سيناريوهات خطيرة.. كيف تتحول حرب أوكرانيا إلى صدام مباشر بين روسيا والناتو؟

سيناريوهات خطيرة.. كيف تتحول حرب أوكرانيا إلى صدام مباشر بين روسيا والناتو؟
سيناريوهات خطيرة.. كيف تتحول حرب أوكرانيا إلى صدام مباشر بين روسيا والناتو؟

يبدو أن أهداف روسيا العسكرية تقتصر حاليا على أوكرانيا، لكن قد تتحول الحرب إلى صراع أوسع بسبب سوء تقدير في ساحة المعركة أو تصعيد التحركات الانتقامية ضد حلف الناتو ودول الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أن روسيا تركز بشكل أساسي على تقليص القدرة العسكرية لأوكرانيا، وتوسيع المنطقة العازلة حول الجمهوريات الانفصالية في منطقة دونباس، وإجبار أوكرانيا على التخلي عن آمالها في الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي من خلال تغيير النظام أو بسط نفوذ روسي كبير ودائم.

وبالرغم أن هذه الأهداف توسعية في حد ذاتها، فإنها تعني أن روسيا مهتمة بتركيز الصراع في أوكرانيا. ومع ذلك، فكلما طال أمد الحرب وزاد عدد الدول الغربية التي تقدم الدعم العسكري، زاد خطر وقوع حادث يوسع الصراع ليشمل دولًا أخرى مجاورة، لا سيما أن موسكو تسعى لتصوير الغرب على أنه المعتدي.

طول أمد الحرب خطير

يقدم الدعم العسكري المتزايد من الدول الغربية لأوكرانيا مسارات متعددة للتصعيد المحتمل؛ إذا فسرت روسيا مثل هذه التحركات على أنها ترقى إلى مستوى تورط عسكري من قبل “الناتو”.

وقد يؤدي إدخال أعداد كبيرة من المتطوعين المدربين والمجهزين جيدًا من دول “الناتو” (وهو ما دعا إليه المسؤولون الأوكرانيون وباركه بعض المسؤولين الغربيين ضمنيًا وصراحة في بعض الحالات) إلى انتقام روسي، وهو ما ينطبق أيضًا على مشاركة الغرب لمعلومات استخبارية مع القوات الأوكرانية (وهو ما أكدته الولايات المتحدة في 3 مارس/آذار).

وقد ترى موسكو أيضًا أن تزويد أوكرانيا ببعض الأنظمة المتطورة المضادة للدبابات أو للطائرات يقوّض أفضلية روسيا الاستراتيجية في المعركة. وردًا على ذلك، قد تحاول روسيا ضرب شحنات الأسلحة على الحدود البولندية الأوكرانية، وشن هجمات سيبرانية لعرقلة المعلومات الاستخبارية؛ مما يزيد من خطر نشوب صراع مباشر مع دول الناتو أو سلسلة من الإجراءات الانتقامية التصعيدية التي تؤدي إلى ذلك.

ويزداد احتمال حدوث هذا التطور كلما طالت الحرب، وكلما زاد دعم الغرب للجيش الأوكراني سواء على مستوى الموارد البشرية أو المعدات والدعم الاستراتيجي لمواصلة القتال ضد روسيا.

شرارات اشتعال

بصرف النظر عن أوكرانيا وبيلاروسيا، توفر مقاطعة كالينينغراد الروسية في أوروبا موقعًا آخر يمكن لروسيا أن تشن من خلاله أشكالًا مختلفة من العدوان.

ووفق هذا السيناريو، قد يؤدي استخدام وسيا للمواطنين الأجانب (خاصة الأوروبيين أو الأمريكيين الشماليين) كدروع بشرية إلى تدخل القوى الغربية، وهي نفس النتيجة التي قد يقود إليها قتل روسيا لعناصر غربية في ساحة المعركة، خاصة إذا كان ينظر إلى ذلك على أنه متعمد.

هناك أيضًا عدد من السيناريوهات التي تنطوي على أنشطة عرضية أو متعمدة على طول حدود أوكرانيا أو في المناطق المجاورة، والتي قد تؤدي إلى توسع الصراع خارج أوكرانيا.

يمكن للنشاط العسكري الروسي المحتمل على طول الحدود الغربية لأوكرانيا أن يخلق نقطة اشتعال، مثل صاروخ أو قذيفة مدفعية أو ضربة أخرى خاطئة تهبط في أراضي دولة عضو في “الناتو”، أو أن تخترق طائرة حربية روسية أجواء “الناتو” بالقرب من أوكرانيا.

وحتى لو لم تقع إصابات، فإن المناخ الحالي للتوترات الشديدة قد يدفع جميع الأطراف إلى افتراض الأسوأ، وسرعان ما يخرج الأمر عن نطاق السيطرة. حتى الآن، لا تعمل القوات الروسية في غرب أوكرانيا، لكن لا يمكن استبعاد هذا التطور، خاصة إذا استمرت الحرب ووسعت القوات الروسية عملياتها لتقويض التمرد.

كما يمكن أن تؤدي شرارة الاشتعال بين دولة من خارج الناتو وروسيا إلى تصعيد كبير أيضا؛ لأن الغرب على الأرجح سيدعم هذه الدولة. وفي 2 مارس/آذار، اتهمت السويد 4 طائرات روسية بدخول أجوائها لفترة وجيزة عبر بحر البلطيق، في مثال يتجلى فيه كيف يمكن أن تحدث هذه الشرارة.

وقد يؤدي تدمير القوات الروسية للسفن في البحر الأسود إلى زيادة الدعوات لاستجابة نشطة من الدول الأعضاء في الناتو.

وفي 3 مارس/آذار، غرقت سفينة شحن مملوكة لإستونيا قبالة البحر الأسود بعد انفجار غامض، وتم إنقاذ جميع أفراد الطاقم الستة. وحتى الآن، لم تتورط روسيا بشكل مباشر، لكن في بيئة عدم الثقة الحالية يمكن أن تتزايد الدعوات لتدخل الناتو، خاصة إذا كانت هناك خسائر في جانب دولة عضو في الناتو مثل إستونيا.

تعبئة الأقليات في الغرب

قد تسعى روسيا أيضًا إلى ممارسة ضغط قسري على الغرب في البلدان المجاورة، مما قد يزيد بدوره من مخاطر تورط الناتو. فكما فعلت مرارًا وتكرارًا، يمكن لروسيا أن تسعى إلى استخدام وسائل غير متكافئة للرد على العقوبات الغربية والدعم العسكري الغربي لأوكرانيا من خلال الاستفادة من العناصر الموالية لروسيا في الدول الأوروبية.

وعلى سبيل المثال، يمكنها تعبئة الأقليات العرقية الروسية في دول البلطيق (الأعضاء في الناتو) لمحاولة إثارة الاضطرابات وإضعاف الحكومات الموالية للغرب في تلك البلدان.

وعلى غرار ما حدث في منطقة دونباس شرق أوكرانيا، يمكن أن نشهد إعلان بعض الأقليات لجمهوريات انفصالية ومن ثم تجد روسيا مبررًا لدعمها بالأسلحة وربما بالجنود؛ مما يؤدي إلى تفعيل آلية الدفاع الذاتي الجماعية لحلف شمال الأطلسي.

وفي مولدوفا (وهي ليست عضوًا في الناتو)، يمكن للقوات الروسية المتمركزة بالفعل في منطقة ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا أن تدعم الأقليات الروسية في أماكن أخرى من البلاد. وقد يولد ذلك قلقًا خطيرًا في رومانيا المجاورة، والتي قد تطلب من حلفائها في الناتو الرد على محاولات موسكو لزعزعة استقرار المنطقة مما يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع القوات الروسية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لروسيا محاولة زرع العناصر الموالية لروسيا في سيل اللاجئين الأوكرانيين إلى الدول المجاورة. وسيكون ذلك مشابهًا للأزمة التي حدثت في الخريف الماضي، عندما اتهمت دول الاتحاد الأوروبي المتاخمة لبيلاروسيا مينسك وموسكو ليس فقط بتيسير تدفقات المهاجرين عن عمد من دول الشرق الأوسط، ولكن أيضًا باختراقهم بضباط المخابرات والمخربين.

وفي سيناريو تصعيدي، يمكن لروسيا (ربما عبر وكلاء) تسليح من يفترض أنهم “مهاجرون”، والذين قد يسعون بعد ذلك إلى تنفيذ هجمات على طول الحدود مع بولندا، والتي استقبلت أكبر عدد من المهاجرين. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى رد عسكري من بولندا، وبالتالي رد عسكري من حلف شمال الأطلسي.

تحركات غربية قد تستفز روسيا

وقد تؤدي الإجراءات الغربية لحماية الدول المجاورة ومعاقبة روسيا إلى مزيد من السبل المحتملة التي يمكن أن توسع الحرب لما يتجاوز أوكرانيا.

وتجري حاليا محادثات رفيعة المستوى بشأن تسريع ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي والتغاضي عن بعض الشروط، وكذلك يجري دراسة الأمر بالنسبة لجورجيا (تدخلت فيها روسيا في عام 2008 لمنع انحيازها نحو الغرب). في غضون ذلك، يمكن لفنلندا أو السويد التحرك بسرعة نحو الانضمام إلى الناتو.

وستنظر موسكو إلى هذه التطورات على أنها خطيرة للغاية ويمكن أن تشعر أنه لا مفر من استخدام القوة لمنع أو عكس مثل هذه الخطوات.

هناك أيضًا احتمال (يزداد مع استمرار الحرب وتسليط الضوء على الانتهاكات الروسية) بأن يفرض الغرب أقسى العقوبات الممكنة التي تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الروسي؛ وتشمل هذه فرض عقوبات مباشرة على صادرات الطاقة الروسية وفصل جميع البنوك الروسية تمامًا عن نظام الدفع “سويفت”.

ومن المحتمل أن تصور موسكو هذه التحركات على أنها ترقى إلى إعلان الحرب – وهو أمر قاله رئيس الوزراء “دميتري ميدفيديف” صراحةً قبل ذلك – ويمكن أن يدفع ذلك روسيا لاستخدام الخيار العسكري ضد الغرب لإجباره على رفع العقوبات.

الهجمات السيبرانية الكبرى

بالرغم أن روسيا لم تشارك، حتى الآن، في هجمات سيبرانية مدمرة منذ غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط، يمكن للجهات الفاعلة غير الحكومية أو شبه الحكومية في مجال التهديد السيبراني تجاوز القيود ومهاجمة البنية التحتية الحيوية في الغرب.

وإذا أدت مثل هذه الهجمات إلى خسائر في الأرواح، فمن المحتمل أن تؤدي إلى ردود سيبرانية تصعيدية تؤدي إلى تصعيد عسكري في نهاية المطاف.

وفي حين أنه من الممكن أن تشارك الجهات الفاعلة السيبرانية المؤيدة لأوكرانيا في مثل هذه الأنشطة، فمن المرجح أن تأتي هذه الهجمات ابتداء من الجهات الفاعلة السيبرانية الروسية، التي أظهرت استعدادًا وقدرة على استهداف البنية التحتية الحيوية.

ومن المرجح أيضًا أن يكون الهجوم الذي تكون فيه نتيجة قاتلة بمثابة “خط أحمر” يؤدي لرد غربي أو لهجوم سيبراني يتطلب ردا عسكريا؛ مما يؤدي لمسار صدام حتمي.

مناطق النزاع الأخرى والنووي

من الممكن أيضًا أن تصطدم القوات الروسية وقوات الناتو في أماكن أخرى من العالم، في مواجهة تؤدي بعد ذلك إلى تصعيد في أوكرانيا أو بالقرب منها.

وتعد الساحة الأكثر احتمالًا لذلك هي سوريا. ومع ذلك، فإن المواقع الأخرى التي تعمل فيها القوات الروسية (أو المرتزقة الروس) وقوات “الناتو” على مقربة من بعضهم البعض، كما هو الحال في أجزاء من منطقة الساحل في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يمكن أن تكون أيضًا نقاط اشتعال.

كما أن هناك سيناريو أقل احتمالًا ولكنه الأكثر خطورة. فقد يؤدي التهديد الضمني للرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية إلى زيادة الإمدادات العسكرية الفتاكة وغيرها من أشكال المساعدة للقوات الأوكرانية، والتي بدورها ستحفز المزيد من الانتقام الروسي الذي يتصاعد إلى صراع مباشر.

كما يمكن أن يؤدي استخدام روسيا للأسلحة الكيمياوية أو اللجوء إلى هجمات واسعة توقع أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين الأوكرانيين إلى نتيجة مماثلة.

(ستراتفور)

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن