الفيضانات والسيول… وجه أخر للتغير المناخي يهدد السودان

الفيضانات والسيول... وجه أخر للتغير المناخي يهدد السودان
الفيضانات والسيول... وجه أخر للتغير المناخي يهدد السودان

يعاني السودان منذ عامين من معدلات أمطار متزايدة أدت إلى مقتل العشرات وأضرت بأكثر من مليون مواطن وقضت على نحو ألف منزل وأتلفت آلاف الأفدنة من المساحات الزراعية.

ويقول خبراء سودانيون إن السودان قد دخل في حزام الأمطار الغزيرة التي تحدث فيضانات كبيرة منذ 3 عقود، لكن معدلات الأمطار تزايدت بصورة غير مسبوقة خلال عامي 2021 و2022، مما تسبب في إحداث خسائر بشرية ومادية كبيرة بفعل التغير المناخي وضعف البنية التحتية غير الملائمة للتعامل مع الفيضانات.

وكانت فيضانات الأعوام 1946 و1988 و2020 من أسوأ الفيضانات التي عرفتها البلاد في تاريخها.

ومنذ نهاية يونيو الماضي، تعيش مناطق واسعة في شمال ووسط وغرب البلاد مأساة إنسانية بسبب السيول التي اجتاحت أكثر من 250 قرية وأدت إلى مقتل 115 شخصا وإصابة 115 أخرين، وفقا لبيانات صادرة أخيرا عن المجلس القومي للدفاع المدني بالسودان.

وأوضح المجلس أن مياه الأمطار الغزيرة أدت إلى انهيار 38857 منزلا بصورة كلية، و54345 منزلا بصورة جزئي، فيما تضرر 342 من المرافق و108 من المتاجر والمخازن، كما أدت الأمطار إلى نفوق 2406 رؤوس من الماشية وتضرر 123 ألف فدان من الأراضي الزراعية.

وأعلنت الحكومة السودانية في 21 أغسطس الماضي حالة الطوارئ في 6 ولايات بالبلاد بسبب السيول والفيضانات، وتشهد مناطق واسعة من السودان معدلات أمطار غير مسبوقة أدت إلى تدمير عدد كبير من المنازل.

وأعلنت الأمم المتحدة أخيرا أن نحو 136 ألف سوداني بمختلف مناطق البلاد تضرروا جراء الأمطار الغزيرة والسيول، منذ يونيو الماضي.

وتحذر الجهات الرسمية من أن “الأسوأ لم يأت بعد” إذ تحاصر المياه مناطق واسعة من القري المحاذية لنهر النيل في ظل ارتفاع مستمر، وفقا لأحدث بيان صادر أخيرا عن وزارة الري السودانية التي أشارت إلى أن منسوب النهر سجل 16.58 مترا، وهو منسوب مرتفع.

وقالت وزارة الري “إن جميع القطاعات على النيل الأزرق (وهو رافد رئيس لنهر النيل) تشهد ارتفاعا، وتقترب من مستوى الفيضان”.

وأرجع الدكتور محجوب حسن خبير البيئة والمناخ ومستشار سابق بوزارة البيئة السودانية أسباب ارتفاع معدلات الأمطار بالسودان خلال السنوات الأخيرة إلى التغير المناخي .

وصرح حسن لوكالة أنباء “شينخوا” مؤخرا إن “التغير المناخي الآن يكتسح العالم بأسره وليس السودان فقط، وكل ما نراه الآن هو من آثار التغير المناخي والتحول الجغرافي في مواعيد الأمطار والفيضانات”.

وقال الخبير البيئي السوداني، “معلوم أن السودان قد دخل في حزام الأمطار الغزيرة منذ ثلاثة عقود، في كل عام تتكرر المأساة بسبب ان الاستعدادات أقل من المطلوب لمواجهة السيول والامطار”، منتقدا استعدادات الجهات ذات الصلة للتعامل مع كارثة السيول والأمطار.

وأضاف “أننا نحن غير مستعدين لاي مستوي من الأمطار لغياب البني التحتية، هناك تردي وغياب للمصارف والبيئة متردية والوضع كارثي بمعني الكلمة”.

وفي هذا السياق، أقر حاكم ولاية الخرطوم أحمد عثمان بضعف الاستعدادات لمواجهة الفيضانات والسيول هذا العام.

وقال عثمان خلال مؤتمر لحكام عدد من ولايات السودان انعقد بالخرطوم في 28 أغسطس الجاري “إن التوقعات تشير إلى أن خريف هذا العام سيشهد معدلات عالية من الأمطار وارتفاع منسوب النيل”.

وأضاف “أن الاستعدادات أقل من المطلوب بسبب نقص التمويل ونحتاج إلى إسناد من الحكومة الاتحادية”.

واتهم الدكتور صالح العوض، وهو خبير في مجال الري وهندسة الخزانات والمياه، “جهات” بالتعدي علي مجري نهر النيل من خلال اقامة مشاريع وانشاءات علي ضفتي النيل.

وقال العوض في تصريح لوكالة أنباء “شينخوا” إنه “لقد شهد مجرى النيل، ولاسيما في الخرطوم، انكماشا متزايدا بفعل مشروعات عقارية وزراعية”.

وتابع يقول إن “هذه المشروعات لم تراع التأثير المحتمل علي مستوي المياه عند فيضان النهر في مناطق أخري، وهذا أحد أسباب الفيضانات المتكررة للنيل خلال السنوات الأخيرة”.

يأتي السودان علي رأس قائمة من 65 دولة هي الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي في العالم.

وكانت دراسة صادرة عن محادثات “كوب 26” المرتبطة بالمناخ في غلاسكو العام 2021 قد أشارت إلى أن الدول الـ65 الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي ستشهد انخفاضًا في إجمالي ناتجها الداخلي بمعدل 20 % بحلول العام 2050 و64 % بحلول 2100 إذا ارتفعت درجة حرارة العالم بمقدار 2.9 درجة مئوية.

واعتبر خبير المناخ بالسودان محمد إسماعيل إن غالبية أراضي السودان معرضة للتغيير بسبب العوامل المناخية.

وأضاف أنه “يتنوع المناخ في السودان، فهو صحراوي في شمال بلاد، بينما يسود مناخ السافانا الغنية والسافانا الفقيرة في الغرب والوسط والجنوب. ومع التغير المناخي، فإن ازدياد معدلات الأمطار مستقبلا يظل امرا راجحا”.

وعبر إسماعيل عن أمله في أن تسهم قمة المناخ (كوب 27) المقرر عقدها في مدينة شرم الشيخ في شهر نوفمبر المقبل في وضع خارطة طريق عالمية لمواجهة خطر التغييرات المناخية.

وقال إن “السودان من البلدان التي تعاني بشدة من تغيرات المناخ، وكلنا أمل في أن توفر القمة المقبلة التزامات إضافية لخفض معدلات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى التغير المناخي”.

وأضاف “أننا نأمل أن يتمكن قادة العالم من توفير آليات مناسبة لدعم الدول النامية، ومساعدتها على التعامل مع تداعيات التغير المناخي والتحول إلى الطاقة النظيفة”.

وأشاد خبير المناخ بخطة الصين المتمثلة في تحقيق الحياد الكربوني قبل حلول العام 2060، قائلا إن “مثل هذه الخطط الطموحة تدفع الجهود العالمية الرامية إلي تعزيز التوجه نحو الطاقة النظيفة”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن