ابو شباك يتحدث عن غزة ومعضلة حركة فتح والمصالحة

رشيد ابوشباك

الوطن اليوم / قال رشيد ابو شباك احد ابرز قيادات حركة فتح  فى لقاء اجراه مراسلنا معه فى القاهرة حول مستجدات  الوضع الفتحاوى الداخلي  وازمات الصراع الساخن بين الرئيس والتيار الاصلاحى فى الحركة  وأن تهمة “مناهضة السياسة العامة لدولة فلسطين” تهمة سخيفة وتقليد مستحدث… ولا أعتقد أن المشكلة تكمن في هذا الإجراء رغم أهميته، بل تكمن في هذا السلوك الذي ليس لغزة مكان لا في إطار التفكير ولا الفعل الممارس، فغزة ليست 220 موظف أو يزيد… بل هي جملة من القضايا التي لا تجد حلاً… وجملة من المطالب التي لا يلقى لها بالاً… فغزة فقر ودمار وانقلاب… وغزة شباب لا مستقبل لهم… وعائلات لا مأوى لها وأطفال بترت أعضاءهم… وأمل دفن بين ركام البيوت المدمرة.

نص المقابلة بالكامل :

1.    قامت السلطة بقطع رواتب عدد من موظفيها من أبناء فتح فهل هذا إجراء قانوني وشرعي؟

إن الحديث عن القانون أصبح في واقعنا للأسف حديث ممجوج… حتى يكون أي إجراء قانوني لابد وأن يستند إلى النظام الأساسي… وما دام الحديث يدور حول قطع رواتب عدد من العسكريين فلابد من الاحتكام لقانون الخدمة العسكرية لقوى الأمن الفلسطيني والمقر من قبل المجلس التشريعي والذي لا يعطي “للجنة الضباط” الحق في وقف رواتب هذه العدد من العسكريين دون أن يكونوا ارتكبوا جرماً جنائياً… ولكن الأساس في الموضوع أن السلطة بكل مكوناتها لم تعد من الناحية القانونية سلطة شرعية… وأن تهمة “مناهضة السياسة العامة لدولة فلسطين” تهمة سخيفة وتقليد مستحدث… ولا أعتقد أن المشكلة تكمن في هذا الإجراء رغم أهميته، بل تكمن في هذا السلوك الذي ليس لغزة مكان لا في إطار التفكير ولا الفعل الممارس، فغزة ليست 220 موظف أو يزيد… بل هي جملة من القضايا التي لا تجد حلاً… وجملة من المطالب التي لا يلقى لها بالاً… فغزة فقر ودمار وانقلاب… وغزة شباب لا مستقبل لهم… وعائلات لا مأوى لها وأطفال بترت أعضاءهم… وأمل دفن بين ركام البيوت المدمرة.

*نرى حراكاً فتحاوياً في غزة ضد الرئيس عباس… هل هو انقلاب فعلي على السلطة أم ماذا؟

أنا لا أرى في الحراك الفتحاوي أنه موجه للرئيس “أبو مازن” بالمطلق، بل أراه حراكاً مشروعاً يطالب بحقوق مستحقة، فعندما يفقد هذا الكم الهائل من البشر الأمل بالمستقبل وعندما يتعرض هذا العدد “المناضل” لمجزرة غير مبررة ولا قانونية، وعندما يكون هناك انسداد في الأفق في كافة المجالات ماذا يمكن لهذا الجيش أن يفعل؟

غير أن يخرج عن صمته وينادي بأعلى صوته مطالباً بحقوقه، فعن أي انقلاب يتحدث البعض، وانقلاب على منّ؟ ولصالح منّ؟ انقلاب على السلطة!!! أين هي السلطة التي سينقلب عليها هؤلاء الشباب؟! السلطة مجموعة من المؤسسات تنظم حياة المواطن وتحقق مطالبه في العيش الكريم، وهذا غير موجود للأسف، فالسلطة مغتصبة وأصبحت محتكرة بطريقة بشعة، وغابت وغيّبت مؤسساتها، ولا فعل لها على ارض الواقع، لذا أين هو الإنقلاب وعلى منّ ولصالح منّ يا ترى؟!

*ما هو موقفكم من موضوع المصالحة؟ وهل تقاربكم مع حماس ضمن أجندات خاصة أم وطنية؟

المصالحة مطلب وطني ولا يخضع لمزاج شخصي، فالمصالحة يجب أن تقوم على أسس، أولها عودة الامور إلى ما كانت عليه قبل انقلاب حزيران 2007، وتذكروا لاءات الرئيس الثلاث بعد الانقلاب لا مصالحة دون:

– عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل حزيران 2007.

– ولا مصالحة دون الاعتذار للشعب الفلسطيني.

– ولا مصالحة دون تسليم المقرات والسلاح المصادر من قبل الانقلابيين.

أين المصالحة من اشتراطات الرئيس عباس؟ إلا إذا كانت تلك اللاءات أشبه بلاءات مؤتمر الخرطوم بعد هزيمة العام 1967، والتي لم يبقى منها شيء إلا وقد تبخر، ما علينا ليس هذا هو المهم…، الأهم أن يكون لدى أطراف الصراع رغبة جادة في الوصول إلى مصالحة حقيقية تأخذ بعين الاعتبار المطالب الأساسية للشعب الفلسطيني، غير أن الواقع يقول غير ذلك، فطرفي الانقسام لا يريدان ولا يسعيان إلى احداث مصالحة حقيقية تتجاوز أحداث الماضي بكل ما به من مآسي وبكل ما به من تقزيم، بل تدمير المشروع الوطني.

فمن حيث المبدأ لا أحد لديه ذرة من الوطنية يرفض المصالحة من حيث المضمون، ولكن يجب أن لا نقبل بهذا الاستهلاك الغير مشروع للوقت حتى يصبح هذا الواقع الأليم جزء أصيل من الحالة الفلسطينية ويصبح الهم الوطني آخر ما نفكر به.

أما التقارب مع حماس أو عدمه لا ولن يكون على حساب ما أسلفت، خاصة أن حماس مازالت جزء من المكون الوطني الفلسطيني فعليها أن تعترف بجريمتها التي ارتكبت بحق الوطنية الفلسطينية لكي يكون مجالاً للاقتراب أو الابتعاد منها وعنها، أما الحديث عن أجندات خاصة أو وطنية فنحن نسعى جاهدين أن لا تغيب أو تنحرف البوصلة الوطنية عن اتجاهها، ولا أعتقد أن أحد اليوم لديه أجندات خاصة لأن الوضع بطبيعته في حالة ضياع وتيه، وأي أجندة خاصة ستكون جزء من حالة الضياع والتيه، فلا مغنماً في الحالة الراهنة إلا كيف نتقرب أكثر من هموم ناسنا في غزة لكي نخفف عنهم ولو بالقدر المتواضع في ظل غياب لدور من يجب أن يقوموا بهذا الدور.

* في الآونة الأخيرة شهدنا مداهمات لمكاتب نواب بالتشريعي ومنازل أبناء فتح ما هو تعليقكم؟

لا يجرؤ أحد أن يكون ضد القانون العادل، ولكننا ضد القوانين الجائرة التي لا تخدم غير من يدعي أنه يمتلك ناصيتها، وأي فعل أو عمل خارج اطار القانون فهو عمل مدان، والسلوك في الآونة الأخيرة للسلطة لا يخدم القانون لا الأساسي ولا حتى قوانين الطوارئ، فما حدث في مخيم بلاطة وما يحدث في رام الله من مداهمات واعتقالات تأتي في سياق الهواجس التي تسكن البعض ولا يستطيع التخلص منها.

لا أستطيع أن أفهم أو أتفهم أن معركتنا في ظل هذا الوضع المعقد تنحصر في هكذا اجراءات، بل نحن في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى توحيد صفوفنا وتجنيد كل امكانياتنا لمواجهة هذه الغطرسة الصهونية في الضفة الغربية والقدس، وهذا الانتهاك الغير مسبوق لحقوق المواطن في غزة.

*المؤتمر السابع لفتح لم يحدد موعده برأيكم هل هو مؤتمر لوحدة فتح أم أنه سيعمق الفجوة والصراع داخل الحركة؟

نصيحتي أننا لسنا بحاجة لمؤتمر كافة مؤشراته تقول أننا سنعتقد جلسة أو أكثر لتشييّع ما تبقى من فتح، فأي مؤتمر غير توحيدي وأي مؤتمر اقصائي، وأي مؤتمر لا تحترم فيه حقوق العضوية، وأي مؤتمر لا يهدف إلى توحيد الحركة لا جدوى من وراءه.

من حقي أن أسال لماذا هذا الاصرار على تدمير حركة فتح، لماذا هذا الاصرار على احتكار فتح وكأنها أصبحت عزوة لهذا الشخص أو استثماراً لذلك الشخص؟!

إن من يعتقد أن المؤتمر العام في حال انعقاده سيقطع الطريق أمام البعض “المتجنح” –حسب زعمه- ليكون في الحركة فهو مخطئ تماماً لأن الحركة ليست فرماناً في يد أحد مهما علا شأنه ولا اقطاعية لأي كان، ففتح حالة وطنية بها متسع ومكان رحب لكل فلسطيني، فلا أحد يملك مفاتيح البوابات المؤدية لهذا البيت الوطني الفلسطيني ليغلقها في وجه البعض، ويفتحها على مصراعيها في وجه من لم يعرف من فتح إلا اسمها أو الوظيفة التي منحته اياها، ففتح هي رحلة من الدماء والنضالات التي لا يقوى أي كان أن يشطبها بجرة قلم أو بمحوها برذاذ ما يخرج من أفواههم حين يتلعثمون في الكلام، فنحن باقون في فتح بقاء الصخور في جبال نابلس والخليل، وباقون في فتح نمنحها دمنا وما تبقى من عمرنا كأشجار الزيتون التي تزين صدر الأرض بثمارها وزيتها وعطاءها.

* سؤال أخير.. غزة إلى أين؟

غزة إلى حيث الوطن، غزة البدايات وغزة الفعل النضالي الذي لم ولن يتوقف، غزة إلى مكانها الطبيعي والطليعي، غزة ليست حملاً زائداً على أحد، ولا عبئاً ثقيلاً على أحد، فغزة الثورة والانتفاضة وأول الرصاص وأول الحجارة لن تكون في غير مكانها، ولن تأخذ غير مكانتها.

فرابين تمنى أن تغرق في البحر، وغيره تمنى أن تذهب للجحيم، وذهب رابين وسيذهب الآخرين وستبقى غزة، فلا خوف على غزة ما دام بها هذا الشباب الذي لا ينتمي لغير فكرة الوطن، ومن يحاول أن يكون عبداً للجغرافيا، فنعال اشبال الوطن ستدوسه لأن فلسطين هي قبلتنا والوطن هو بوصلتنا، وغزة هي جزءاً أصيلاً من هذا الوطن.

(صوت فتح)

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن