بلال الأشرم.. غنى قبل استشهاده “فوق فوق فوق” فماذا قصد بها ؟

بلال الأشرم.. غنى قبل استشهاده

تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لا ترى الا صوراً تدمي القلب، ونحيب الكلمات، ووقوفاً عند وجع القلب الذي يحياه سكان غزة في بكائهم على شهدائهم بعد تنفيذ الاحتلال مجزرة على أعين العالم، انتشر خبر “شهيد مجهول الهوية” ولكن أحدهم تعرّف على الشهيد، فكتب:

المعلم ماهر الغصين يكتب عن “شهيد مجهول الهوية”

“صورة لشهيد مجهول الهوية”
هذا الذي قرأته بمجرد أن دخلت الفيس بوك البارحة، وبمجرد أن رأيت الصورة قُلت بلسان ثقيل: هذا طالبي العزيز “بلال الأشرم”.
كان وجهه مُضرجاً بالدماء، لكنني عرفته، وتذكرت آخر لقاء كان بيننا
جاءني بعد امتحانات التجريبي الأخيرة، وسألني: كيف علامتي يا أستاذ؟ قلت له: رائعة! سألني: فوق التسعين؟! قلت له: نعم فوق التسعين. فأعاد السؤال: يعني فوق الخمسة وتسعين؟ قلت له: وبعدين معك يا بلال؟ فأعاد السؤال بابتسامته المعهودة، وبلهفه المعتاد: فوق الخمسة وتسعين يا أستاذ؟ قلت له: نعم فوق الخمس وتسعين، فمضى وهو يغني:
فُوق. فُوق. فُوق!
*
درسته لعامين
لكن هذا العام كان بلال مختلفاً، بدا لي أكثر جدية، وأكثر اهتماماً، وأكثر رجولة
كنتُ أشرح وأحدق في عيون طلابي، وما وقعت عيناي على عينيه إلا ورأيته وهو يبتسم
والآن أنا لا أتخيله إلا مبتسماً
*
وجاءني ذات صباح: أريد رقم جوالك يا أستاذ. سألته: لماذا؟ أجابني: لأن أبي يريد أن يسألك عني. قلت له: لقد وقعت أخيراً يا بلال. فابتسم قائلاً: ما بِقَعْ إلا الشاطر يا أستاذ.
والآن وقع بلال، ولوقوعه وقع السيف على قلبي.
*
بريئاً كان
ورجلاً في الآن نفسه
وابتسامته تأبى أن تغادر نفسي
إنها تنتصر على صورته المضرجة بالدماء
وأشعر بأنه قريب ولم يغادر
وأقسم أنني أشعر بأنه هو الذي درسني وهو الذي علمني وليس العكس
*
البراءة تقتل أصحابها يا بلال
لكن عزاء البريئين أنهم يمرون في هذا الكون الظالم مرور النسيم الربيعي الفتّان
لا يعنيهم متى
وإنما كيف يمرون.
أما أين؟
ففي قلوبنا يستقرون.
وهذي صورتك تحاصرني وتطوقني وتشعرني بعجزي وتأبى أن تغادرني
*
سألته أول العام: ما هي استعداداتك؟
فأجابني بيقين: ستراني يا أستاذ آخر العام!!
وبالدم رأيته
وبالدمع كَتَبْتُه

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن