كورونا والحسابات العالمية

تمارا حداد
تمارا حداد

بقلم : تمارا حداد

جائحة كورونا لم تقف عند حساب معين ألا وهو القطاع الصحي بل تعدى إلى حسابات عالمية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسلوكية، وحسابات أزمة كورونا كان لها أبعاد إيجابية لأطراف معينة وسلبية لأطراف أخرى.

صحيح أن كورونا ساهم في تهدئة بعض الاحتجاجات التي حدثت في بعض مناطق العالم مثل ” لبنان، الجزائر، والعراق وغيرها” وكان هذا الأمر لصالح بعض الدول بإخماد تلك الاحتجاجات والنظر إلى اولوية الاستجابة لوقف انتشار الفيروس وهذا الامر سيبقى الى حين انتهاء عام 2020، حيث سيتم تغيير في الخطابات والسلوكيات تحت رهان تجاوز الأزمة كتفسير المنطق العقلاني وفق حسابات الخوف من الازمة الحالية.

ايضاً ساهم كورونا بتغير سلوكيات بعض الجماعات المتطرفة حول العالم باستقطاب الإرهابيين والمتطرفين عبر نشر من خلال الواتس أب عبارات تدعو المواطنين الانضمام لهذه الأطراف المتطرفة فكرياً بحجة النجاة من الاصابة من كورونا وحجة الذرائع الدينية غير المعتدلة، الأمر الذي يُسرع في استخدام حساب أزمة كورونا بتغير معطيات تلك الجماعات بالتعامل مع الفيروس ذريعة لانتشار دواعش جُدد لكن تحت مسميات أخرى، كجماعات النبأ وغيرها.

هذه الحسابات لم تكن فقط ضمن تغيير حسابات السلوكيات للكثير من الجماعات، ولكن أزمة كورونا هي بالاصل حسابات اقتصادية لمصالح دول كبرى، تسعى من خلال هذه الأزمة الى ترتيب اسعار النفط وغيرها من الثروات ضمن سياق الحفاظ على النظام الرأسمالي واستمرار سيطرته على الشعوب النامية.

رغم صعوبة التنبؤ نتيجة الحالة الضبابية والغموض الذي يرافق هذه الازمة الا ان المسارات العالمية تقسم لثلاث مسارات وابرزها:

• مسار جمود الصراعات حول العالم دون إحداث تغييرات نوعية في مواقف الأطراف المتحاربة على الثروات .

• مسار تصاعد الصراع بين الأطراف الكبرى المتنازعة في العالم ويمثل حساب كورونا الحالي فرصة لتغيير موازين القوى لصالح الاقوى، وقد يؤدي لحرب عالمية ثالثة عسكرية لاعادة رسم الخريطة من جديد.

• مسار المراوحة بين السلم والحرب وتبقى الهدنة الخفية الراهنة بسبب حسابات الخوف من تأثير تأجيج الصراع في العالم.

والطاغي الأكبر لنوعية هذه الحسابات هي “الحسابات الاقتصادية” وبالتحديد لما نلاحظه من تراشقات اعلامية وخطابية على مستوى العالم بكيفية تخفيض انتاج النفط والتحكم بالأسعار حتى يستمر النفط الحجري الامريكي بالاستمرار في الإنتاج وبالتحديد ان استخراج النفط الحجري والذي هو أساس السلاح في العالم يحتاج إلى أموال طائلة لاستخراجه وقد يصل الى فوق 50 دولار للبرميل الواحد وهذا الأمر مكلف لاميركا باستخراجه وبيعه، لذلك المعركة الآن بين الدول الكبرى بتخفيض إنتاج النفط حتى يرتفع اسعاره ليتقارب مع أسعار النفط الحجري الأميركي والذي هو مصدر مال كبير لاميركا، لذلك اذا ما حصلت تفاهمات بين العالم حول أسعار النفط وكمية الإنتاج فإن الأمر سيؤدي لترجيح المسار الثاني وهو تأجيج الصراع بين الأطراف المتحاربة.

أما بخصوص الحسابات الصحية بالرغم ان العديد من العلماء استطاعوا إنتاج لقاح لعلاج فيروس كورونا الا ان كان مصيرهم هو القتل، والهدف من ذلك أن دولة واحدة ستبقى المسيطر الحالي بإخراج العالم من هذه الازمة ولكن ليس في الوقت الحالي الى حين قتل عدد معين من الأفراد ومن ثم سيتم اخراج اللقاح وتكون تلك الدولة المنقذ الرسمي للعالم وهذا الأمر مترابط مع الانتخابات الاميركية القادمة وهنا قد يعود ترامب الى واجهة رئاسة العالم اذا تم الاعلان عن اللقاح خلال فترة حكمه الحالي، وبالتحديد ان استطلاع الرأي الشعبي قبل يومين كان لصالح ترامب.

اما الحسابات التجارية، عملت أميركا على سحب شركاتها من الصين ولكن لا احد يعلم أنها وجدت موقعاً آخر وهو المكسيك القريبة منها لتكون واجهة الاستثمار القادم لاميركا فالمكسيك تعتبر منطقة التصنيع العالمي وبالتحديد أنها يومياً تقوم بتصنيع المنتجات الالكترونية بما يقارب 80 مليار سنويا بالتحديد في تصنيع قطع السيارات والتلفونات المحمولة والاجهزة الالكترونية فالمكسيك شهدت في الآونة الأخيرة قوة في التصنيع الإنتاجي .

هذه الامور تُغضب دولاً أخرى لذا فالقادم ليس بما يطمح به المواطن العربي فمعطيات وحسابات كورونا رأسمالية بحتة ولا يوجد ضمن مفاهيمها مصطلحات الإنسانية والآدمية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن