صفقة طائرات الـ «إف ـ 16» ورقة ضغط بيد لأمريكا لعرقلة التحالف بين أنقرة وطهران

صفقة طائرات الـ «إف ـ 16» ورقة ضغط بيد لأمريكا لعرقلة التحالف بين أنقرة وطهران
طائرة الـ «إف ـ 16» - أرشيف

تجد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نفسها في وضع يسمح لها بممارسة ضغوط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخاصة رغبته في الحصول على طائرات الـ «إف ـ 16»، لوقف التعاون الاقتصادي والتجاري المتقدم مع إيران وإجباره على الالتزام بسياسات «الناتو» تجاهها.

ولا ترفض الولايات المتحدة بيع طائرات الـ «إف ـ 16» الحديثة لتركيا للتعويض لها عن خسارة مشاركتها في صناعة مقاتلات الـ «إف ـ 35»، لكنها تريد من أنقرة أن تغير من سلوكها السياسي لتكون أقرب إلى سياسيات الحلف الأطلسي سواء في العلاقة مع روسيا أو مع قوى إقليمية مثل إيران.

وتشهد العلاقات بين البلدين منذ سنوات حالة من التوتر، وهي ترجع في الأساس إلى الخلاف بين الدولتين حول شراء أنقرة لمنظومة الـ «إس – 400» الصاروخية الروسية للدفاع الجوي، وكذلك الموقف من الحرب في سوريا خاصة استمرار أنقرة في معاداة الأكراد والقيام بهجمات ضدهم، وتكوين قوات للمعارضة السورية نجحت في السيطرة على مدن وقرى كردية مختلفة.

وتواجه صفقة شراء مقاتلات من طراز الـ «إف ـ 16» التي تقدمت تركيا للحصول عليها من الولايات المتحدة مصيرا ضبابيا هي الأخرى. وتتزايد الخلافات في وجهات النظر بشأن الكثير من القضايا السياسية والعسكرية بين البلدين، خاصة في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان وسوريا. وتأمل أنقرة منذ فترة طويلة في أن تغير الولايات المتحدة رأيها بعد أن تم استبعادها من قبل واشنطن من برنامج الـ «إف ـ 35» المتقدم بعد شرائها لنظام روسي مضاد للصواريخ.

ويقول مراقبون إن الرئيس الأميركي جو بايدن في وضع مريح تجاه تركيا التي تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة وتحتاج إلى دعم خارجي، ما يسهل عليه التدخل لإنهاء محاولتها تقويض الأمن الأوروبي ووقف تحولها الخطير نحو روسيا وإيران. فالمعروف أن تركيا تسعى جاهدة للحصول على طائرات الـ «إف ـ 16» الأميركية ومعدات التحديث.

الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره التركي رجب طيب أردوغان وطائرات طائرة الـ «إف ـ 16».

• الولايات المتحدة تصدر بيانا مهما بخصوص الدفاع الثنائي المشترك مع تركيا

ومن ناحية أخرى يشهد الدعم السياسي الداخلي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تراجعا شديدا في ظل الأزمات المتعددة. ويمكن لبايدن أن يدرك أن لديه فرصة لتحقيق أهداف استعصت على أسلافه. فبإمكانه وقف خروج تركيا من الفلك الغربي، لكن أساسا الضغط عليها من أجل تعديل سياسة التقارب مع إيران، والتي تجسدت في الزيارة الأخيرة لوزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو إلى طهران والإعلان عن خطط لتطوير التعاون بين البلدين.

وقال جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن البلدين سعملان على تحديد خارطة طريق من أجل تعاون شامل طويل الأمد بناء على طلب إيراني.

وأوضح أن تركيا أكدت في كافة المنابر أن العقوبات الأحادية ضد إيران خاطئة، مضيفًا «نعتقد بضرورة اتخاذ كافة الأطراف الخطوات المطلوبة من أجل تفعيل خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، وخاصة الذين انسحبوا منها، ويجب رفع العقوبات الأحادية عن إيران».

وخلال السنوات الماضية وقفت أنقرة ضد العقوبات الأميركية على طهران ولم تلتزم بها، وظل التعاون الاقتصادي والسياسي بينهما متينا، فضلا عن التقارب تجاه قضايا إقليمية. وستكون ورقة الـ «إف ـ 16» مهمة في إلزام أنقرة بالتوجه الأميركي، وفق ما يقول المراقبون.

• لماذا خسرت الولايات المتحدة في سوريا بينما حققت روسيا وتركيا وإيران مكاسب كبيرة؟

ويرى الكاتب الأميركي دانيال روث، مدير الأبحاث في منظمة «متحدون ضد إيران نووية» في تقرير نشرته مجلة (ناشونال إنتريست)، أنه لكي توافق الولايات المتحدة على مبيعات المعدات العسكرية لأردوغان، يتعين على تركيا خفض حجم تجارتها مع إيران، وقطع السبيل أمام وصول إيران إلى البنوك التركية، وتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية.

وتعتبر تركيا جسر إيران للحصول على البضائع الأوروبية، ما يجعل من الحدود بين تركيا وإيران والتي يبلغ طولها 530 كيلومترا نقطة ضعف واضحة بالنسبة إلى تنفيذ العقوبات الأميركية والأوروبية.

ومنذ عام 2016 حددت منظمة “متحدون ضد إيران نووية” أكثر من 70 شركة تركية يشتبه أنها تتعامل بصورة غير مباشرة مع النظام الإيراني، وقامت المنظمة بالتواصل معها. ويتعين على تركيا إن كانت تريد بناء علاقة هادئة مع واشنطن أن تقيّد بشكل قوي التدفق التجاري لإيران من خلال إغلاق حدودها البرية معها، وهو ما فعلته مرات كثيرة في الماضي القريب.

وأضاف روث أنه يتعين على تركيا أيضا منع بنك عودة وفرعه التركي من العمل داخل حدود إيران.

• تركيا أكبر مساهم بأعمار العراق وإيران تتوارى

ووفقا لقضية فيدرالية يعدّ بنك عودة واحدا من 13 بنكا لبنانيا تدعم منذ وقت طويل إنتاج القنابل والذخيرة التي يصممها حزب الله وتصنعها إيران. ومثل تلك القنابل قتلت أو جرحت أكثر من 1000 أميركي كانوا يعملون في العراق. وكخطوة تكميلية يتعين على أنقرة منع جميع البنوك التركية من التعامل مع البنوك المتهمة بغسيل الأموال وتسهيل الإرهاب الذي ترعاه إيران.

وبالمثل يجب على بايدن أن يكون مستعدا لمنع البنوك الأميركية من الارتباط بعلاقات مراسلة مع المؤسسات المشتبه بها، وهذا من شأن القيادة القائمة على المبادئ، والالتزام تجاه دعم السيادة اللبنانية. وبالنسبة إلى تركيا سوف يساعد ذلك في تحسين الثقة في التجارة ويوضح أن ممارسة التجارة في تركيا ذات مخاطر منخفضة لأنها ليست كذلك الآن.

كما أن كل ذلك سوف يساعد في تحسين سمعة تركيا المالية العالمية التي عانت من ضربة في الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي عندما أضافت مجموعة العمل المالي تركيا إلى قائمة الدول ذات «النواقص الاستراتيجية» في لوائحها الخاصة بمنع غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.

ويقول روث إنه ينبغي أيضا على تركيا الانضمام إلى الدول الأوروبية الاثنتي عشر والأعضاء التسعة في مجموعة العشرين الذين صنفوا حزب الله بصفة كاملة أو جزئيا كمنظمة إرهابية.

وقد اعترف كل منها بالتأثير الضار لحزب الله على لبنان وقيمة جهوده بالنسبة إلى إيران من خلال تزويدها بقاعدة تشغيل متقدمة على البحر المتوسط. ويجب أن يطلب بايدن إجراء مماثلا من أنقرة. كما يتعين أن يتصدر ذلك طلب أن يكون مثل هذا التصنيف كليا.

ويضيف روث أن من المحتمل أن يجد بايدن آذانا صاغية لمثل هذه القائمة من الرغبات.

• نيويورك تايمز: توجه تركيا لشراء “إف-16” المحدثة أكثر من مجرد شراء طائرات مقاتلة

وعموما فقد تدهورت العلاقات بين إيران وتركيا بشكل ملحوظ خلال العام الماضي. وأحبطت أجهزة المخابرات وإنفاذ القانون خطة إيرانية لاختطاف مسؤول عسكري إيراني سابق يعيش في تركيا لنقله إلى طهران. وسبق ذلك ما وصل إلى حد قطع العلاقات بسبب دعم إيران لعدو تركيا اللدود أرمينيا في حرب ناغورني قرة باغ عام 2020.

ولا بد أن يكون لدى تركيا استعداد للتراجع في العلاقات مع النظام الإيراني، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك فإن لدى الولايات المتحدة الآن القوة للضغط على أردوغان لإصلاح المسار.

ويختتم روث تقريره بالقول إن أردوغان قال مؤخرا سيكون الموضوع الأكثر أهمية هو قضية طائرات الـ «إف ـ 35» الخاصة بنا، في إشارة إلى جهود تركيا لاستعادة استثماراتها المفقودة بعد وقف استحقاقها لتلك الطائرات في أعقاب تلقي أنقرة للمنظومة الصاروخية الروسية. ويتعين على بايدن التعرف على مدى أهمية هذا الأمر، ومدى استعداد أردوغان لإصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا.

وكان مشرعون أميركيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري قد حثوا إدارة بايدن على عدم بيع طائرات الـ «إف ـ 16» المقاتلة لتركيا، وعبروا عن ثقتهم في أن الكونغرس سيعرقل صفقة من هذا القبيل.

وفي رسالة إلى بايدن ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبدى 11 عضوا بمجلس النواب شعورا عميقا بالقلق إزاء تقارير حديثة عن احتمال شراء تركيا 40 طائرة الـ «إف ـ 16» جديدة من إنتاج لوكهيد مارتن، و80 من معدات التحديث للطراز نفسه.

وكتب المشرعون أنه «في أعقاب إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان في سبتمبر أن تركيا ستشتري دفعة أخرى من منظومة الدفاع الصاروخي الـ «إس – 400»، فلا يسعنا أن نعرض أمننا القومي للخطر بإرسال طائرات أميركية الصنع إلى حليف يواصل التصرف كخصم».

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن