شكري/ القاهرة ليس لديها أي توجه لفرض أي رؤية على السلطة أو الشعب الفلسطيني

شكري

أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن ردود الفعل على كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الأمم المتحدة كانت جميعها إيجابية، لافتاً إلى الأهمية الكبيرة لإطلاق دعوته مجدداً لإنهاء “الصراع العربي الإسرائيلي” أمام الحاضرين من قادة ورؤساء دول العالم، خاصةً في ظل تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة، والانشغال بدلاً من ذلك بالصراعات في مناطق أخرى مثل سوريا وليبيا واليمن.

وقال شكري في حوار مع صحيفة “اليوم السابع” المصرية، ان مصر ليس لديها أي توجّه لفرض أي رؤية على السلطة الفلسطينية أو الشعب الفلسطيني في ظل إيمان منها بأن “الأجدر بتناول القضايا الفلسطينية هم الفلسطينيون أنفسهم”، فيما أشار إلى أن العلاقات المصرية مع كل من السعودية والإمارات وبقية دول الخليج علاقات وثيقة للغاية وقوية، لافتاً إلى أن هناك أطرافاً كثيرة لا يرضيها أن يكون هناك تضامن حقيقي وقوي بين البلاد العربية.

وفي سؤال حول وجود تحركات مصرية جديدة بشأن إنهاء “الصراع العربي الإسرائيلي”، قال شكري “هي رؤية طرحها السيد الرئيس قبل عدة أشهر وكررها مرة أخرى أمام الجمعية العامة، وهذا شيء طيب، خاصة أن الجميع لاحظ تراجع الاهتمام الدولي والإقليمي بالقضية الفلسطينية على مدى العامين”، وأن التطورات التي حصلت في بعض الدول العربية والعالم كلها جعلت القضية الفلسطينية تتراجع في الأولوية على المسرح الدولي وفى المنظمات الدولية فكان من الضروري أن يقوم الرئيس السيسي بإطلاق دعوته الأولى ودعوته مرة أخرى في الأمم المتحدة والتي من شأنها أن تزكّي القضية الفلسطينية وتبرز الأولوية التى تعطيها مصر والدول العربية لهذه القضية وتجعلها مرة أخرى في بؤرة الاهتمام الدولي، كما أن ذلك جاء متواكباً مع اجتماع الرباعية الدولية الذى عقد صباح الجمعة الماضية في نيويورك بمكتب الأمين العام، وتمت دعوة مصر وفرنسا لحضور الاجتماع كإجراء استثنائي تقديراً واعترافاً بأن لكل من البلدين دور حيوي في إطار تحريك عملية السلام ودفعها للأمام والتواصل مع مختلف الأطراف، خاصة بعد إطلاق المبادرة الفرنسية وما خلقته من زخم، فضلاً عن القدرة المصرية على التنسيق الوثيق مع السلطة والقيادة الفلسطينية، وفى نفس الوقت القدرة على استمرار الحوار لتزكية عوائد السلام وتشجيع الجانب “الإسرائيلي” على انتهاج مواقف أكثر مرونة، حسب وزير الخارجية المصري.

وعن التنسيق المصري الفرنسي بشأن التحركات في قضية “الصراع العربي الإسرائيلي”، أوضح شكري أن هناك تنسيق مع كل الأطراف، فهناك تنسيق مع الجانب الأمريكي والجانب الروسي أيضاً من خلال الحوار القائم بين الرئيسين، فضلاً عن الأفكار التى طرحت من جانب روسيا بالنسبة لعقد لقاء ثنائي بين بنيامين نتانياهو والرئيس محمود عباس، وهى أفكار أحيطت مصر بها علماً، فمصر لها اتصال بكل الأطراف، بالمبادرة الفرنسية والإطار العربي من خلال التنسيق في إطار لجنة إنهاء الاحتلال والاجتماع الذى عقدته المجموعة العربية على المستوى الوزاري وما سوف يعقبه في القريب من انعقاد لجنة إنهاء الاحتلال المقرر عقده في مصر “بناءً على طلب من الإخوة الفلسطينيين، وهذا الطلب نحن نقدره وسوف نفعله في أقرب فرصة ممكنة.”

وتعليقاً على التصريحات الأخيرة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التي انتقد فيها التدخلات في الشؤون الفلسطينية، أوضح شكري أن العلاقة بين مصر والقيادة الفلسطينية راسخة وممتدة، وهي علاقة على المستوى الشخصي والمؤسسي ولا يمكن أن تهتز، كما أن القيادة الفلسطينية تقدّر تماماً تضحيات الشعب المصري للقضية الفلسطينية، والدعم الذى وفّرته مصر على مر الزمن للسلطة الوطنية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، وأن العلاقة مع مصر وثيقة ولا غنى عنها، وتابع “والشيء ذاته بالنسبة لنا في مصر التى لديها ثقة تامة في القيادة الفلسطينية، واهتمام بأن يكون هناك تشاور وتنسيق لصياغة رؤية مشتركة لتحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية.”

واعتبر شكري أن تصريحات عباس أطلقت في عموميتها وليس بالضرورة أن تكون موجهة لأي طرف بعينه، وبالطبع فإنه أحياناً ما تضع التحليلات الصحفية مثل هذه التصريحات في وجهة معينة، لكن لا يوجد ما يؤكد هذه الوجهة أو غيرها.

وأضاف شكري أن اللقاء الأخير بين الرئيس السيسي وأبو مازن في نيويورك شهد “لغة حوار حميمية وهناك تفاهم متبادل لدقائق الأمور بشكل شخصي، وحينما تكون العلاقة بهذا الشكل أستبعد أن تكون هناك أي إشارة سلبية تصدر من الرئيس أبو مازن تجاه مصر.”

وحول المصالحة الفلسطينية والحديث الذي يدور حول بدء القاهرة بمحاولات مع السلطة الفلسطينية لترميم الأوضاع داخل حركة فتح وهو ما اعتبره البعض تدخلاً مصرياً لإعادة محمد دحلان إلى مشهد الحركة من جديد، أكّد شكري أن مصر ليس لديها أي توجّه لفرض أي رؤية على السلطة الفلسطينية أو الشعب الفلسطيني، والأجدر بتناول القضية الفلسطينية هم الفلسطينيون أنفسهم، فهم الأعلم بمصلحتهم ولديهم القدرة على تقدير الأمور والشخصيات التى يمكن أن تضطلع بمسؤولية في إدارة الملفات وتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني، وأضاف “لكن كمبدأ نطرحه دائماً على السلطة الوطنية الفلسطينية أنه كلما تم تعزيز التضامن على مستوى الشعب الفلسطيني وليس بالحصر على القيادة فهذا التضامن مطلوب على مستوى القيادة الفلسطينية والأطياف داخل فتح وبين فتح والفصائل الأخرى، حتى بين فتح وحماس، فكلما زاد التضامن والتفاهم وأصبحت هناك وحدة في العمل عزّز ذلك من فرص نجاح تحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني”، لذلك فإن تزكية فكرة التضامن والوصول إلى ترابط داخل المؤسسات السياسية الفلسطينية المختلفة، هي دعوة عامة ليس المقصود منها تزكية أي طرف على طرف آخر، وإنما هي دعوة عامة لتحقيق مصلحة مشتركة للجميع، في تحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية، ويجب أن يكون ذلك واضحاً ومفهوماً، فمصر لا تزكّي طرفاً وإنما تزكّي السلطة الوطنية الفلسطينية وتزكّي التضامن فيما بين الشعب الفلسطيني على كل المستويات بما فيها المستويات السياسية المختلفة.

وبشأن المصالحة الفلسطينية تحت رعاية مصرية، قال “هنا نعود للجهد الذي بذلته مصر في السابق في إطار المصالحة بين فتح وحماس، التي مضى عليها زمن ولم يتم الوفاء بالعديد من الالتزامات التى تم تضمينها التفاهم الذي كان قائماً، وحدثت الكثير من التطورات على مستوى الساحة الفلسطينية في غزة وعلى مستوى الأوضاع الإقليمية والأوضاع في الأراضي المحتلة من استمرار للضغوط من جانب “إسرائيل” والتوسع في عملية الاستيطان، “وحالة الامتعاض الشديدة المتولدة لدى الفلسطينيين التى أصبحت تأخذ منحى فيه عنف، وهذا أمر مقدر وسبق أن حذرنا منه وقلنا إنه في ظل هذه الضغوط وحرمان الشعب من حقوقه وعدم وجود بارقة أمل سيتولد عنه إحباط وانجذاب نحو تيارات ربما تستقطب نحو التطرّف والعنف وهذا سيدخلنا في دائرة مفرغة من التعقيدات.”

“كمبدأ دائماً نشجع المصالحة لكن يجب أن تتحقق الإرادة لدى الطرفين خاصة حماس بالوصول إلى توافق يؤدي إلى استقرار الأوضاع السياسية وعدم استئثار طرف مثلما هو حادث الآن في قطاع غزة”، حسب وزير الخارجية المصري.

وفي سياق آخر، أشار شكري إلى ان هناك تجاوب بشأن أهمية الحل لإنهاء “الصراع العربي الاسرائيلي” وتجاوب في المبادئ التي يتم على أساسها الحل، وهي المفاوضات المباشرة بين الطرفين، لكن التفاصيل هي التى أعاقت في مواضع سابقة هذا الحل والاستعداد للمفاوضات، قائلاً “المفاوضات تاريخياً كانت تتم تحت رعاية أمريكية مصرية أردنية، وفى الوقت الراهن هناك مزيد من العمل من جانب الأطراف الفاعلة سواء كانت الإقليمية أو الدولية لاستئناف عملية السلام وفق محددات واضحة وما وصلنا إليه واستعداد للتعامل مع القضايا الجوهرية الممثلة في الحدود وعودة اللاجئين والترتيبات الأمنية وإقامة الدولة الفلسطينية، فهذه كلها تفاصيل لابد من الخوض فيها، وهذا لن يتم إلا من خلال مفاوضات ومشاورات مباشرة بين الطرفين تسيّرها أطراف مثل الولايات المتحدة والأردن، لكن بالطبع تحتاج إلى الإرادة السياسية والمرونة اللازمة من الجانب الإسرائيلي.”

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن