر ما يشير إليه البروفيسور دي بيكر أن الطفل الذي يعاني إهمال والديه، لا يتحدث عن الأمر ما يجعل القدرة على كشف الحالة صعبة جدا، مفسرا الأمر: “حينما يتعرض الطفل لعنف جسدي أو جنسي، قد يتحدث عن الأمر لأنه مرئي، لكن حينما يتعلق الأمر بإهمال الوالدين، سيصمت الطفل ويتكيف بطريقة أو بأخرى، لأنه لطالما تلقى هذه المعاملة من أسرته، وما من وضع سابق ووضع لاحق شهد تغيراً، على عكس الاعتداء الجنسي والعنف الجسدي والنفسي، حيث تتم العملية عادة بشكل تدريجي”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن