ماذا كان شكل المجتمعات قديماً قبل ظهور جهاز الشرطة أو جهاز الأمن الداخلي؟ ومتى عرف العالم جهاز الشرطة بشكله الحديث الذي نراه الآن في كل دول العالم؟
وكيف كانت تدار الأمور في الأزمنة السابقة ومن كان المسئول عن حفظ الأمن والاستقرار داخل كل مجتمع؟ أسئلة كثيرة تدور في ذهن كثيرين عن نشأة وتطور ذلك الجهاز إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن في كل أنحاء العالم من تحقيق الأمن، وتتبع الجناة، وما إلى ذلك من خدمات يقدمها لمجتمعه.
قانون الغاب كان الشرع السائد في القرون الوسطى في النزاعات بين الأفراد والجماعات والدول، لكن جهاز الأمن الداخلي، أو جهاز الشرطة، عُرف بشكله الحديث في القرن الـ18 من حيث الانضباط والانتشار والزي الموحد والرواتب الثابتة، بعد أن كان في البداية عبارة عن مجموعات من المتطوعين عملت لفترات سابقة على حفظ الأمن داخل المجتمع.
جهاز الشرطة في اليونان قديماً
وتشير تقارير إلى أن المجتمعات والدول كانت تعتمد قديماً على المليشيات المسلحة لبسط الأمن وإنفاذ القانون في زمن لم يكن هناك صوت ليعلو صوت العنف فيه وكان أداة للحوار، وذلك قبل ظهور جهاز الشرطة النظامي، فمثلاً في بلاد اليونان، كان القضاة يعتمدون على العبيد الذين كانوا في ذلك الوقت نواة للمليشيات لمطاردة المجرمين الهاربين وتأمين الاجتماعات وبسط قوة الأمن.
جهاز الشرطة في روما
الجيش كان أداة الإمبراطورية الرومانية القديمة لفرض الأمن وتطبيق القانون، واستخدمت في ذلك الوقت أيضاً مجموعات من الأشخاص عرفوا فيما بعد بـ”المخبرين” مهمتهم نقل المعلومات الهامة للنظام الحاكم، كما تم خلال عهد أغسطس قيصر تشكيل فرق فيجيليس الذي كانت مهمته السيطرة على الحرائق وإخمادها، ثم أسند إليه لاحقاً مهمة فرض الأمن في الشوارع ليلاً.
وفي محاولة لمواجهة ازدياد نفوذ الجيش في روما، قرر أغسطس قيصر تشكيل قوات جديدة تحت اسمcohortes urbanae كانت مهمتها حفظ الأمن داخل البلاد.
جهاز الشرطة في الصين
في القرن الـ 19 قبل الميلاد، استخدمت ممالك تشو وجين، الولاة كأداة لفرض القانون، وبذلك يمكن أن نعتبر أن أول ظهور لتنظيمات مشابهة لجهاز الشرطة كان في الصين، والذين قاموا بدورهم بنقل المعلومات الهامة للقضاة الذين يرفعونها في نهاية الأمر إلى الإمبراطور.
جهاز الشرطة في إنجلترا
شهد عام 1066 غزو النورمان لإنجلترا سنة 1066، الأمر الذي على أثره شرع الأنجلو- سكسونيون، في إنشاء وإعداد فرق ومجموعات متخصصة في حفظ الأمن عرفت باسم Constables والتي حملت على عاتقها مهام مطاردة اللصوص والقبض على المجرمين وحراسة المخازن والقلاع، وظل ذلك قائماً في إنجلترا حتى عام 1829.
فرنسا وجهاز الشرطة أول مراكز للأمن
اعترف نابليون بونابرت الإمبراطور الفرنسي في 17 فبراير 1800 برجال الشرطة، معلناً تكوين أول مراكز للأمن، كما أصدر أوامر بإنشاء مركز شرطة بكل مدينة يتجاوز عدد سكانها 5 آلاف شخص، وفي عام 1829 صدر مرسوم فرنسي بمنح رجال الشرطة زياً رسمياً لتصبح على إثر ذلك فرقة باريس أول فرقة شرطة في العالم تعتمد الزي الرسمي.
كما اتجهت إنجلترا في ذات العام سبتمبر 1829 إلى اتخاذ القرار نفسه؛ حيث اعتمدت مفهوم تنظيم رجال الشرطة مدفوعي الأجر من أجل التصدي للجرائم قبل وقوعها والقبض على المسؤولين عنها.
جهاز الشرطة في أميركا
وفي أميركا كانت مدينة بوسطن أولى الولايات في تكوين جهاز الشرطة، وذلك عام 1834، ثم نيويورك عام 1844، وفيلاديلفيا في 1854، وفي البداية رفض رجال الشرطة الأميركية ارتداء الأزياء الرسمية؛ لكن الأمر تغير في 1854؛ حيث صدرت أوامر رسمية من الإدارة الأميركية بتعميم ارتداء الزي على جميع أفراد الشرطة.
