الانتخابات البلدية تفجر حربًا فكرية

د . خالد معالي
د . خالد معالي

كشفت ردة الفعل على تصريحات اللواء جبريل الرجوب أن المجتمع الفلسطيني يسير ويتجه نحو الإسلام؛ لأن المجتمع الفلسطيني لو كان يتجه ويؤيد الفكر العلماني لما أحدث كل هذه الضجة حول هكذا تصريحات، التي كانت ستمر مر السلام فيما لو كان الفكر الإسلامي ضعيفًا لدى مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني.

تصريحات الرجوب في حق الأشقاء المسيحيين، تتناسب مع المعايير والمفاهيم العلمانية، ونابعة من جوهر هذا الفكر؛ التي يرى أن الدين لا دخل له في السياسة، وأن الإسلام دين لا يلتقي مع الديانة المسيحية، ومن هنا فإن أصوات المسيحيين لا يجب أن تذهب لحركة إسلامية في الانتخابات البلدية، وبالتالي ما صرح به الرجوب يعتبر عاديا جدا من ناحية الفكر العلماني ولا غبار عليه.

إعادة تلفزيون فلسطين الرسمي، بث المقابلة التي أجريت مع الرجوب في التلفزيون المصري؛ دليل أن التلفزيون تنسجم توجهاته مع حالة  الفكر العلماني، وهو من نفس المنبع الفكري الذي  تحمله حركة فتح، وترى أنه الأنسب للمجتمع الفلسطيني من الفكر الإسلامي الذي بنظرهم يحيد المسيحيين واليساريين، ولا يعترف بهم.

تسببت مشاركة حماس غير المتوقعة في الانتخابات البلدية؛ بحالة من الصراع الفكري توج بتصريحات الرجوب، وأوجد حالة من الحراك القوي في الضفة الغربية، فالحملات السياسية والإعلامية المحمومة التي تجتاح الضفة والقطاع حاليا في إطار الانتخابات البلدية المقررة في 22 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، هي من أوجدت حالة من التفاعل الفكري وطرح الإنجازات والبرامج على الطاولة ليحكم الشعب أيهما أفضل وأقوى للحالة الفلسطينية؛ وأقدر على قيادة دفة السفينة لبر الأمان.

تصويت الأشقاء المسيحيين لحركة “حماس” لم يأت من فراغ؛ فالمسيحيّون في فلسطين المحلتة هم الأكثر وعيا؛ كونهم يعانون كما يعاني الشعب الفلسطيني، وقدموا خيرة أبنائهم على مذبح حرية فلسطين، وهم يدركون أن حماس قدمت وما زالت تقدم للشعب الفلسطيني، وهو ما جعل المسيحيين يصوتون لها.

حاليا؛ لا أحد ينكر أن ما يجري على الساحة الفلسطينية، عبارة عن حالة من الانهيار على مختلف المستويات ما لم يتم سرعة التدارك في الحالة الفلسطينية؛ فهناك عدم التفات دولي وعربي لها، وهو بسبب عدم رفع البندقية في وجه الاحتلال والاكتفاء برفع غصن الزيتون، التي كانت فتح سابقا ترفض رفع الغصن لوحده دون البندقية، فلكل فعل رد فعل، والاحتلال الرد الطبيعي عليه هو البندقية في  فهم حركة فتح قبل “أوسلو”.

حالة من الضياع والتيه؛ هي محصلة كل من ينتهج غير الإسلام كحل لكل مشكلات الحياة، ومن بينها مشكلة تحرير فلسطين المحتلة، ففتح ترى أن الاحتلال قوي جدا، ومن العبث تقديم تضحيات مجانية بحسب فكرهم العلماني، لكن حماس ترى أن التضحيات هي مدروسة، وهي بالمحصلة تقود لتحرير فلسطين، والقوي لن تستمر قوته للأبد، وهذا وعد رباني بنصرة المؤمنين، بقوله تعالى “وكان حقا علينا نصر المؤمنين”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن