شباب في غزة: ليتّنا مسنّون كي نُصلي في “الأقصى”

يبدو أمرا جنونيا، وبعيدا عن المألوف أن يتمنى أحدهم، أعواما إضافية تزيد من عُمره، وتحّوله من شاب إلى طاعن في السن، غير أن تلك الأمنيّة تُراود بشغف الشاب الفلسطيني عمار مسعود (22عاما) ، ولا تكاد في الوقت الحالي تبرح تفكيره.

فوحده التقدم في السن، سيكون تذكرة المرور بالنسبة لسكان قطاع غزة، الراغبين بالسفر إلى مدينة القدس، والصلاة في ربوع المسجد الأقصى.

وكان نحو 500 فلسطيني، غادر أمس الأحد، متجهين إلى مدينة القدس بعد أن سمحت السلطات الإسرائيلية، بإصدار تصاريح لنحو 1500 شخص سيخرجون على دفعات خلال أيام عيد الأضحى.

وهذه هي المرة الأولى التي تسمح السلطات الإسرائيلية فيها لفلسطينيين من سكان غزة، بزيارة مدينة القدس، منذ عام 2007.

ويُضيف مسعود بصوتٍ يحن شوقا لزيارة الأقصى: “لو كنت مُسنا، ويغزو الشعر الأبيض رأسي، لسجلّت الآن وتوجهت نحو مدينة القدس، وحققت حُلمي برؤية المسجد الأقصى، والصلاة فيه”.

وتشترط السلطات الإسرائيلية أن يكون الراغبون بزيارة المسجد الأقصى، قد تجاوزوا الستين من أعمارهم، وألا يكونوا قد انخرطوا سابقا في “أعمال مناهضة للجيش الإسرائيلي”.

ولا شيء تُريده الشابة رنا أمين (20 عاما)، سوى أن تكبر الآن 40 عاما، كي يتم إدراج اسمها في قائمة المسموح لهم بزيارة الأقصى.

وتُضيف أمين لوكالة الأناضول: ” منذ أن كنت صغيرة، وأنا أتخيل نفسي في المسجد الأقصى، أصلي داخله، وأتجول في ساحاته، وأزور مدينة القدس”.

وتتمنى الشابة التي تقطن قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عام 2007، أن يتم السماح لكافة الفئات العمرية بالصلاة في المسجد الأقصى.

ولو لمرة واحدة في حياته، يتمنى أحمد أبو الخير (23 عاما)، أن يزور مدينة القدس للصلاة في المسجد الأقصى.

وبصوتٍ أقرب للبكاء يتابع: ” لا نعرف القدس، ولا الأقصى إلا من خلال الصور، وشاشات التلفاز، قمة الظُلم أن يتم السماح لمن هم فوق الستين عاما، أو أن يكونوا كبارا، الآن بات حُلمنا أن نتحول من شباب إلى مسنين”.

وأوصت نور عبد الكريم 22 عاما جدتها التي زارت أمس المسجد الأقصى، بأن تسلم على مدينة القدس، وأهلها.

وتُضيف: ” جدتي (منى)، (60 عاما)، صلت أمس في الأقصى، وحملّتها شوقي، وطلبت منها الدعاء لنا في غزة، وأن يفرج الله كربنا، ويزيل عنا الحصار، ويبعد عنا شر الحروب”.

وتفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة منذ عام 2006 عقب فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية، وشددته في يونيو/حزيران 2007 عقب سيطرة حركة حماس عليه.

ويحلم الشاب سعد زين الدين 24 عاما، أن تعود الوحدة الجغرافية بين غزة والضفة، وأن تسمح إسرائيل بتنقل الفلسطينيين من كافة الفئات والأعمار، إلى مدينة القدس دون أي قيود أو شروط، كما يروي لوكالة الأناضول

ويتابع: ” لماذا يتم السماح فقط لكبار السن، نربد ممرا آمنا يصل بيننا وبين الضفة، وأن ينتهي الانقسام الجغرافي”

وأراضي الفلسطينيين، التي تتكون منها السلطة الوطنية الفلسطينية، (دولة فلسطين) ليست متصلة، وتتكون من جزئين منفصلين، الأول هو الضفة الغربية، والثاني هو قطاع غزة.

ولا يوجد ممر آمن بين الشقين، حيث تضع إسرائيل قيودا كبيرة على تنقل الفلسطينيين بينهما.

وبالرغم من توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق سلام مع إسرائيل، وإعلان المبادئ المعروف بـ”أوسلو”، في العام 1993، إلا أن الانقسام الجغرافي بين غزة والضفة، ظل مستمرا ولم يتوقف.

وفي إحدى البنود الرئيسية في مذكرة التفاهم بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ألزمت إسرائيل نفسها (المادة التاسعة) بأنّ تسمح بممر آمن بين غزة والضفة والذي يتيح مرور الأشخاص بحرية.

ولم يرَ هذا البروتوكول المتعلق بالممر الآمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة، النور إلا في عام 1999.

وكان الممر الآمن عبارة عن 44 كيلو مترًا، يسمح للفلسطينيين بحركة المرور بين حاجزين إسرائيليين حاجز (ترقوميا) على مشارف مدينة (الخليل) جنوب الضفة الغربية، وحاجز (إيرنز) على مدخل (بيت حانون) شمال قطاع غزة.

وأُطلق عليه صفة الممر الآمن، لأنه يخضع للسيادة الإسرائيلية الكاملة، إذ تصدر إسرائيل البطاقات الخاصة بتجاوز الممر، ومدة سريانها عام واحد لمن تسمح لهم باستخدام الممر للتنقل بين الضفة والقطاع وبالعكس.

لكن إسرائيل أغلقت هذا الممر بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، ولا تسمح للفلسطينيين بالتنقل بين محافظات ومدن دولتهم، إلا بتصاريح خاصة تمنحها لفئات ضئيلة جدا، لا تزيد أعدادها عن المئات.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن