لاجئون فلسطينيون يبحثون عن اوراقا قانونية تعيد حياتهم الانسانية

المخيمات الفلسطينية

لبنان – عصام الحلبي

ان اردت عبور جسر الانسانية ، واختبار شعور أن تكون أنت، لست أنت، وتعيش العزوبية القانونية وأنت في حالة زواج شرعي, وان تختبر شعورك واحساسك بأبوتيك لـ”دزينة اولاد” ، ابنائك شرعا وليسوا كذلك قانونيا .

ما نقوله ليس فلما خياليا، ولا “حزورة ” في برنامج مسابقات، إنها قصص حقيقية لفئة من اللاجئين الفلسطينين الذين يطلق عليهم ” فاقدي الأوراق الثبوتية، اي الشخصية القانونية. هم لاجئون قدموا الى لبنان على مراحل كانت بدايتها في العام 1969 بعد ابرام اتفاقية القاهرة” ، والذين توالى قدومهم الى لبنان مع المقاومة الفلسطينية في مرحلة السبعينيات، اي ما بعد أحداث الاردن، ينتمي غالبية أبناء هذه الفئة من اللاحئين الفلسطينين للمقاومة الفلسطينية .

مارس الجيل الأول منهم حقهم الطبيعي في الحياة لجهة تكوين اسرة ، تزوجوا من نساء لبنانيات ولاجئات فلسطينيات في لبنان، كانت ثمرته أبناء , وبعد ما يقارب الـ”50 عاما” بلغ عددهم ما يقارب الـ”5000″ لاجئ فلسطيني، لم تطبق عليهم صفة لاجئ في لبنان، ان كان من حيث المعاملة القانونية من قبل الدولة اللبنانية المضيفة ، و وكالة ” الأونروا”.

محمود حسن عطية “ابو حسن”، ابن قرية”بيت ميرة” قضاء مدينة رام الله الفلسطينية ، والذي ولد وترعرع فيها، تلقى دراسته الابتدائية والإعدادية في مدارسها. يسرد عطية رحلة هجرته من قريته في فلسطين بالقول:” غادرت قريتي في العام 1967مع جدي وجدتي نتيجة العدوان الاسرائيلي واحتلاله للضفة الغربية وقطاع غزة وكانت وجهتنا الأردن،وبقيت في الاردن، حيث التحقت بالجيش العربي الأردني، وفي العام 1970 ، انضممت الى قوات الثورة الفلسطينية ” حركة فتح”، ونتيجة الأحداث حينذاك في الأردن اضطررت كعشرات الآف من الفدائيين من مغادرة الاردن الى سوريا، وفي العام 1971غادرت سوريا الى لبنان وكذلك ضمن نطاق عملي في الثورة الفلسطينية”.

ويضيف ابو حسن عطية : وفي العام 1977 قررت الزواج وتأسيس عائلة ، كانت ثمرة هذا الزواج “9 اولاد” ذكورا وإناثا ، كبر ابنائي واصبحوا شبانا وشابات ، وبدورهم تزوجوا وكونوا عائلات ورزقوا اطفالا وهذه سنة الحياة ، ويقول ابوحسن متنهدا وبصوت متهدج: ولكن المشكلة الكبرى هذا القلق الذي يلازمني من عدم امتلاكي للاوراق الثبوتية، وعدم وجود شخصية قانونية لي ولابنائي.

ويصف عطية حياته وحياة اسرته بالجحيم، والقلق على المستقبل والمصير ومصدره عدم وجود الأوراق الثبوتية ،والتي بسببها يعاني احفاده من صعوبات في الاستمرار في مدارسهم ومواصلة تحصيلهم العلمي ، وصعوبة في التنقل ، وفي كافة نواحي الحياة ، نعيش حياة تفتقد لابسط مقومات الحياة الانسانية .

وشدد عطية في حديثه على ضرورة ايجاد حل لهذه المأساة ’ فلا يجوز ان نكون في القرن الحادي والعشرين وما زال هناك بشر شردتهم مجازر الاحتلال الاسرائيلي ولا يوجد من يعطيهم حقهم في الوجود الانساني القانوني, وهذا برسم كافة الجهات الفلسطينية واللبنانية والدولية .

كل الحقوق التي طرحت لاتقدم جزء من الحل القانوني الانساني

علي هويدي الناشط في مجال حقوق الانسان وفي قضايا المجتمع المدني، ومدير “الهيئة 302” وصف اوضاع اللاجئين الفلسطينين الذين يطلق عليهم “فاقدي الاوراق الثبوتية ” بالمأساوي والصعب،فمشكلتهم التي تلقي بثقلها على كاهلهم وكاهل ابنائهم ومستقبلهم ، هي مشكلة قديمة متجددة، وللاسف الشديد لحد الآن لا يوجد حل لها. وكل الحلول التي طرحت او وجدت فهي لا تقدم جزء ولو بسيطا من الحل وخاصة من الجانب الانساني والقانوني.

ولفت هويدي ان مشكلة هذه الفىة من اللاجئين برزت بشكل كبير عندما فقدت الاوراق التي كانوا يحملونها صلاحيتها ولم يعد باستطاعتهم تجديدها او الحصول على اوراق تبوتية لاولادهم نتيجة رفض سفارات الدول التي كان يحملون اوراق صادرة عن دولها مثل ” الاردن ومصر”.

واكد هويدي ان هذه المشكلة هي انسانية، قانونية ، سياسية ، من المفترض ان يكون استثناء للتعاطي مع هذه الفئة من ابناء شعبنا كون هذه الفئة الاكثر تهميشا بعد اللاجئين المسجلين واللاجئين الفلسطينيين غير المسجلين ، والأن هذه هي الفئة الثالثة.

واضاف مدير الهيئة 302: الامر صعب جدا بالنسبة لهذه القئة في مجالات العمل والتنقل ، وكذلك حرمانهم من قبل “الأونروا” من الخدمات الطبية والاستشفائية، وباقي الخدمات التي تقدمها. كل ذلك شكل احباطا لهذه الفئة من ابناء شعبنا الفلسطيني، وكافة الحلول التي تعطى لهم هي حلول مؤقتة ” شهادة تعريف من سفارة فلسطين في لبنان او جواز سفر فلسطيني للاستعمال الخارجي”لا تحل المشكلة ، فنحن نتطلع الى ان يكون هناك حل جذري لهذه القضية .والذي يتمثل بالاعتراف بالشخصية القانونية لهم، وان يتم الضغط على “الأونروا” لتسجيلهم واعتمادهم من قبل الدولة اللبنانية، وان يتم التنسيق بين سفارة فلسطين في لبنان والدولة اللبنانية لحل مشكلتهم.

وشدد هويدي على” ان الوضع القائم لمشكلتهم والممتد منذ عشرات السنين غير مقبول بالنسبة لنا كمجتمع مدني وكقوى سياسية، وعلينا جميعا الوقوف امام مسؤولياتنا ومتابعة هذا الملف للوصول لحل جذري له.

واستغرب هويدي استمرار هذه المشكلة رغم الجهود التي بذلت وما زالت تبذل ، متمنيا ان تصل هذه القضية الى خواتيمها التي تعيد لهذه الفئة من اللاجئين الفلسطينين حقهم الانساني في امتلاك اوراق ثبوتية كاملة الاهلية القانونية، والاعتراف بشخصيتهم القانونية وهم ينتظرون تحقيق حقهم في العودة الى قراهم ومدنهم في فلسطين .

الوضع الذي يعاني منه ابو حسن عطية وعائلته ينسحب على حوالي “5000 لاجئ فلسطيني من هذه الفئة التي باشرت سفارة دولة فلسطين في البحث عن حلول لها مع الاشقاء والجهات المعنية في الدولة البنانية الا ان ذلك الجهد لم يثمر حلا يحفظ حياتهم الانسانية، وحقهم الانساني في امتلاك اوراقا ثبوتية كاملة الاهلية القانونية، تمكنهم من العيش بكرامة لحين عودنهم الى القرى والمدن التي اقتلعوا منها بفعل المجازر الاسرائيلية ، والسؤال القديم الجديد متى تبصر انسانيتهم النور ؟؟.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن