ثقافة التسامح وثقافة الدم خطان متوازيان امام العقلية الاقصائية

تمارا حداد
تمارا حداد

بقلم : تمارا حداد

لعل الخطوة الاولى نحو تقبل الآخر هو علاج العقلية الاقصائية “الداعشية” التي عششت في بعض جوانب حياة البعض الثقافية والسياسية والاجتماعية وعدم اعترافهم ان العقلية الداعشية هي سبب حالة التأزم في عدد من المجتمعات العربية.

“الداعشية” ليس بمفهوم ” داعش ” وانما التمظهر الابشع للمرض التعصبي والانتقامي والفكر الاستئصالي والذي تجسد في اسلوب البعض، متجسدا في انتشار ثقافة التكفير والتحريم وعدم تقبل الآخر وتحول الملايين من الناس الى تابعين غير مدركين الحالة التي وصلوا اليها من جهل بحجة الدين والتدين.

علينا ان نعترف ان الكثير يتعاطف مع النواحي الدينية لان الامة العربية بشكل عام تربت على مفهوم دينياً لا يمت بصلة بتعاليم الاسلام المعتدلة والتي وجبت تقبل الاخرين واحترام الحوار بين كافة الاديان ” الاسلامية والمسيحية واليهودية ” والموجودة في القران الكريم وفرض علينا الايمان بكافة الرسل، نسي البعض هذا المفهوم ليتحول فكره الى ثقافة التعصب ليتحول الى ثقافة الدم، وهذا ما ظهر في سوريا والعراق واليمن وليبيا، لتنتقل تلك الثقافة الى قطاع غزة بسبب عقلية التعصب والتي انتشرت كالوباء المدمر خلال سنين طويلة.

صورة الاحداث التي ارتسمت في القطاع والتي وصلت الى العالم بان الشعب الفلسطيني يذبح بعضه، والنظر الى القطاع كانه بوصلة الدم وان القطاع افواج من المتوترين والمرضى والمـأزومين نفسيا والمهمشين والمتراكمة في دواخلهم كل آفات القهر والانحطاط، والهروب من مواجهة الحياة بسبب الفقر والجوع، لياتيهم العنف على قاعدة الدين المزيف.

امام ما قامت به الاجهزة الامنية في القطاع لم تجعل نص “ردع الشعب” امام مطالب حياتية حصرياً، بل امتد الردع كالسرطان المدمر لكل نسيج اجتماعي في القطاع، فبدل اثارة الدم وخلق مناخ جاهز للحقد والكراهية كان الاولى نشر ثقافة الاحتواء والتسامح، والوقوف الى جانب الفقراء بمساعدتهم عبر احتواء حركة حماس والتنظيمات الاخرى المشاكل في القطاع، و بما ان حماس سلطة حاكمة في القطاع عليها ايجاد حلول جذرية للفقر والحالة المأساوية في القطاع.

ادخال اسرائيل قنابل الصوت والغاز الى القطاع وتسليمها للاجهزة الامنية هو بمثابة تكريس حكم حماس في القطاع ولكن الى حد معين، بمعنى اسرائيل ستُبقي على حماس ولكن حماس المدُجَنة وتكريس تفاهمات حتى لحظة الانتخابات، ولكن اسرائيل لن تتحمل حماس اذا ما وجَهت الشعب في القطاع الى الحدود لان اسرائيل لا يهمها الا امنها.

بما ان هناك سلطتين في الضفة وغزة والانفصال بات امرا واقعا، توجب على السلطتين التفكير ملياً حول ايجاد حلول للنواحي الاقتصادية والحياتية والمعيشية ولطالما فشلوا في النواحي السياسية وتاسيس دولة.

المطلوب اليوم من السلطتين ترسيخ وجود الفلسطيني على ارضه لاننا امام مراحلة صعبة للقضية الفلسطينية فاذا وجد الدم في القطاع بين ابنائه فعدوى ثقافة الدم ستنتقل الى الضفة الغربية وليس دما بين الفلسطيني والاسرائيلي وانما فلسطيني فلسطيني، والرابح فعلا هي اسرائيل حتى تقول للعالم انظروا شعب يقتل بعضه فكيف لهم ان يحكموا دولة؟ لينتظر هذا الشعب ترانسفير قسرا او طوعا!!

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن