انقلاب بورما.. العقوبات الأمريكية على جنرالات ميانمار تصطدم بتحالفات الآسيويين في المنطقة

انقلاب بورما.. العقوبات الأمريكية على جنرالات ميانمار تصطدم بتحالفات الآسيويين في المنطقة
انقلاب بورما.. العقوبات الأمريكية على جنرالات ميانمار تصطدم بتحالفات الآسيويين في المنطقة

تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بحشد حلفاء الولايات المتحدة للرد على الانقلاب العسكري في ميانمار، ولكن يبدو أن إقناع الحلفاء الآسيويين بفرض العقوبات والعمل على عزل النظام العسكري لن يكون سهلا، للمصالح التجارية الواسعة بين الدول الآسيوية وميانمار، والإيمان بقوة المشاركة، ورفض التنازل عن الأرض الإستراتيجية للصين.

ووفقًا لصحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية، يعتقد الخبراء أن جنرالات ميانمار توقعوا أن يتمكنوا من إدارة التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية الناجمة عن الإطاحة بحكومة أونج سان سو تشي المدنية.

ويبدو أن هناك الكثير من الإشارات على أنهم كانوا محقين، ففي يوم الخميس الماضي، وخلال مواجهة المقاومة المحلية للانقلاب، حظر النظام العسكري فيسبوك وتطبيقات مراسلة أخرى.

وقال موراي هيبرت، أحد كبار المشاركين في برنامج جنوب شرق آسيا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: “من المؤكد بنسبة 100% تقريباً أن الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لميانمار في آسيا، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند والصين، لن ينضموا إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على ميانمار أو قطع المساعدات الاقتصادية عنها”.

وبالتهديد بفرض عقوبات اقتصادية جديدة هذا الأسبوع، حذر بايدن من أن الولايات المتحدة ”تراقب من يقف مع شعب ميانمار في هذه الساعة الصعبة”.

الاقتراب من الصين

ومع ذلك هناك شعور سائد في آسيا، بأن عقدين من العقوبات خلال فترة الحكم العسكري السابقة في ميانمار، قد دفعت القيادة العسكرية ببساطة إلى الاقتراب من الصين، بينما عانى الناس العاديون من الفقر، وهو شعور يحد من خيارات بايدن.

وقال هيبرت: “ستمنح العقوبات الولايات شعورًا جيدًا، ولكنها لن تكون مؤثرة من الناحية الاقتصادية إذا استمر أصدقاء أمريكا وحلفاؤها في آسيا في العمل مع القيادة العسكرية للبلاد”.

اليابان لاعب رئيس

وتعتبر اليابان من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، وتفخر طوكيو التي تعتبر أهم حليف للولايات المتحدة في آسيا بعلاقاتها الوثيقة تاريخيا مع ميانمار.

ويشير الخبراء إلى أن طوكيو لم تنضم إلى العقوبات الدولية خلال فترة الحكم العسكري السابقة في ميانمار، ولذلك من المستبعد أن تؤيد فرض عقوبات شاملة الآن.

ووفقًا لمنظمة التجارة الخارجية اليابانية، ازدهرت العلاقات الاقتصادية الثنائية بين اليابان وميانمار بعد أن بدأت ميانمار الانتقال إلى حكم شبه ديمقراطي في العقد الماضي، وأقامت أكثر من 400 شركة يابانية أعمالا تجارية في البلاد، وهي زيادة 8 أضعاف منذ العام 2011، لصناعة منتجات مثل السيارات والبيرة.

وتعتبر اليابان مانحا رئيسا للمساعدات ورابع أكبر شريك تجاري لميانمار بعد الصين وتايلاند وسنغافورة، ورابع أكبر مستثمر مباشر في السنوات الخمس الماضية بعد سنغافورة والصين وهونغ كونغ، وفقا لبيانات الأمم المتحدة وحكومة ميانمار.

وتعرض رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا لانتقادات لتباطؤه في الرد على الانقلاب، ولكن وزير الخارجية توشيميتسو موتيجي أعرب عن “قلقه الشديد” ووقع على بيان من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى.

ويرى نوبويوشي نيشيزاوا الأستاذ في جامعة شرق آسيا في شيمونوسيكي إن الحكومة اليابانية تشعر بخيبة أمل كبيرة من الانقلاب، ولكن اليابان لن ترغب في تدمير علاقاتها الودية مع ميانمار، ولذلك ستعتمد ردا هادئا”.

وكان أبكر العلامات على ذلك، قول نائب وزير الدفاع ياوهيدي ناكاياما لرويترز إنه من المهم الحفاظ على قنوات التواصل مع جنرالات ميانمار وحذر من تعليق برنامج الشراكة الياباني مع الجيش.

وقال: “إذا لم نتعامل مع هذا الأمر بشكل جيد، يمكن لميانمار أن تبتعد عن الدول الديمقراطية الحرة سياسيا وتنضم إلى عصبة الصين، وأعتقد أن ذلك سيشكل خطرا على أمن المنطقة“.

ويقول توشيهيرو كودو، أستاذ المعهد الوطني للدراسات العليا للدراسات السياسية في طوكيو والمتخصص في جنوب شرق آسيا، إن الاستثمار والمساعدات اليابانية ساعدت الناس العاديين.

وخلافا لما كان عليه الوضع منذ 10 سنوات باتت ميانمار مندمجة الآن في سلسلة الإمدادات في المنطقة، والناس لا يريدون التضحية بفرصهم الاقتصادية، وفق كودو.

وفي حين أنه من غير المرجح أن تتخذ رابطة دول جنوب شرق آسيا موقفاً حازماً ضد الانقلاب، ستتوقع واشنطن المزيد من كوريا الجنوبية، سادس أكبر مستثمر مباشر في ميانمار، ولكن أملها قد يخيب.

ويؤيد هذا الرأي كيم سونغ وون الخبير الميانماري في جامعة بوسان للدراسات الخارجية في كوريا الجنوبية، بقوله إنه بسبب استثماراتها الكبيرة في ميانمار، لا تستطيع كوريا الجنوبية تحمل ثمن اتخاذ موقف حازم بشأن التوترات هناك، فسيول تتعامل بحذر بينما تراقب ما إذا كانت واشنطن ستكثف الضغط على ميانمار.

وفي حين أعربت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية عن ”قلقها العميق” إزاء الأحداث في ميانمار، اعترض الخبير السابق المعين من قِبل الأمم المتحدة في شؤون ميانمار “لي يانغ هي” في تغريدة على تويتر يوم الأربعاء على الاستثمارات المريبة وغير القائمة على مبادئ واضحة لكوريا الجنوبية في البلاد، وحث سيول على الاحتجاج على الانقلاب.

كما تعرضت اليابان لانتقادات بسبب امتناعها عن التصويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في العام 2019 لإدانة جرائم الجيش الميانماري ضد أقلية الروهينغيا، وتعرضت شركات مثل شركة كيرين لصناعة البيرة وفندق أوكورا لانتقادات من نشطاء حقوقيين بسبب مشاريعهم المشتركة مع شركات يسيطر عليها الجيش الميانماري.

وقال روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في مؤسسة هيومن رايتس ووتش، إنه يأمل في أن يحفز الضغط الشعبي طوكيو على التحرك، وهذا قد يعني الانضمام إلى الإجراءات المستهدفة ضد كبار القادة العسكريين، واقترح تجميد الأصول وحظر السفر والعمل على فرض حظر عالمي على الأسلحة للنظام، موضحا أن طوكيو تتمتع بالنفوذ الكافي من الناحية الدبلوماسية لإحداث تغيير.

وأردف: “هناك علاقة طويلة الأمد وحيوية، وإذا اتخذت اليابان موقفا يقول لجيش ميانمار إنه مخطئ وأنها لن تدعمه، سيكون لذلك تأثير”.

ومع ذلك لا يعتقد معظم الخبراء أن ذلك سيحدث، حيث قال دانيال سنايدر المتخصص في شؤون شرق آسيا في جامعة ستانفورد: “الحديث عن نهج قائم على القيم سهل، ولكن هذا الانقلاب يكشف أن هذا الحديث فارغ”، في إشارة إلى الإستراتيجية الإقليمية لليابان التي تؤكد على التجارة الحرة إلى جانب الديمقراطية وحقوق الإنسان.

والواقع أن جنرالات ميانمار كانوا يعلمون ذلك عندما استولوا على السلطة هذا الأسبوع، كانوا يعلمون أنه ستكون هناك عواقب، ولكن اعتقد أنهم توقعوا أن يتمكنوا من إدارة التأثير الدولي بفضل الصين، بحسب رأي كودو.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن