تركيا تطالب روسيا بفك شيفرة صواريخ “إس-400” وإلا فستُلغي الصفقة.. هذه احتمالات انصياع بوتين

صواريخ إس-400

في موقف مفاجئ، أعلنت السلطات التركية رغبتها في وضع شروط إضافية لشراء منظومة الصواريخ المضادة للطائرات “إس-400” الروسية، وهي شروط من شأنها تهديد هذه الصفقة التاريخية التي كانت قد أقلقت الولايات المتحدة وشركاء أنقرة الآخرين.

شروط أنقرة أكدها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، حيث صرح بأن تركيا تصرّ على الحصول على النظام الداخلي لهذه المنظومة والاطلاع على التقنيات السرية الخاصة بها، بحسب ما أوردته صحيفة Svabodnaya presse الروسية.

في المقابل، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “نحن لم نتوقع إخطاراً رسمياً سلبياً بشأن هذه المسألة”، حسبما ورد في تقرير لصحيفة سفابودنايا برس الروسية.

وقال وزير الخارجية التركي إنه “بإمكان كل من روسيا وتركيا اتخاذ خطوات مشتركة نحو الإنتاج المشترك لهذه المنظومة، وإذا لم تدرس روسيا الأمر بشكل إيجابي فسنضطر إلى توقيع الصفقة مع بلد آخر”.

ويبدو جلياً بالنسبة للجميع، أن البلد الآخر الذي تهدد تركيا بالتحول إليه هو الولايات المتحدة الأميركية، حسب الصحيفة الروسية.

ففي الأحد 8 أكتوبر/تشرين الأول 2017، أفادت صحيفة “صباح” التركية، نقلاً عن مصدر في الحكومة التركية، بأنه على الرغم من الاتفاق على توريد منظومة الصواريخ المضادة للطائرات “إس- 400” الروسية، فإن تركيا ما زالت تهتم بشراء نظام الدفاع الصاروخي الأميركي “باتريوت”. وبهذا، فإن الاطلاع على النظام الداخلي والإنتاج المشترك للمنظومة يمثل الشرط الرئيسي لتركيا من أجل إتمام الصفقة.

في وقت سابق، أعلن نائب رئيس الحزب الجمهوري الشعبي التركي المعارض، أوزتورك يلماز، أن أنقرة تقدمت لواشنطن بطلب شراء نظام الدفاع الصاروخي “باتريوت”.

شروط تاريخية

ووفقاً لما أكده المصدر نفسه، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تضع فيها أنقرة شرط الاطلاع على التقنيات السرية عند إبرام العقد.

ففي سنة 2013، أعلنت تركيا مناقصة لتوريد منظومات الدفاع الجوي بمبلغ يقدَّر بنحو 4 مليارات دولار، فازت بها الشركة الصينية، التي لم تخفض فقط في سعر قيمة العقد إلى 3.4 مليار دولار؛ بل وافقت أيضاً على الكشف عن أسرار صنع هذه المنظومة. ومع ذلك، أعلنت تركيا سحب المناقصة وعدم توقيع العقد. وشاركت روسيا في هذه المناقصة بمنظومة “أنتاي 2500″، إلا أنها انسحبت لدوافع سياسية.

وتتجاوز قيمة العقد، المتعلق بتوريد 4 كتائب من طراز “إس- 400″، ملياري دولار، وذلك ناتج عن الاتفاقات السياسية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ويبدو أن الخبراء في هذا المجال لاحظوا منذ البداية، أن الاتفاق المبرم ترك مسألة التقنيات السرية والنظام الداخلي للمنظومة أمراً مفتوحاً ولم يتم التفاوض فيه.

لماذا ترفض موسكو الشروط التركية؟

تأمل تركيا تركيز الإنتاج المشترك لهذه المنظومة على أراضيها، ولكن الخدمات الخاصة الروسية تعارض وبشدةٍ، هذه الخطوة.

فروسيا ترى أنه من غير المناسب الكشف عن أسرار هذه المنظومة لبلد عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي؛ لأن ذلك سيكون له تأثير مباشر على الأمن القومي للفيدرالية الروسية.

هل سينصاع بوتين ؟

يبقى السؤال المطروح هنا: ما الذي يختبئ وراء التصريحات المفاجئة لأنقرة؟ وهل ستعلن أنقرة فسخ عقد “إس-400” إذا لم تكشف روسيا عن التقنيات السرية للمنظومة؟

حسب الكولونيل الروسي المتقاعد، فيكتور موراخوفسكي، فإن تسليم المنظومة سيتم، وستمضي روسيا في تنفيذ مطالب أنقرة. علاوة على ذلك، تريد تركيا الحصول على منظومة الصواريخ الروسية المضادة للطائرات في أقرب وقت ممكن.

توجد نقطة إضافية، وهي أن اتفاق “إس-400” يتضمن ما يسمى المعاملات التعويضية، المتمثلة في نقل جزء من إنتاج قطع غيار المنظومة الجوية إلى الأراضي التركية.

ويتطلب هذا الأمر إعداد قائمة محددة بالتكنولوجيات التي ستُنقل إلى تركيا، وقائمة المكونات والمواد التي سيتم توريدها من روسيا، فضلاً عن قائمة الشركات التركية التي سوف تشارك في الإنتاج، ويتطلب القيام بهذه العملية بضعة أشهر. وعموماً، إن النقطة الإضافية ليست جزءاً من العقد؛ بل هي جزء من الاتفاق العام بين موسكو وأنقرة.

سر قسوة جاويش أوغلو

أكد موراخوفسكي أن الوزير التركي، من خلال ذلك التصريح، كان يشير إلى الصفقة التعويضية (نقل جزء من الإنتاج لتركيا)، حيث أعرب عن عدم استعداد بلاده لتوقيع العقد في حين لم يكن هناك صفقة تعويضية.

وكلا الطرفين لم يعلن من قبلُ أن الصفقة التعويضية ستوقَّع في الوقت نفسه الذي يوقَّع فيه العقد، علماً أن تركيا تسعى إلى الحصول على المنظومة في أسرع وقت، وأن دورة تصنيع هذه النظم تستغرق أكثر من سنة.

من يعترض على الصفقة داخل روسيا؟

بالنسبة للمسائل الأمنية، فلدى روسيا جهاز خاص، يتمثل في الدائرة الاتحادية للتعاون العسكري التقني التابع لوزارة الدفاع، وأيضاً الدائرة الاتحادية للتعاون التقني للرقابة على الصادرات. وبالطبع، من دون إذن هذه الهيئات فلن يتم نقل أي تكنولوجيا إلى تركيا.

أما فيما يخص منظومة “إس-400″، فهي تشمل العشرات من النسخ النهائية للإنتاج، إضافة إلى اختلاف التقنيات المستعملة.

ومن الواضح أن روسيا لن تكشف لتركيا عن أسرار نظام الرادار الروسي “سفويتشوجوي” للصواريخ المضادة للطائرات، فضلاً عن التقنيات الأخرى التي لن تسمح موسكو بالكشف عنها.

في المقابل، تستطيع موسكو الكشف عن بعض التقنيات، مثل نظم الإمدادات بالطاقة، وتصميم الهياكل، ونظام الخدمات والإصلاح وأجهزة المحاكاة.

هل الاطلاع على التقنيات السرية سياسة خاصة لأنقرة؟

بعض البلدان، مثل الهند، لديها إجراءات صارمة تتضمن ذلك. وعموماً، تنص تشريعات المنطقة القطبية الشمالية على أنه في حال تجاوز العقْد قيمة 6 ملايين دولار فسيكون هناك عقد تعويضي بنسبة 30%.

هل تبتزُّ تركيا روسيا باهتمامها بشراء نظام “باتريوت” الأميركي؟
يعد ذلك ظاهرة شائعة في صفقات الأسلحة، وقد آن الأوان ليدرك الجميع أنه لا توجد سوق دولية للأسلحة بالمعنى التقليدي؛ بل أصبحت سوق الأسلحة ساحة للمعارك تُستخدم فيها جميع الأساليب، بما في ذلك الخدع العسكرية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن