تورط محام وسمسار من الشمال بتسريب أراض للمستوطنين

المستوطنات

كشفت دعوى قضائية قدمتها المسنة فاطمة يوسف إبراهيم رضوان (85 عاما) من سكان قرية قراوة بني حسان الواقعة في محافظة قلقيلية في الضفة الغربية المحتلة، ضد شركة يهودية استيطانية باسم “سحلب”، عن قضية تسريب أراض بمساحة 25 دونما إلى المستوطنين بمساعدة محامين عرب.

وقدمت رضوان دعوى ضد “سحلب” وهي شركة مسجلة في الإدارة المدنية التابعة للاحتلال في مستوطنة “بيت أيل”  وضد المحامي صالح محاميد من مدينة أم الفحم في آب/أغسطس الماضي في المحكمة المركزية في مدينة القدس، بواسطة المحامي علاء محاجنة.

وتطالب رضوان من خلال الدعوى بإلغاء ورفض طلب نقل الأرض من ملكيتها الخاصة، الذي تقدّمت به شركة”سحلب”.

ووفق ما كشفت الدعوى، تقدّمت شركة “سحلب” الاستيطانية في آذار 2015 بطلب للإدارة المدنية بنقل حقوق ملكية قطعة الأرض، وهي مسجلة باسم فاطمة رضوان، لصالحها. واستندت “سحلب” في طلبها إلى سلسة وكالات تدّعي من خلالها أن رضوان باعت حقوق الملكية في الأرض المسجلة باسمها بمبلغ 3 مليون شيكل.

ويكشف طلب التسجيل الذي تقدّمت به “سحلب” سلسة خطيرة من الأساليب التي يستخدمها المستوطنون بمساعدة محامين عرب لنقل ملكية الأراضي بطرق مشبوهة.

وتؤكد رضوان في الدعوى أنه يجب رفض طلب نقل الملكية لأنه يستند إلى وكالات مزورة، والتي تدّعي الشركة الاستيطانية بموجبها أنها حصلت على حقوق الملكية بالأرض، والأمر الأخطر هو أن هذه الوكالات تبرز ضلوع جهات وأشخاص من فلسطينيي الداخل بهذه القضية.

وبحسب المستندات، فإن الوكالة الأولى التي تعتمد عليها “سحلب”، في طلبها تم توقيعها للمحامي صالح محاميد، وهو من سكان مدينة أم الفحم، ووفق هذه الوكالة فإن “سحلب” تدّعي أن رضوان منحت توكيلا للمحامي صالح محاميد عن طريق وكالة دورية غير قابلة للعزل، بنقل حقوق الملكية بالأرض، والتصرف بها وفق ما يراه مناسبا.

وتنكر رضوان كليًا من خلال الدعوى توقيعها على مثل هذه الوكالة، أو أنها التقت المحامي محاميد أو معرفتها به من الأصل. وبناء على هذه الوكالة، ووفق رواية “سحلب”، تم نقل حقوق الملكية بالأرض في وقت لاحق من المحامي صالح إلى محمود رضوان، شقيق فاطمة ووكيلها، الذي قام بدوره بنقل حقوق الملكية بالأرض بواسطة وكالة دورية غير قابلة للعزل لشخص من منطقة الجليل الغربي. والحلقة الأخيرة في هذه الوكالات تتلخص بتحويل حقوق الملكية بالأرض من قبل الشخص ذاته من الجليل الغربي لشركة “سحلب”.

وهنا يجدر التنويه إلى أنه بالأصل كانت مساحة الأرض 50 دونمًا وهي كانت دائمًا محط أنظار الشركات الاستيطانية التي قامت بمحاولة الاستيلاء والاعتداء عليها عدة مرّات في السابق، بسبب موقعها الاستراتيجي. وأسفرت هذه المحاولات في سنة 2006 عن خسارة نصف مساحة هذه الأرض لصالح شركة استيطانية أخرى واسمها ‘تيليم’. وطلب ‘سحلب’ هو استمرار مثل هذه المحاولات للاستيلاء على الأرض.

وبحسب الدعوى، تنكر رضوان قطعيًا أن تكون قد وقّعت على أي توكيل للمحامي صالح محاميد من أم الفحم أو لغيره. وبالتالي فقد طالبت المحكمة بالإعلان عن إلغاء هذه الوكالة وسلسلة الوكالات التي استندت عليها ‘سحلب’ بطلب التسجيل الذي تقدمت به.

تسلسل الوكالات:

وبحسب تسلسل الأحداث الواضح من خلال الدعوى، والمستندات المرفقة بها والتي حصل عليها ‘عرب 48’ من خلال المحكمة، فإن رضوان كانت قد وكّلت شقيقها محمود للدفاع عن الأرض التي تبلغ مساحتها الإجمالية بالأصل 50 دونما في العام 2006، بعد محاولة تزوير قامت بها شركة استيطانية، استطاعت رضوان استرجاع نصف هذه الأرض.

ويؤكد وجود المحاولة الأولى أن المنظمات الاستيطانية وعملائها يخططون للحصول على الأرض بطرق عدّة منذ 10 سنوات، وحينها اعترفت لجنة التسجيل المجدد في الإدارة المدنية بأن رضوان هي المالك الشرعي والوحيد لنصف الأرض التي تستهدفها الجمعيات الاستيطانية. منذ ذلك الحين كانت هناك عدة محاولات أخرى للاستيلاء على ما تبقى من الارض.

أمّا بداية المسار القضائي، فكانت عندما استلمت “الإدارة المدنية” طلبًا من شركة “سحلب” للبدء بتسجيل الصفقة وتحويل الملكية، الأمر الذي نقلته للمدّعية رضوان وموكّلها شقيقها محمود مطلع العام 2015. وبحسب شهادة محمود التي أرفقت بالدعوى أمام المحكمة المركزية، فإنه يؤكد أنه لم يقم بأي صفقة بيع للأرض، وأن شقيقته لم تقم بتوكيل للمحامي صالح محاميد بالتصرف بالأرض.

كما نفى محمود أنه قام بدوره بتحويل الأرض للشخص من الجليل الغربي، أو لغيره. لذلك وبتاريخ 16 نيسان/أبريل عام 2015، توجّه محمود برسالة إلى الإدارة المدنية معلنًا باسمه واسم شقيقته البالغة من العمر 71 عامًا أنهما لم يلتقيا بمحاميد ولم يمنحاه أي توكيل، وبالتالي يجب رد طلب “سحلب” لتسجيل الأرض وبطلان الوكالات التي تعتمد عليها.

ورد المحامي صالح محاميد على أقوال محمود وشقيقته فاطمة بأنه في تاريخ 19.4.2013، وكّلته رضوان بالتصرف بالأرض ونقل ملكيتها، ووكّلت أيضا بموجب نفس التوكيل  شقيقها محمود بالتصرف بحقوق الملكية بالأرض، وهو التوكيل الذي تدّعي رضوان أنه لم يكن موجودًا ولم تبصم عليه بتاتًا، وهو أيضًا التوكيل الذي لم تخرج النسخة الأصلية منه إلى الضوء وفق رد محاميد أمام المحكمة، إذ قال إنه غير متوفّر، وأنه موجود بحوزة فاطمة رضوان.

واستنادًا إلى الحلقة الأولى التي تمت بتوكيل المحامي محاميد، وتؤكد رضوان في المحكمة بأنها مزيّفة، فقد قام شقيقها بتاريخ 16.5.2013 بتوكيل الشخص من الجليل، الذي قام بدوره بتحويل الأراضي إلى شركة ‘سحلب’ الاستيطانية في وقت لاحق.

ويحاول المحامي محاميد في رده المقدم للمحكمة تأكيد رواية شركة “سحلب” لنقل الملكية بالأرض. وأرفق محاميد برده شهادته وشهادة البائع من الشمال، بالإضافة لمستندات هي عبارة عن الوكالات التي تعتمد عليها “سحلب” بطلبها لنقل الملكية، وعليه فقد طالب محاميد المحكمة برفض دعوى رضوان، زاعما أن جميع الوكالات والمستندات التي قدمتها “سحلب” حقيقية.

وتوجّه موقع “عرب 48” إلى المحامي صالح محاميد، للحصول على ردّه حول المستندات التي وصلت إلى الموقع، وقال إن “كل الإثباتات اللازمة على عدم صحة ادعاءات قدمت من قبلي للمحكمة. موقفي واضح جدا أنا ضد بيع الأراضي بالضفة للمستوطنين وغيرهم، لم أقم بذلك لا في السابق ولا الحاضر. أنا ممثل الآن من قبل محامي في هذه القضية ولا يمكنني التعليق على ما قيل بالجرائد، وذلك حتى الانتهاء من سماع القضية من قبل المحكمة… وأنا واثق من براءتي”.

محاجنة: ازدياد حاد بوتيرة ضلوع المحامين العرب من الداخل بمثل هذه الصفقات المشبوهة

بدوره، قال وكيل رضوان، المحامي علاء محاجنة وهو متخصص بمجال الدفاع عن أراضي الفلسطينيين من خطر المصادرة والتسريب، إنه “م تقديم دعوى وطلب أمر منع مستعجل باسم مالكة الأرض أمام المحكمة المركزية في القدس من أجل الحيلولة دون إتمام نقل الملكية لصالح الشركة الاستيطانية والحفاظ على الأرض من التسريب”.

وأضاف أنه “من غير المتوقع أن تنتهي القضية في الوقت القريب بسبب التعقيدات الخاصة لمثل هذا النوع من القضايا”. وأردف قائلا “نجحنا قانونيًا في هذه المرحلة بإيقاف عملية تحويل الأرض التابعة لموكلتي من خلال استصدار أمر منع موجه للسلطات الإسرائيلية، يقضي بمنع تنفيذ طلب تسجيل الأرض على اسم الشركة الاستيطانية لحين البت والقرار بادعاءات بطلان الوكالات التي أرفقتها ‘سحلب’ وعليها تستند لنقل التسجيل”.

وتابع محاجنة أنه “بشكل عام ألاحظ من خلال عملي بهذا المجال ازدياد حاد بوتيرة ضلوع المحامين العرب من الداخل بمثل هذه الصفقات المشبوهة، الأمر المؤسف فعلًا هو أن هذه الشركات تقوم باستغلالهم ممّا يسهل عليها القيام بعمليات تسريب الأراضي الفلسطينية لأيادي يهودية”.

واختتم قائلًا إن “هذه الظاهرة خطيرة ويجب محاربتها بشدة عن طريق اللجان الشعبية في قرانا ومدننا، وأيضا عن طريق الأحزاب السياسية كونها آخذة بالانتشار أكثر، إسرائيل ممعنة في محاولاتها للاستيلاء على أكبر قدر من الأراضي الفلسطينية، وما يميّز هذه الطريقة هو أنها تمكّن إسرائيل الادّعاء بأن الحديث عن صفقات عقارية “خاصة”، أي عمليات بيع وشراء بين أشخاص عاديين على عكس عمليات المصادرة التي عادة ما تكون عرضة للانتقاد الداخلي والدولي”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن