القدس وكورونا

ناريمان عواد
ناريمان عواد

كتبت: ناريمان عواد

منذ أشهر لم تطأ قدماي إدراج باب العامود ولا البلدة القديمة ، بسبب الإجراءات الاحترازية التي فرضتها سلطات الاحتلال بسبب كورونا .عرجت يوم أمس الى درجات باب العامود، تطربني أصوات الباعة وهم ينادون المارين لاقتناء بضائعهم وسط الحركة الدؤوبة نزولا وايابا على الأدراج المؤدية إلى داخل البلدة، حركة ضعيفة لعدد محدود من المواطنين يرتدون الكمامات، رجل جليل اعتدت ان اشاهده على اول النزول الى البلدة القديمة وهو يبيع الكعك المحشو بالتمور اعتاد أن يحتل هذا الموقع منذ أكثر من عشرين سنة .

لفت نظري وجود قهوة جميلة على يمين الرجل، فشاهد لهفتي للدخول إليها ، بدأ الحديث : انها قهوة جميلة تستحق ان تدخليها ، بادرتها بالسؤال أليست هذه القهوة لآل العلمي فقد اعتدت مرارا أن أحتسي القهوة فيها فأجاب نعم ولكن باعوها لآل البشيتي منذ أشهر قليلة ، توجهت الى القهوة ودخلتها ، تتميز بالديكور الجميل وبعض الصور التراثية التي تسر العين لكن لا زبائن في المكان ، ابديت اعجابي بالمكان وشكرت اصحاب القهوة.

أكملت طريقي باتجاه السوق حين استوقفني الشيخ الجليل مرة أخرى بالحديث: يا سيدتي اترين الحال الذي وصلت إليه مدينة القدس ؟ القدس تعيش بالوفود الزائرة من كافة أقطار العالم ، تعيش على السياحة، لكن أحوال المواطنين صعبة للغاية ، شعرت بحجم الالم والمعاناة التي يعيشها المواطن المقدسي فبالإضافة الى المعاناة اليومية التي يعانيها من قبل الاحتلال ، اشتدت هذه المعاناة بفعل كورونا والضائقة الاقتصادية التي اضافتها على كاهل المواطنين المقدسيين.

نزلت إدراج باب العامود ودخلت الى البلدة القديمة ، رائحة قهوة ازحيمان تلف المكان وأكملت طريقي الى داخل السوق ، تكاد تخلو المحال التجارية من المرتادين ، الحركة ضعيفة للغاية ، أكملت المسير باتجاه كنيسة القيامة فقد اعتدت على الدخول اليها ومشاهدة الوفود السياحية التي تعم المكان. وصلت إلى الكنيسة ، دخلت الى اروقتها ، القليل من الزائرين في المكان وأصوات التراتيل تبتهل إلى الله سبحانه وتعالى ان يرفع هذا البلاء عن الأمة . على مدخل الكنيسة قهوة كانت تنبض بالحياة ، لم اجد من طاولاتها وكراسيها الا طاولة منفردة ، جلست عليها وطلبت كأس عصير برتقال والتفت يمينا ويسارا ، كل محلات السنتواري والهدايا مغلقة ، سألت صاحب القهوة لماذا لم تفتح أبوابها رغم عودة الحياة إلى طبيعتها. اشار الى انها تعيش من الوفود السائحة والمواطنين بالكاد ان يوفروا لقمة عيشهم ، وتعرف علي الرجل وتذكرنا معا ذكريات جميلة للمكان وأبناء الحي ولوالدي واخوتي رحمهم الله .

غصة حملتها معي لذكرى الذين رحلوا وللقدس الجميلة التي تغيب عنها زحمة المكان وأجوائها التي يخيم عليها الحزن وقسوة الاحتلال .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن