المقاومة بغزة .. تطور في الأداء والتحدي

قسام

في مستوطنات “سديروت” و”أشكول” القريبة من غزة يتابعون عادةً تصريحات “أبوعبيدة” الناطق باسم كتائب القسام بدرجة لا تقل أهمية عن كلمات رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” فالأول الذي قليلاً ما يظهر يحدد مصير اليوم والليلة في مستوطنات “غلاف غزة”.

كيمياء العمل المقاوم في غزة والضفة آخذة في التطور بالإيجاب، فقد أصبح بالإمكان أفضل مما كان! غزة منذ 3 أسابيع تمتص الضربات الجوية الصهيونية وترد بالقصف الصاروخي والضفة تلج في انتفاضة شعبية حقيقية حضرت هذه المرة في القدس المحتلة.

لو لم تحتفظ المقاومة الفلسطينية بأدوات قوة في الصراع مع الاحتلال لكانت هذه الأيام وقت تلقي الضربات فقط !

سلطات الاحتلال التي بدت لا تريد الحرب على استحياء لم تتجرع أيضاً تهديدات المقاومة في سباق يسأل “من صاحب الطلقة الأخيرة ؟” .

وشهدت المقاومة في غزة بالأداء الميداني والمواقف الإعلامية تطوراً جديداً حسب قراءة كثير من المراقبين فيما انفجرت الضفة المحتلة بصورة غابت كثيراً وعادت من جديد جزئياً في الشوارع العامة خاصةً القدس المحتلة .

ختام المشهد الميداني لم يتضح بعد وإن كان نصف هدوء “شفوي” لا “مكتوب” يقترب أكثر من خيار الحرب الذي لن يخدم الكيان الصهيوني حالياً بعد تجربتين فاشلتين في حرب 2008 و2012 وجولة إخفاق متكررة.

هدوء مقابله هدوء

القصف في غزة والمواجهات الميدانية مع الاحتلال في الضفة هما من حركا معادلة “هدوء مقابله هدوء” بعد أن فشلت سلطات الاحتلال في فرض زمان ومكان المعركة كما اعتادت في صراعها مع الإقليم من حولها طوال عقود .

ويقرأ الخبير العسكري العميد متقاعد يوسف شرقاوي الأداء الميداني للمقاومة من الزاوية الصهيونية كما يقول فأن تصل سلطات الاحتلال لمبدأ “تهدئة مقابل تهدئة، وقف غارات الطيران مقابل وقف القصف الصاروخي” يحمل ضعفاً واضحاً من قبل الاحتلال.

ويرى أن الاحتلال لا يرغب في التصعيد لأن لديه مشكلة في الجبهة الداخلية وهو اليوم يخشى الاصطدام بقوة مقاومة مثل التي جربها في “غزة وجنوب لبنان” .

ويضيف: “لاحظت أداء أفضل من السابق في التصريحات فقد كانت من موقف متمكن وإطلاق الصواريخ كان أكثر دقة من قبل وأثبتت القبة الحديدية فشلها لذا ستحجم دول عن شراء منظومتها فـ”إسرائيل” رابع دولة مصنعة للأسلحة وهذا انتصار للمقاومة على صعيد عسكري” .

وأعلن الاحتلال أمس عن مقتل صهيوني من قصف المقاومة على مستوطنة “أوفكيم” وإصابة جندي اليوم بقصف على مستوطنة “أشكول” في حين تعددت الإصابات في الأيام الماضية بشظايا صواريخ أصبحت أكثر دقة .

ويبدو المحلل السياسي د.عبد الستار قاسم مستاء كثيراً من مجرد الحديث عن “هدنة” لأن الهدنة كانت محل استفادة الاحتلال في تاريخ الصراع ولم تلتزم يوماً بهدنة.

ويؤكد قاسم أن تجربة غزة كبيرة في الحديث عن “تهدئة أو هدنة” مع الاحتلال فحتى اليوم لم ير-الكلام لقاسم- أي وثيقة عن حالة هدوء وقعت عليها سلطات الحتلال وكل ما يجري كان تفاهمات شفوية تتحلل منها سلطات الاحتلال عادةً .

ويتابع: “مصر راعية أكثر من اتفاق مثل اتفاق صفقة وفاء الأحرار ومن قبل تهدئة و”إسرائيل” لم تحترم رعايتها والأفضل للمقاومة إن كان لديها قوة أن تضرب وإن كانت ضعيفة فلتسكت فلسنا بحاجة لهدن مع إسرائيل”.

انتفاضة الضفة

العين الثانية في الكيان الصهيوني مسلطة الآن على شوارع الضفة المحتلة التي تعيش فوق برميل من البارود خاصة بعد العدوان على محافظة الخليل وجريمة اغتيال الطفل أبو خضير وهجمات المستوطنين المتطرفين في شوارع القدس .

ويؤكد الخبير شرقاوي أن اشتعال انتفاضة ثالثة في الضفة الآن مسألة حساسة للكيان الصهيوني خاصةً بعد أن عاشت القدس وبعد غياب طويل قبل أيام انتفاضة شعبية حقيقية .

ويضيف: “أعجبني ربط المقاومة الضفة بغزة حين قالت إن العدو يقترف بالضفة وغزة وهنا تستشف المقاومة أن الاحتلال ضعيف في هذه المرحلة والمقاومة عادةً تحقق المستحيل لا الممكن وعليها أن تجر الكيان إلى آلام لا إلى تهدئة كما يريد هو” .

المعادلة الميدانية آخذة في التطور بين المقاومة والاحتلال فقد توعّد “أبو عبيدة كالعادة الاحتلال حين قال: “أي عدون على قطاع غزة لن يكون نزهة، تهديدات التي يطلقها العدو والتلويح بالحرب لا تعني في قاموسنا سوى اقتراب ساعة الانتقام من العدو وتلقينه دروساً قاسية، وهي تهديدات لا تخيفنا ولا تربكنا ولن تدفعنا سوى لتحضير بنك أهدافنا استعدادا للحظة الصفر”.

وبعد أن وجه الناطق باسم كتائب القسام خطاباً شديد اللهجة للكيان الصهيوني قبل يومين، وقد نشر القسام صورة على صفحته الالكترونية تظهر أن كل مدن الاحتلال في مرمى النيران .

لغة التلاحم هي المطلوبة حالياً بين غزة والضفة وهو ما قرأه المحلل قاسم في كلمات المقاومة خاصة تصريح “أبو عبيدة” الناطق باسم القسام في مؤتمره الأخير .

عن ذلك يقول: “غزة لا تقف مكتوفة الأيدي عما يجري بالضفة .. هذا هو المطلوب حالة التحام تظهر الشعب الفلسطيني شعب واحد وتجسد حالة احتدام والتحام واحدة”.

ويرى الخبير في الشئون الصهيونية د.سعيد زيداني أن الكيان الصهيوني يخشى الآن اندلاع انتفاضة في الضفة لذا تلجأ الآن لتهدئة الوضع الميداني هناك وتتلافي ردة الفعل الشعبية من الناس .

استثمار الكيان الأفضل كان حسب تحليل د.زيداني كان في الانقسام والمصالحة حتى الآن لم تحدث تغيير جذري وهي تتجنب الغضب الشعبي لكنها تحضّر لعدوان كبير على غزة بشكل مختلف عن حربي “2008 و2012” .

في الجانب الآخر تحاول سلطات الاحتلال الفصل بين الضفة وغزة وتضغط على السلطة لإظهارها أنها هي من افشل التسوية وتضع العصي في دواليب مصالحة هشّة.

وتريد سلطات الاحتلال ضرب حماس لكنها أمام محظور الانجرار لحرب في ظل اضطراب المنطقة السياسي والميداني فالحروب مجرّبة وفاشلة في جولتين والبداية قد تكون من جيشها لكن النهاية غير مضمونة المعالم ما يقرب غزة من جولة تصعيد بلون مختلف مع بقاء التلويح بخيار الحرب بين حين وآخر .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن