النفاق الدولي الذي يمارسه مجلس الأمن

النفاق الدولي الذي يمارسه مجلس الأمن
د. عادل عامر

بقلم: د. عادل عامر

فقد تقدمت تونس لشركائها الـ14 في مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار يدعو أديس أبابا إلى التوقف عن ملء خزان سد النهضة، المشروع الكهرومائي الضخم الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل الأزرق ويثير نزاعاً بينها وبين دولتي المصب مصر والسودان.

وينص مشروع القرار على أن مجلس الأمن يطلب من كل من «مصر وإثيوبيا والسودان استئناف مفاوضاتهم بناء على طلب كل من رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة لكي يتوصلوا، في غضون ستة أشهر، إلى نص اتفاقية ملزمة لملء السد وإدارته».

ووفقاً لمشروع القرار، فإن هذه الاتفاقية الملزمة يجب أن تضمن قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهرومائية من سد النهضة، وفي الوقت نفسه تحول دون إلحاق أضرار كبيرة بالأمن المائي لدولتي المصب،

كما يدعو مجلس الأمن في مشروع القرار «الدول الثلاث إلى الامتناع عن أي إعلان أو إجراء من المحتمل أن يعرض عملية التفاوض للخطر ويحض في الوقت نفسه إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد في ملء خزان سد النهضة»، وسيلاحظ أن كثيراً مما ورد في مفردات مشروع القرار التونسي يتوافق مع الاتفاقية الدولية التي أشرنا إليها سابقاً للأمم المتحدة حول الأنهار الدولية لعام 1977…

والسؤال المطروح هنا: هل أظهرت مداولات مجلس الأمن حول ملف سد النهضة أخذ طابع قانوني أم المصالح الاقتصادية للصين والجيواسترتيجية لروسيا في وضع يلقي بظلاله على عودة نوع من الحرب الباردة مجدداً؟

وهل ستستخلص دولتا المصب مصر والسودان دروساً في علاقتها مع بعض الدول دائمة العضوية من خلال مواقفها التي أبدتها في مجلس الأمن الدولي؟ وما الذي يؤمن لدولتي المصب أن إثيوبيا لن تعود مجدداً في المستقبل بملء ثالث أو رابع للسد، وربما تقوم ببناء سدود أخرى إضافية قد تهدد الأمن المائي لدولتي المصب، خصوصاً بالنسبة لمصر، الذي يمثل الأمن المائي عملية وجودية لها؟

وهل فعلاً كما ادعت إثيوبيا أن الخلاف حول سد النهضة لا علاقة له بتهديد الأمن الإقليمي والدولي، وبالتالي ليس من اختصاص مجلس الأمن الدولي البحث في هذا الموضوع؟ أسئلة كثيرة تتطلب المناقشة مستقبلاً.

لا رهان على كل ما يقال ويطرح في صيغ مبادرات ولا في كل ما تسوقه أمريكا ، أما الأمم المتحدة ومبعوثها فقد صاروا بيادق أمريكية بحتة ، وقد استفادت دول الحلفاء المنتصرة في تطويع هيئة الأمم المتحدة والعديد من اداراتها وبرامجها لمصالحها السياسية، فها هو مجلس الأمن الذي يتكون من 15 عضواً يحتكر قرارات إدارة النزاعات والحروب ويحتكر قرار السلم والحرب الدوليين في خمس دول لديها حق النقض لكل مشروع قرار لا يتوافق مع مصالحها أو مصالح حلفائها، فها هي الولايات المتحدة تعترض وتعطل القرارات الدولية التي تدين الكيان الصهيوني الإسرائيلي في ممارساته العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب، وها هي القضايا العربية تتواجد في أروقة مجلس الأمن منذ 1948 ومازالت القضية الفلسطينية في مكانها، أما بالنسبة لروسيا الاتحادية التي ورثت الاتحاد السوفيتي في مجلس الأمن الدولي تعترض وتعطل بعض القرارات التي تدين نظام بشار الأسد قاتل شعبه وقاذف براميل الموت على الأحياء السكنية والمدنيين ولا نشاهد ونسمع الا مزيداً من القلق من الأمين العام، وقامت إسرائيل بقتل المدنيين في مذابح ضد الفلسطينيين في حربها الحديثة ضد غزة او في حروبها ضد العرب في السنوات الفائتة، وها نحن نشاهد روسيا تقصف العديد من المواقع المدنية وبعض المستشفيات وليس هناك سامع او مجيب لأنين الجرحى وصراخ الأمهات والأطفال.

ولكننا نلاقي الصدود والنكران والتقارير المخالفة للحقيقة من بعض هذه المنظمات التي تعتمد على تضخيم الوقائع والأحداث في كتابة تقاريرها عن الشرق الأوسط أو العرب أو الدول الخليجية، فالعرب لم يقوموا بالحرب العالمية الأولى ولم يشعلوا الحرب العالمية الثانية ولم يرموا القنابل النووية ولم يحتفظوا بالترسانات النووية ولم يمارسوا إرهاب الدولة، ولم يسيسوا ويسيطروا على البنك الدولي ولم يسمحوا بالمفاوضات السرية بين ايران ودول مجلس الأمن بظروف غامضة وبشروط قد تكون غير معلومة،

أما بالنسبة للدول الخليجية وهي تعتبر من أوائل الدول الداعمة مادياً وفنياً للمنظمات الإنسانية عليها مراجعة وتقييم هذا الدعم غير المتكافئ بالنسبة للنتائج والتقارير، وعلى الدول الخليجية خلق وتعيين كوادر مؤهلة تستطيع العمل في العشرات من المنظمات الإنسانية والإغاثية التي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة لكى تضمن الحيادية ووصول المساعدات لمستحقيها، فالأمم المتحدة الحالية هي نسخة طبق الأصل لعصبة الأمم السابقة ولذلك نحتاج تطويراً وإنصافاً ومشاركة عربية خليجية في القرار الأممي، وقبلها علينا أن نعدل ونطور الجامعة العربية الخاملة وخصوصا في آلية التصويت والالتزامات.

كل الأمور تسير الآن كما خططت لها الدول الثلاث. الفيتو الروسي الثاني عشر سيستخدم غطاء لعمل عسكري قد يكون كبيرا هذه المرة، ولكن ليس من أهدافه إنقاذ الشعب السوري بالتأكيد بعد كل هذا الدمار والخراب الذي لحق بسوريا الوطن وسوريا الشعب وسوريا التاريخ وسوريا الحضارة. هذا ما تريده إسرائيل. وهؤلاء هم طبعة جديدة من – سايكس بيكو وبلفور- الضحايا من العرب والمال من العرب والمسرح في أرض العرب. ولتتابع إسرائيل مجازرها في غزة على مرأى ومسمع من حلفائها العرب الجدد المعجبين بإنجازاتها والمتبرعين لها بفلسطين.

وبينت الوزارة أن الإدارة الأمريكية الحالية التي تدعي أنها عادت للتفاعل مع الأمم المتحدة والالتزام بالتعددية تعاني أسوأ مظاهر ازدواجية المعايير السياسية والأخلاقية مجتمعة، فهي تدعي على لسان وزير خارجيتها أنه لا حل للازمة في سورية إلا الحل السياسي في حين تفرض العقوبات على الشعب السوري وتقتل الأبرياء وتتسبب بكل أشكال العنف والظلم والتجويع المقصود والافقار المتعمد للشعب السوري بعد أن دمر ما يسمى (التحالف الدولي) غير الشرعي بقيادة الولايات المتحدة البنى التحتية السورية من جسور ومصانع ومعامل ومشاف بناها الشعب السوري بتضحيات هائلة منذ الاستقلال.

إن بعض الساسة الأمريكيين، رغم ترديدهم شعار التمسك بالقواعد الدولية، داسوا مرارا على القانون الدولي والأعراف الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية، وتدخلوا بشكل سافر في شؤون هونغ كونغ والشؤون الداخلية للصين. وهذا يكشف تماما عن معاييرهم المزدوجة المتأصلة في القواعد الدولية، والتي يعتمد استخدامها على ما إذا كانت تتوافق مع المصالح الأمريكية.

ومع تنفيذ سلسلة من الإجراءات الفعالة، بما فيها قانون الأمن الوطني، تمت استعادة النظام الاجتماعي في هونغ كونغ، وعادت تنميتها إلى المسار الصحيح، وفتحت المدينة فصلا جديدا للحوكمة الرشيدة. وتزداد هونغ كونغ استقرارا وازدهارا مع التطبيق الأفضل لمبدأ “دولة واحدة ونظامان”. وهذا هو أقوى رد على أولئك الساسة الأمريكيين الذين يشوهون سياسة بكين في هونغ كونغ. ما يتعلق بالإجراء المستقبلي لمجلس الأمن، علينا أن نجري تقييما لتبيان ما إذا كان أي إجراء أو بيان معين سيساهم في تعزيز احتمالات إنهاء العنف”.

أن “النزاع على أشده، وتداعياته الإنسانية مدمرة للغاية. لم يقل مجلس الأمن ولو كلمة واحدة علنا. تقع على عاتق أعضاء المجلس مسؤولية جماعية تجاه السلم والأمن الدوليين. لقد حان الوقت لكي يتدخل المجلس ويكسر صمته”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن