المونيتور: سر التحول الإسرائيلي في التعامل مع السلطة الفلسطينية

المونيتور: سر التحول الإسرائيلي في التعامل مع السلطة الفلسطينية
المونيتور: سر التحول الإسرائيلي في التعامل مع السلطة الفلسطينية

حدثت لحظة محرجة في بداية اجتماع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ومضيفه وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس يوم 28 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، عندما فُتح الباب ودخل جندي يرتدي الزي الرسمي، وكان الجندي هو ابن غانتس الذي يقضي خدمته العسكرية الإلزامية وكان في إجازة في منزل الأسرة، تجمد الضيوف الفلسطينيون لوهلة، لكن أبو مازن كسر الجليد وقال: “آمل أن يأتي السلام من هذا المنزل”. وفق الإعلام العبري

لكن هذا الاجتماع لن ينتج السلام، فقد كان هدفه منع الحرب في المقام الأول.

ويعد هذا أول اجتماع رسمي لـ أبو مازن داخل إسرائيل منذ عام 2010 (باستثناء المشاركة في جنازة الرئيس الراحل شيمون بيريز).

كما أن المنطقة التي شهدت الاجتماع ليست كأي منطقة، فلها رمزية كبيرة وتاريخ طويل، حيث يقع منزل غانتس في بلدة “روش هعين” المتاخمة لبلدة كفر قاسم المحتلة التي تضم المقر الرئيسي لحزب “القائمة العربية الموحدة” وهو أول حزب عربي ينضم للائتلاف الحاكم الإسرائيلي.

شاهد أيضا : لم تكن صافرات غانتس الهدف من الاجتماع مع أبو مازن لكنها ضرورية للسلطة الفلسطينية

دوافع الاجتماع الاستثنائي

كما كان متوقعًا، صبت المعارضة الإسرائيلية اليمينية هجومها على غانتس لاستضافة أبو مازن الذين يعتبرونه منكرًا للمحرقة وإرهابيًا كبيرًا، كما إن الأعضاء اليمينيين في الحكومة لم يكونوا متحمسين بشأن هذا الاجتماع الحميمي.

وقوبل أبو مازن كذلك بهجوم عنيف من الفلسطينيين، خاصة من حركة “حماس” التي اتهمته بالخضوع للقائد السابق للجيش الإسرائيلي.

ومع ذلك، فإن أسباب الطرفين للاجتماع كانت أهم من الاعتبارات السياسية، حيث تم تنسيق الاجتماع الحساس للغاية من قبل مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان الذي زار إسرائيل والسلطة الفلسطينية في 22 ديسمبر/كانون الأول.

ووعد سوليفان رئيس السلطة أبو مازن بأنه لن يضيع وقته بالاجتماع مع غانتس الذي كان يجهز مجموعة من الحوافز من شأنها أن تفيد الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القيود الإسرائيلية، ولذلك قرر أبو مازن الذهاب.

وغضب اليمين الإسرائيلي من حزمة غانتس التي أُعلن عنها في 29 ديسمبر/كانون الأول.

وشملت هذه الحزمة تصاريح لبناء المنازل الفلسطينية في “المنطقة ج” من الضفة الغربية، وتسهيل السفر لمئات التجار الفلسطينيين، واستمرار تسجيل الآلاف في سجل السكان الفلسطينيين الذي تسيطر عليه إسرائيل، وتحويل حوالي 100 مليون شيكل إسرائيلي (32 مليون دولار) من أموال الضرائب المحتجزة لدى إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية.

لكن إجراءات غانتس لم تكن مدفوعة بالكرم، وإنما تأتي على خلفية زيادة العمليات الفلسطينية ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس الشرقية في الأسابيع الأخيرة، حيث حدثت هجمات طعن وإطلاق نار، ورمي أحجار، واضطرابات متزايدة في القدس.

وحذر رئيس الشاباك الجديد رونين بار الحكومة الإسرائيلية مؤخرا بشأن الاحتمالات المتزايدة لجولة أخرى من التصعيد الإسرائيلي – الفلسطيني، ونصح بتدابير عاجلة لتهدئة الاضطرابات وإعطاء بعض الأمل للفلسطينيين.

غانتس والتحول الإسرائيلي

في الأشهر الأخيرة، أصبحت واشنطن تنظر إلى وزير الدفاع الإسرائيلي باعتباره الشخص الذي يُعتمد عليه في الحكومة الإسرائيلية، وقد رسخ غانتس دوره باعتباره الشخص الذي يعتمد عليه في التعامل مع السلطة الفلسطينية.

وقد حوّل غانتس مسار السفينة الإسرائيلية بعد 12 عاما من حكم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

ففي حين أن نتنياهو فعل كل ما بوسعه لإضعاف السلطة الفلسطينية، مما عزز “حماس”، فإن غانتس يقوم بتكتيك مختلف لتقويض “حماس” وتعزيز السلطة الفلسطينية، متجاهلًا انتقاد اليمين الإسرائيلي.

وغرد غانتس على موقع (تويتر) قائلًا: “المسؤول عن الجيش هو أكثر شخص يدرك أهمية منع إرسال الجنود إلى المعركة”.

ومن الواضح أن النموذج المماثل لدور غانتس هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين الذي كان أيضا جنرالًا عسكريًا سابقًا وأصبح في سنواته اللاحقة مدافعًا قويًا عن السلام مع الفلسطينيين.

ويأمل غانتس أن يكون حاله أفضل من رابين الذي اغتيل في عام 1995 من قبل متعصب يهودي في ذروة عملية أوسلو مع الفلسطينيين.

المخاوف الأمنية

وبحسب التقارير، فقد وُصف جو اجتماع وزير الحرب غانتس مع رئيس السلطة عباس بأنه حميمي وإيجابي، لكن عباس أعرب أيضًا عن إحباطه وغضبه من الإسرائيليين.

ومع وجود رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية ماجد فرج إلى جانبه، تحدث الرئيس المسن عن إنزعاجه من الإذلال اليومي تقريبا الذي يتعرض له الفلسطينيون على أيدي الإسرائيليين، كما ذكرت التقارير أنه أقر بأن موقفه أمام شعبه “ليس سهلًا” وأوضح أن الفلسطينيين كانوا يتعلقون ببعض الأمل.

وذكر الجانبان أن القضايا الدبلوماسية أثيرت أيضا في الاجتماع، كما نوقشت سبل تجديد المفاوضات بين الجانبين، ومع ذلك يدرك كلا الرجلين أن المفاوضات الدبلوماسية الهامة لن تجري طالما ظلت الحكومة الحالية.

وكان الأمن هو القضية الأكثر حساسية التي تم طرحها، وأكد الطرفان التزامهما بوقف “العنف،” وسرد رئيس السلطة بالتفصيل قائمة بالهجمات المتزايدة على الفلسطينيين من قبل المستوطنين الراديكاليين الذين يخلقون احتكاكات مستمرة مع الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية.

ووعد غانتس بأن الجيش والشاباك سيفعلون كل ما في وسعهم لإرساء الهدوء، وسعى إلى التركيز على “الإرهاب الفلسطيني”، الذي قال إنه أكثر أهمية بكثير.

وفي الواقع، يراقب كل من أبو مازن” وغانتس عن كثب الجهود الهائلة التي تبذلها “حماس” لإثارة الضفة الغربية من معقلها في قطاع غزة، بالإضافة إلى المحاولات التي لا هوادة فيها من جناحها العسكري وممثليها العاملين في تركيا لإعادة بناء البنية التحتية العسكرية الخاصة بالحركة في بلدات الضفة الغربية ومخيمات اللاجئين.

وتتفق إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن هذه المشكلة أيضًا، حيث تشكل حماس تهديدا استراتيجيا وجوديا للسلطة الفلسطينية وتحديًا أمنيًا ​​معقدًا بالنسبة للجيش الإسرائيلي والشاباك، وبالتالي فإن وجود عدو مشترك يسهل تعاونا أكبر.

ويعد اجتماع غانتس وعباس في 28 ديسمبر/كانون الأول خطوة على هذا الطريق.

شاهد أيضا : غانتس عن لقاء الرئيس أبو مازن: “هذه هي طريقتي وسأستمر بها”

تعزيز التعاون المشترك

وأوردت التقارير أن أبو مازن قال لـ”غانتس” إن الأوضاع صعبة، وتعهد بالحفاظ على الهدوء وخفض مستوى “العنف”.

وحذر رئيس السلطة من تحول النزاع من اشتباك بدافع وطني بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى اشتباك ديني بين اليهود والمسلمين، لا سيما في ضوء الاحتكاك المستمر في المسجد الأقصى.

واقتبست تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أبو مازن قوله إنه “إذا نجح المتطرفون في تحويل ذلك إلى مسألة دينية، فإن منع الانفجار سيكون صعبا للغاية”، ومع ذلك، وعد أبو مازن بمواصلة القيام بكل ما في وسعه لتجنب مثل هذه النتيجة.

واشتكى أبو مازن كثيرًا بشأن محاولات المستوطنين المثيرة للجدل لإعادة التموضع في مستوطنة “حومش” في الضفة الغربية التي أخلتها إسرائيل في عام 2005، ووعد غانتس باتخاذ إجراءات، ولكنه طالب في الوقت نفسه بتنسيق أوثق بين قوات الأجهزة الأمنية الفلسطينية والجيش الإسرائيلي من أجل إحباط المزيد من “العنف”.

وقال التقارير الإسرائيلية إن الجانبين اتفقا على معظم القضايا التي ناقشاها وستشهد المرحلة المقبلة ترجمة هذا التوافق إلى عمل ملموس.

كما وجب علينا نذكر لكم بأن هذا المحتوى منشور بالفعل على (بين كاسبيت – المونيتور) وربما قد قام فريق التحرير في (الوطن اليوم) بالتأكد منه أو التعديل علية أو الاقتباس منه أو قد يكون تم نقله بالكامل ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر من مصدره الأساسي.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن