الاحتلال وأمريكا تضعان السلطة الفلسطينية أمام خيارين أحلاهما مر

محمود عباس

عمدت “إسرائيل” منذ بدء الأسرى الفلسطينيين معركة الإضراب عن الطعام منذ 5 أيام متتالية، إلى الإعلان عن التشدد في مواقفها، وأوضحت أنها لن تُجري معهم أيّ نوعٍ من المُفاوضات.

وحاولت “إسرائيل” وفقاً لموقع “رأي اليوم” كعادتها دقّ الأسافين بين أبناء الشعب الواحد، زاعمةً أن هدف الإضراب تحضير الأسير مروان البرغوثي، لخلافة محمود عبّاس في رئاسة السلطة، وأنّ الأخير ليس راضيًا عن الخطة النضالية.

من الناحية الأخرى، وكما هو معروف، استنجدت “تل أبيب” بحليفتها الاستراتيجية، الولايات المُتحدة الأمريكية، وسربت لوسائل الإعلام أخبارًا مفادها أن الإضراب سيؤثر سلبًا على الاجتماع المُقرر عقده بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس عباس بواشنطن في الثالث من أيّار (مايو) القادم.

ويبدو من التقارير الصحافية “الإسرائيلية” أن أركان “الدولة العبرية” باتوا في حالةٍ من الهستيريا إزّاء نجاح إضراب الأسرى داخل السجون، والتضامن والتأييد اللذين حصل عليهما في الشارع الفلسطينيّ من طرفي ما يُسّمى (بالخّط الأخضر)، الأمر الذي دفعها إلى التصعيد مرّة أخرى واستغلال البطاقة الرابحة، بدعم من واشنطن، والتي تتمثل في الزعم بأنّ الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينيّة للأسرى المُحرّرين ولعائلات الشهداء هي عمليًا دعمًا لما تُسميه “إسرائيل” بـ”الإرهاب” وتحفيزًا له، وبالتالي، رجحّت المحافل عينها، فإنّه عندما سيصل عبّاس إلى البيت الأبيض سيُواجه مطلبًا “إسرائيليًا” أمريكيًا مُشتركًا بوقف دفع المُخصصات على اعتبار أنّها تمثل تمويلاً “للإرهاب” وتحفيزًا له.

وكان وزير الأمن الإسرائيليّ، أفيغدور ليبرمان وصف “الصندوق الوطنيّ الفلسطينيّ”، الذي يُعتبر الذراع الاقتصادية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بـ”المنظمة الإرهابيّة”.

وردًّا على احتجاج السلطة بأنّ هذا الموقف يُشكّل خرقًا لاتفاقيات أوسلو التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، رأت “إسرائيل” أنّ دفع رواتب للأسرى وعائلات الشهداء يُشكّل بدوره خرقًا لاتفاقيات أوسلو التي التزمت منظمة التحرير فيها بنبذ طريق العنف والإرهاب.

وفي السياق عينه، كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة عن خطّةٍ تشريعيّةٍ لسنّ قانونٍ في كلٍّ من “الكنيست” والكونغرس الأمريكيّ يعتبر دفع هذه المخصصات جريمةً ودعمًا للإرهاب، وأشارت الصحيفة إلى أنّه بحسب التقديرات في “تل أبيب”، فإنّ السلطة تدفع سنويًا نحو 300 مليون دولار، أيْ ما نسبته 6 إلى 7 في المائة من موازنتها لمن ينعتهم الاحتلال بـ”المخربين” على شكل رواتبٍ شهريةٍ، مع العلم بأنّ هذه المُخصصات تحصل على طابعٍ رسميٍّ من خلال إدراجها كبنودٍ خاصّةٍ في الميزانيّة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسيّة قولها إنّ المبعوث الأمريكيّ الخاص إلى المنطقة جيسون غرينلات، كان قد طالب عباس خلال زيارته رام الله الشهر الماضي بضرورة وقف هذه المُخصصات كشرطٍ لاستئناف المفاوضات مع “إسرائيل”.

علاوة على ذلك، كُشف النقاب، بحسب موقع “واللا” العبريّ عن أنّه في سياق ممارسة الضغوط السياسيّة على السلطة في هذا الشأن، يسعى ساسة من واشنطن و”تل أبيب” إلى تشريع قانون شبه متطابق وبشكل مواز يهدف إلى وضع حدٍّ لهذه الظاهرة».

ولفت الموقع إلى أنّه في نهاية شهر شباط (فبراير) الماضي باشر مجلس الشيوخ الأمريكيّ في بحث مشروع قانون “تايلور فورس″، المسمى على اسم مواطنٍ أمريكيٍّ قتل في يافا العام الماضي، الذي اقترحه عدد من السيناتورات الجمهوريين برئاسة ليندسي غراهام.

ويشرط مشروع القانون المساعدات الأمريكيّة التي تُقدّمها واشنطن إلى السلطة الفلسطينية بقيام الأخيرة بخطوات ترمي إلى إنهاء العنف وبإدانتها للإرهاب بشكلٍ علنيٍّ ووقفها دفع رواتب شهرية للـ”المخربين وعائلاتهم.

أمّا الصيغة الإسرائيليّة من هذا القانون، فهي مماثلة تقريبًا للصيغة الأميركية، وتقدم بها أعضاء كنيست الشهر الماضي وهي تطلب تحديد آليات إجرائية لاقتطاع المبالغ التي تدفعها السلطة للأسرى وعائلات الشهداء من التحويلات المالية الضريبية التي تجبيها “إسرائيل” نيابة عن السلطة وتحوّلها لها بشكلٍ شهريٍّ

وأوضحت المصادر عينها أنّ الإدارة الأمريكيّة السابقة كانت قد تحفظت على المسّ بميزانية السلطة بسبب الخشية من أنْ يؤدي ذلك إلى إضعافها وزيادة التطرف وسط الشارع الفلسطيني، وهو الموقف الذي تتبنّاه أيضاً المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

ونقل الموقع العبريّ عن مصدرٍ سياسيٍّ إسرائيليٍّ قوله إنّ إدارة ترامب قد تُفضّل تأجيل هذا الموضوع إذا كان من شأنه إطلاق ديناميكيّة تتسبب بالضرر لعباس، في ظلّ سعيها إلى إطلاق العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. مع ذلك، أضاف المصدر أضاف أنّه بمعزل عن الموقف الفعليّ لإدارة ترامب من القانون المقترح، فإنّ بإمكانه أنْ يتخذه كعصا أو كجزرة لإقناع السلطة بتقديم تنازلاتٍ سياسيّةٍ وتغيير سلوكها، لافتًا إلى أنّه مع تغيير الإدارة الأمريكيّة، ووجود الفلسطينيين في حالة دفاع فإنّ هذا الوقت قد يُشكّل فرصةً ممتازةً لدفع هذا التشريع قدمًا.

وشدّدّ الموقع العبريّ، نقلاً عن محافل إسرائيليّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، على أنّ عبّاس بات يفتش من الآن عن طرق بديلة لتحويل الأموال إلى العائلات الفلسطينيّة المستفيدة بحيث يلتف على آليات الرقابة الأمريكيّة بهذا الخصوص، مُوضحةً بأنّه لجأ عام 2014، على خلفية الانتقادات الدوليّة، إلى إجراء تعديلٍ تقنيٍّ أغلق بموجبه وزارة شؤون الأسرى ونقل الأجهزة المختصة فيها بمتابعة دفع المُخصصات المذكورة لهم إلى لجنة شؤون الأسرى في منظمة التحرير الفلسطينيّة.

يُشار إلى أن أكثر من 1500 أسير شرعوا بإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال بتاريخ 17 من نيسان الحالي مطالبة باستعادة حقوقهم التي سلبتها إدارة سجون الاحتلال، ومن هذه المطالب: حقهم بالزيارة وانتظامها، إنهاء سياسة الإهمال الطبي، إنهاء سياسة العزل، إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، السماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، إضافة إلى مطالب حياتية أخرى.

(رأي اليوم)

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن