روس يدعو ترامب إلى تجنب المبادرات الكبرى بشأن حل الدولتين

ترامب

دعا دنيس روس، مبعوث السلام الأميركي السابق، ومستشار “معهد الشرق الأوسط لسياسة الشرق الأدنى” الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى التمسك بالدبلوماسية، و”تجنب المبادرات الكبرى”، في إشارة واضحة لرفض اقتراح الرئيس السابق جيمي كارتر الذي نشر مقالًا قبل يومين دعا فيه الرئيس الحالي باراك أوباما المنتهية ولايته للاعتراف بدولة فلسطين أسوة بما فعلته 173 دولة أخرى من أعضاء الأمم المتحدة.

وينبّه روس في المقال الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الخميس 1 كانون الأول 2016، الرئيس المنتخب ترامب من أنه في الوقت الذي “انجذب الرؤساء الأميركيون تاريخيًا، باتجاه صنع السلام (الفلسطيني – الإسرائيلي) لأسباب موضوعية وذاتية، في اعتقاد موضوعيّ خاطئ من وجهة نظري، أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو مصدر كل الصراع الإقليمي، اندفاعًا من أنّ هناك شيء أعمق يحدث؛ كان هناك سحر نحو ذلك كون أن إحلال السلام (الفلسطيني الإسرائيلي) هو أمر مفصلي لإحلال السلام في هذه المنطقة التي هي مهد الحضارة والأديان الثلاثة الكبرى”.

وأضاف في مقاله: “لقد استولت النزاعات حول الأراضي المقدسة دائمًا انتباه العالم وتعادل اهتمام الرؤساء الأميركيين، فرغم صعوبة ذلك، فإن قضية جلب السلام هذه مصدر للجذب والافتتان، وهو ما قد يقنع ترامب بأن هذه بالفعل هي الصفقة الأسمى في نهاية المطاف”، ناصحًا ترامب بتجنب المبادرات الكبيرة.

ويذكّر روس، الرئيس المنتخب ترامب “عندما كنت مبعوثاً للسلام، عايش الرئيس بيل كلينتون الذي دعا الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في شهر تموز 2000 إلى منتجع كامب ديفيد، وأطلق (كلينتون) بعد ذلك بخمسة أشهر نقاطه الشهيرة لتحقيق صفقة السلام؛ ورأيت الرئيس جورج بوش يدعو في نهاية عهده إلى مؤتمر أنابوليس، ورأيت الرئيس (الحالي) باراك أوباما يعطي ذلك جهودًا مكثفة عندما أطلق العنان لوزري الخارجية (جون كيري) الذي انخرط في محاولة السلام ورعاية التفاوض لمدة تسعة أشهر متتالية” لتبوء جميعها بالفشل.

ويعتقد روس أن ترامب على غرار أسلافه (الرؤساء) سيسعى إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، فقد صرح مؤخراً أنّه يود أن يكون الرئيس الأميركي الذي يتمكن من إرساء السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، مضيفاً أنه يعتقد أنه يمتلك القدرة على القيام بذلك.

ويتساءل ترامب في مقاله “هل يمكن أن ينجح ترامب في تحقيق ما فشل فيه آخرون؟” ويجيب على نفسه متكهناً “إن ترامب قد فاجأ العالم بالفعل عندما نجح في انتخابات الرئاسة؛ ولعله يفاجئ العالم مجدداً على صعيد السلام الإسرائيلي الفلسطيني، ولكنه يحتاج إلى وضع بعض المبادئ في اعتباره. إذ يتعين عليه أولاً الاستعداد للتمسك بالنهج الدبلوماسي، حتى لو كان ذلك يعني تحقيق تقدم تدريجي فقط، ففي ظل غياب الدبلوماسية يصعد العنف في كثير من الأحيان لملء الفراغ وتعزيز فكرة أن الصراع لن ينتهي أبداً”.

أما ثانياً، بالنسبة لروس “يجب مناقشة الخيارات الممكنة سراً والعمل على تحقيق نتيجة ملموسة، وتجنب إطلاق مبادرات كبرى علنية قبل التأكد من إمكانية نجاحها”. وثالثاً، “ينبغي أن تركز الجهود الأولية على معالجة شكوك كلا الجانبين وإثبات أن التغيير بات ممكناً.

ورابعاً، “من الضروري التركيز على تحسين الاقتصاد الفلسطيني والبنية التحتية وبناء المؤسسات كجزء من عملية صنع السلام”.

وخامساً، يعتقد روس أنه “يجب أن يعيد ترامب النظر في الالتزام بالطابع الثنائي للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وأن يبحث إمكانية مشاركة البلدان العربية في المفاوضات” دون مشاركة الأمم المتحدة في رد واضح على اقتراح الرئيس السابق كارتر.

ويرى روس أن “كلا الجانبين بحاجة إلى مشاركة الدول العربية نظراً إلى أن الفلسطينيين يحتاجون إلى غطاء لتقديم التنازلات الحقيقية بينما يعتقد الإسرائيليون أن العرب وحدهم قادرون على تعويضهم عن التنازلات التي يقدمونها للفلسطينيين”.

وأخيراً، يقول روس إنه “يتعين على ترامب إدراك أن استعداد الإسرائيليين والفلسطينيين والدول العربية للمجازفة من أجل إحلال السلام قد يتأثر بمدى صدق الولايات المتحدة بشأن مواجهة التهديدات التي تشكلها إيران من ناحية، والإسلاميين السُنّة من ناحية أخرى، فلن يعرض أي طرف نفسه للخطر إذا لم يكن يشعر بالأمان ويثق في الولايات المتحدة.

ويعتقد روس “أن التوفيق بين الأمن الإسرائيلي واحتياجات السيادة الفلسطينية سيتطلب في النهاية على الأرجح نهجاً جديداً يشمل دوراً للدول العربية في تنفيذ المسئوليات الأمنية الفلسطينية، ومعايير لتحديد الجدول الزمني للانسحاب الإسرائيلي وتدابير تعزز التعايش السلمي بين دولتين إسرائيلية وفلسطينية ذات سيادة”.

يشار إلى “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” انبثق عن منظمة إيباك عام 1985 ليكون واجهتها البحثية والفكرية، ويستضيف السياسيين الإسرائيليين السابقين، خاصة من حزب الليكود، كباحثين زائرين بشكل مستمر. ويعتبر المركز الفكري الأكثر تأثيراً في الإدارات الأميركية المختلفة كما في الكونغرس الأميركي في ترويج السياسات الإسرائيلية للحكومات المتعاقبة، قاده في مراحل متعددة السفير الأميركي السابق في تل أبيب (ومبعوث السلام لمفاوضات التسعة أشهر) مارتن إنديك، ومن ثم المبعوث دنيس روس الذي لا يزال يعمل فيه.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن