صحف دولية: استقالة جونسون ضربة قوية للتحالف البريطاني الأمريكي

صحف دولية: استقالة جونسون ضربة قوية للتحالف البريطاني الأمريكي
بوريس جونسون

تصدر إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، استقالته من زعامة حزب العمال الحاكم وبقاءه في السلطة مؤقتا، عناوين أبرز الصحف الدولية الصادرة صباح اليوم الجمعة، التي تحدثت عن فراغ سياسي كبير يضرب البلاد ويجعل حزب المحافظين في ورطة تعويض جونسون.

وتناولت الصحف تأثير استقالة جونسون على العلاقات البريطانية الأمريكية، وسط تقارير تتحدث عن أن الإعلان يمثل ضربة قوية لـ“تحالف واشنطن – لندن“ الذي بدأ يتنامى في أعقاب الحرب الأوكرانية الروسية.

وفي أوكرانيا، سلطت الصحف الضوء على دعوات تطالب كييف بقصف الجسر الروسي الذي يربط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، وذلك بعدما تلقت أوكرانيا أسلحة غربية يمكنها تنفيذ مثل هذه الهجمات.

فراغ سياسي في بريطانيا

ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، أن بريطانيا تواجه خطر الفراغ السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء جونسون، تاركا وراءه أزمة حقيقة تتمثل في صعوبة اختيار خليفة له من قبل حزب المحافظين الحاكم.

وقالت الصحيفة، إن اختيار رئيس الوزراء البريطاني القادم يقع على عاتق المحافظين الحاكمين، الذين دفع نوابهم جونسون للاستقالة وعليهم الآن إعادة تشكيل حزبهم بدونه.

وأضافت: ”نادرًا ما كان جونسون بعيدًا عن الفضيحة ولم يخرج أبدًا من العناوين الرئيسية للصحف ووسائل الإعلام.. فقد هيمن على السياسة البريطانية، وطغى على منافسيه وأعاد اختراع حزبه المحافظ الحاكم في صورته المقنعة والمستقطبة“.

وبينت أنه ”وعلى الرغم من كل الحدة التي جلبتها قيادته معها، فإن رحيل جونسون يترك فراغًا كبيرًا في إدارة دولة ترسم مستقبلًا مضطربًا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخلفية اقتصادية رهيبة“.

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أخطائه، لا يوجد أي احتمال لإجراء انتخابات عامة وشيكة في ظل النظام البرلماني البريطاني، تاركًا الاختيار النهائي للزعيم البريطاني القادم لما يقرب من 200 ألف عضو في حزب المحافظين.

وذكرت الصحيفة أن ”الأزمة السياسية لم تنته بعد بالنسبة للبريطانيين الذين سئموا من دراما جونسون المستمرة، والقلقين من ارتفاع التضخم والركود المحتمل، ويفكرون في الظلام الذي سيقودهم إليه رئيس الوزراء المقبل“.

ورأت الصحيفة الأمريكية أنه بصرف النظر عمن يختاره الحزب لهذا الدور، (مع قائمة مرشحين طويلة وأكثر تنوعًا مما كانت عليه في السنوات الأخيرة)، سيمثل الاختيار نقطة تحول للبريطانيين بشأن بلد عانى على مدار ثلاث سنوات من سياسات جونسون ”الغريبة“ في كافة المجالات.

وأضافت: ”سيعني ذلك الإجابة على الأسئلة الأساسية حول نوع الدولة التي يرغبون في بنائها، بما في ذلك العديد من الأسئلة التي لم يتم تناولها أبدًا بسبب تداعيات تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العام 2016 وبدء جائحة كورونا قبل عامين ونصف العام“.

ونوهت إلى أنه ”لن يكون هناك نقص في المرشحين، فمن المرجح أن يصل عدد المشرعين الذين يقدمون أسمائهم إلى أرقام مضاعفة. وسيرشح البعض لرفع ملفهم الشخصي، وستؤدي سلسلة من الأصوات بين المشرعين المحافظين إلى خفض عدد المتنافسين الحقيقيين إلى اثنين“.

وأردفت: ”سيتم بعد ذلك اختيار أحدهم كرئيس وزراء قادم للبلاد من قبل أعضاء حزب المحافظين في نهاية الصيف تقريبًا، على الرغم من الأسئلة التي دارت أمس حول ما إذا كان ينبغي السماح لجونسون بالبقاء كرئيس وزراء مؤقت حتى ذلك الحين“.

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن استقالة جونسون أربكت حسابات حزب المحافظين الذي كان يعتقد أعضاؤه أن لديهم، قبل الاستقالة، على الأرجح عامين حتى الانتخابات، وهو ما كان سيعطي الحزب وقتًا لحل الجوانب البارزة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مؤكدين أن هذه التحديات ”أصبحت أكثر إلحاحًا الآن“.

صدمة لـ“تحالف واشنطن ولندن“

في سياق متصل، ذكرت صحيفة (بوليتيكو) الأمريكية أن علاقة جونسون والرئيس الأمريكي جو بايدن، لم تكن مميزة إلى حد كبير، لكنها تحسنت فقط في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرة إلى أنه يجب أن تكون العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة جيدة إلى أبعد الحدود.

وقالت الصحيفة ”إن العلاقة الخاصة المزعومة التي تربط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد نجت بعد الحرب، وبعد دونالد ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي“، مضيفة ”تعد استقالة جونسون بمثابة صدمة لتحالف واشنطن ولندن، ناهيك عن الشراكة الغربية التي تدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا“.

وتحت عنوان ”هل يلعب المسؤولون الأمريكيون دورًا مع استقالة جونسون“، نقلت الصحيفة عن تشارلز كوبتشان، المسؤول الأمريكي الكبير السابق الذي تعامل مع القضايا الأوروبية: ”جونسون انتقل من أزمة سياسية إلى أخرى“.

وأضاف كوبتشان للصحيفة: ”يمكن لواشنطن أن تستخدم يدًا أكثر ثباتًا في لندن للمساعدة في توجيه المجتمع عبر الأطلسي وسط العدوان الروسي المستمر على أوكرانيا، وبناء المنافسة مع الصين، وارتفاع مستويات التضخم والاضطراب الاقتصادي“.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن رؤساء الولايات المتحدة يميلون دائما إلى تجنب التدخل في السياسات الداخلية للحلفاء، وقد ابتعدت إدارة بايدن إلى حد كبير عن التعليق مباشرة على الخطر السياسي الذي اجتاح جونسون في الأيام الأخيرة، موضحة أنه حتى في البيان الذي ألقاه بعد إعلان استقالة جونسون، لم يذكر بايدن جونسون بشكل مباشر.

وكان الرئيس بايدن قد قال: ”إنني أتطلع إلى مواصلة تعاوننا الوثيق مع حكومة المملكة المتحدة، وكذلك مع حلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم، بشأن مجموعة من الأولويات المهمة“.

وقالت الصحيفة: ”حتى لو كانت الولايات المتحدة أكثر فضولًا بشأن الفوضى السياسية الداخلية في بريطانيا، فمن غير المرجح أن يجد جونسون الكثير من الراحة من بايدن. كان هناك اختلافات بين الرجلين في الماضي حول الأسلوب والمضمون، وقد حدث بعض الضرر قبل فترة طويلة من تولي بايدن الرئاسة“.

وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف بين الزعيمين قد بدأ عندما كان جونسون يتقرب من ترامب، الذي دعم حملته لسحب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ووصف بايدن آنذاك جونسون بأنه ”نوع من الاستنساخ الجسدي والعاطفي“ للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وأضافت: ”لم تكن فكرة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي شائعة أبدًا في دوائر بايدن، وقد أدت تداعيات هذا الانفصال إلى استمرار التوتر بين بايدن وجونسون حول التأثير على أيرلندا الشمالية واتفاقية الجمعة العظيمة التي حافظت على السلام هناك“.

وتابعت: ”كما أخفقت بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في إقناع فريق بايدن بمنحه اتفاقًا تجاريًا ثنائيًا، وهو ما يمثل إحباطًا عميقًا لحكومة لندن التي تحتاج إلى الولايات المتحدة في بعض النواحي أكثر من أي وقت مضى بعد أن غادرت التكتل“.

وأردفت: ”في غضون ذلك، انتقد جونسون بايدن بحذر بسبب الانسحاب الأمريكي المتسرع والمميت في نهاية المطاف من أفغانستان. ومع ذلك، تمكن بايدن وجونسون من التعاون على جبهات أخرى، ليس أقلها حشد الدعم في أوروبا وخارجها لأوكرانيا.. كما أدخل بايدن المملكة المتحدة في اتفاقية دفاع مع أستراليا.. كما كان الزعيمان متشابهين في التفكير بشأن أهمية مكافحة تغير المناخ“.

”قصف“ الجسر الروسي للقرم

من ناحية أخرى، نقلت صحيفة (التايمز) البريطانية عن قائد سابق في حلف شمال الأطلسي (الناتو) قوله إن أوكرانيا يمكنها ”قصف“ الجسر الروسي المؤدي إلى شبه جزيرة القرم، معتبرا أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة ضربة كبيرة للكرملين.

وقال الجنرال فيليب بريدلوف، للصحيفة، إن أوكرانيا يمكن أن توجه ضربة مدمرة للكرملين من خلال مهاجمة ”جسر مضيق كيرتش“، الذي يربط البر الرئيسي لروسيا مع شبه جزيرة القرم، باستخدام صواريخ ”هاربون“ التي تم توفيرها حديثًا.

وأضاف بريدلوف، الذي كان القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا من 2013 إلى 2016، أن الهجوم على الجسر يعد مبررًا بسبب العدوان الروسي على أوكرانيا من جميع الجهات، قائلاً: ”جسر كيرتش هدف مشروع“.

وقالت الصحيفة البريطانية إن دعم بريدلوف لمثل هذا الهجوم يأتي في وقت شنت فيه روسيا غارات جوية على مدينة كراماتورسك في شرق أوكرانيا، حيث قال رئيس البلدية، أولكسندر غونشارينكو، إن هناك إصابات ونصح جميع السكان بالبقاء في الملاجئ، كما تعرضت مدينة سلوفيانسك القريبة من كراماتورسك أيضا للهجوم.

ووفقا للصحيفة، ظهرت أدلة على أن القوات الروسية تستعد على ما يبدو لهجوم محتمل على ”جسر كيرتش“ في الأيام الأخيرة، حيث وضعت أسلحة مضادة على طول الجسر لـ“صد أي ضربة صاروخية“، ويشمل ذلك المركبات المليئة بالرادارات العاكسة للتشويش على أنظمة توجيه الصواريخ وأجهزة حجب الدخان في محاولة لإخفاء الجسر.

وأوضحت الصحيفة أنه تم بناء ”جسر مضيق كيرتش“، الذي يمتد حوالي 11 ميلا وينقل الطرق والسكك الحديدية إلى شبه الجزيرة – التي ضمتها روسيا في 2014 – بين عامي 2016 و 2018 بتكلفة 3.5 مليار دولار. وبالإضافة إلى الإجراءات المضادة بجانب الجسر، زادت روسيا بشكل كبير من دفاعاتها الجوية في الجزء الغربي من شبه جزيرة القرم، وذلك جزئيًا لحماية الجسر من الهجمات الصاروخية.

وقال بريدلوف في حديثه لـ (التايمز): ”لا يفاجئني على الإطلاق أن الروس قلقون بشأن جسر كيرتش. إنه أمر مهم للغاية بالنسبة لهم، الآن بعد أن أعطى الغرب لأوكرانيا صواريخ كروز وأخرى متطورة، مثل صواريخ هاربون (بمدى يصل إلى 200 ميل)، أعتقد أن الروس لديهم كل الأسباب للقلق بشأن شن أوكرانيا هجومًا على الجسر“.

وأضاف: ”أنا مهندس مدني مدرب وأعرف بناء الجسور. تحتوي جميع الجسور على نقاط ضعف، وإذا تم استهدافها في المكان الصحيح، فقد يؤدي ذلك إلى جعل جسر كيرتش غير صالح للخدمة لفترة من الوقت، لكن إذا أرادوا إسقاط الجسر، فسيتطلب ذلك عملية تفجير أكثر تخصصًا“.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن