“حقل الغاز”.. طوق لنجاة الغزيين

حقل الغاز

غزة – ابتسام مهدي

أحلامٌ كبيرة تراود الغزيين، لا تبعد عن تحقيقها سوى بضعة أمتار قليلة،  لعلّ هذا الكنز الأسطوري الكائن هناك يميت أرقام البطالة المتكدسة، ويطوي صفحة الفقر جرّاء تشديد الحصار، بل لتنمو آمالهم في إيجاد حل نهائي لأزمة الكهرباء التي أرقت مضاجع الغزيين منذ فترة طويلة.

هذه الأحلام باتت حقيقة بعد اكتشاف الغاز قبالة سواحل قطاع غزة، وخاصةً في المنطقة الوسطى، حيث لاحظ مجموعة من الصيادين خروج فقاعات من باطن الأرض على بعد 200 إلى 300 متر من الشاطئ، فتواصلت مع الأجهزة الأمنية التي أخذت بدورها عينات منها، ليتبين بعد تحليلها وفحصها في مختبرات الجامعة الإسلامية أنه غاز طبيعي.

حلٌ للأزمات

خبير الاقتصاد الفلسطيني سمير أبو مدللة أكد أن استثمار هذا الحلم الاقتصادي الكبير هي الأمنية التي تسعى الحكومة في غزة إلى تحقيقها،  موضحاً أن بإمكان هذه الثروة الطبيعية حلّ أزمات الفلسطينيين الاقتصادية، وسدّ حاجتهم من الغاز لسنوات طويلة .

وبين أبو مدللة أن هذا الغاز سينهي أزمة انقطاع الكهرباء بغزة، وسيكون بوابة لحل كافة الأزمات، مستدركاً: “لكن للأسف الاحتلال يتحكّم اليوم بالاقتصاد الفلسطيني بكل مكوناته، ويضع العقبات أمام أية جهود دولية لاستغلال الغاز، والاستحواذ على ما تم اكتشافه”.

وأضاف: “تطوير حقل الغاز سيمنح الاقتصاد الفلسطيني قفزة اقتصادية نوعية وهائلة، الأمر الذي لن يروق للاحتلال لرغبته بالاستمرار في إضعاف الاقتصاد الفلسطيني، بل ويخطط للاستيلاء على كافة ثرواته، كما دأب على وضع العراقيل أمام هذا المشروع لإدراكه أن أي استثمار في الغاز البحري سيساهم في نهضة اقتصادية فلسطينية شاملة وحقيقية”.

رفع يد الاحتلال

وبيّن أبو مدللة أن الحل الرئيسي للاستفادة من الغاز المكتشف هو أن يرفع الاحتلال يده عن الغاز، وتضغط الولايات المتحدة الأمريكية وجميع الأطراف التي تتبنى المبادرات الاقتصادية باتجاه منح الفلسطينيين حقّهم، وإنقاذ غزة من أزمة الكهرباء المتفاقمة منذ ما يزيد عن سبعة أعوام.

وأوضح أنه في حال تم الاتفاق على استخراج الغاز، فستكون محطة كهرباء غزة على موعد مع تشغيل كامل طاقتها، فهي كما يؤكد مسؤولون في سلطة الطاقة مصممة للعمل على الغاز الطبيعي الذي أجبر نقص توريد كمياته على تشغيلها بالوقود الصناعي.

وأشار أبو مدللة إلى أن التقديرات تفيد بوجود 60 مليار متر مكعب من الغاز بالقرب من شواطئ وسط قطاع غزة، وهذا أمر كافٍ للقطاع والضفة والتصدير، فضلاً عن الإيرادات المالية الضخمة، مضيفاً: “احتمالات وجود آبار أخرى للغاز كبيرة جداً في بحر القطاع في ظل اكتشاف العديد من الآبار في المنطقة”.

وبين أن الغاز المكتشف على شواطئ قطاع غزة تم قبل 14 عاماً حيث تم اكتشاف بئر مارينا 1، ومارينا 2، وتم التعاقد مع شركة “برتش غاز” البريطانية للقيام بعملية التنقيب والاستخراج والمعالجة والبيع في الأسواق العالمية.

ووفقا لصندوق الاستثمار الفلسطيني، فإن الغاز داخل أعماق بحر القطاع سيكون كافيا لتلبية احتياجات الفلسطينيين لمدة 15 عاماً، وسيساعد على تأسيس شركتي كهرباء في الضفة الغربية وتوفير ملايين الدولارات التي تدفع سنويا لشراء الكهرباء من الاحتلال، إلى جانب توفير احتياجات محطة الكهرباء الوحيدة في غزة وتشغيل طاقتها بالكامل.

 غاز طبيعي!

ومن جانبه، بين نائب رئيس الوزراء، زياد الظاظا، أن هناك توقعات ومؤشرات بوجود الغاز الطبيعي وفق الفحوصات المخبرية التي أجريت على العينة من مسافة قريبة للشاطئ، موضحاً في الوقت ذاته أن تحديد كمية الغاز وعمقه يحتاج إلى شركة متخصصة في هذا المجال لمعرفته.

وأضاف: “تم إجراء الفحوص الأولية اللازمة من قبل علماء في مختبرات الجامعة الإسلامية في غزة، وأشارت النتيجة إلى وجود حقل غاز طبيعي قرب شاطئ البحر قبالة النصيرات، وسط قطاع غزة”، منوهاً إلى حاجتهم إلى المزيد من الدراسة والبحث للتأكد من صحة التوقعات حول وجود غاز طبيعي عبر شركات تنقيب متخصصة، لعدم توافر مختبرات متخصصة وإمكانيات في القطاع.

وأشار الظاظا إلى أن استقدام خبراء إلى غزة ليس سهلاً في ظل الحصار وإغلاق المعابر على الجانبين الصهيوني والمصري، مضيفاً: “من الصعب على الحكومة التواصل مع الجهات المختصة لاستجلابها إلى قطاع غزة من أجل التأكد من حقيقة وكمية الغاز المتواجد فيه، بالإضافة إلى كيفية الاستفادة منه والتأكد من القيمة الاقتصادية لهذا الحقل بالنسبة لقطاع غزة”.

وأبدى تخوفه من عرقلة الاحتلال للمشروع، والذي من شأنه إن تم إنجازه أن يخفف من حدة الحصار المفروض على قطاع غزة وإنهاء معاناة سكانه في الحصول على الغاز الطبيعي الذي يدخله الاحتلال لغزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري بشكل محدود وبكميات لا تفي حاجة سكان القطاع.

وعدّ الظاظا أن اكتشاف الغاز من أهم المشاريع الاستراتيجية التي يمكن أن تساهم في حل العديد من المشاكل الفلسطينية، وأبرزها نقص غاز الطهي في القطاع، فضلاً عن العوائد المالية المتوقعة، مبيناً في نفس الوقت ضرورة عدم رفع سقف وحجم التوقعات.

المصدر: الرأي

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن