لبنان تحت المظلة الروسية: لا حرب إسرائيلية بعد الآن

لبنان تحت المظلة الروسية: لا حرب إسرائيلية بعد الآن

أكدت خفايا الحرب التي واجه خلالها الفلسطينيون في غزة، الإسرائيليين، أن الانتصارات لم تعد حليفة تل أبيب. ولّى ذاك الزمن، الذي كانت فيه ​الحكومة الاسرائيلية​ تتخذ قرارات الحرب، وتحسم الوجهة العسكرية، فيستبيح بسرعة خاطفة، أي مساحة شمالاً أو جنوباً، من دون مخاطر تُذكر على جيشها.

جاءت حرب غزة في الأسابيع الماضية، تستعيد وقائع حرب تموز على ​لبنان​ عام 2006، مع فارق الزمن، وحجم المواجهات، ومدة الحرب. كررت غزة ما فعله لبنان، بإحباط حرب ​إسرائيل​ية، وتكبيد تل أبيب خسائر كبيرة، تتظهّر يوماً بعد يوم، ستفرز مرحلة إسرائيلية جديدة، قد تفرض نفسها في الانتخابات المبكرة في ربيع العام المقبل.

لم يعد بمقدور الإسرائيليين التباهي بالقدرات العسكرية، بصواريخ “الكورنيت” وحدها، فاجأت ​الجيش الإسرائيلي​ في ​قطاع غزة​. فكيف الحال إزاء تطور منظومات الصواريخ عند حركات المقاومة في لبنان وفلسطين؟ ستتكرر وقائع مجزرة الدبابات في الحجير عام 2006، إضافة الى عنصر تتحسّب له تل أبيب: إسقاط عامل التفوّق الجوي بقدرات دفاعية جديدة وفاعلة، اختبرها الإسرائيليون منذ أشهر بإسقاط السوريين للطائرة الإسرائيلية.

هذا وحده كاف، لإحباط أية رهانات في تل أبيب، فكيف إزاء قرار الروس وضع لبنان تحت المظلة الروسية؟!.

يدرك الاسرائيليون جيداً ابعاد القرار المذكور، الذي قد يعني تزويد اللبنانيين، بصواريخ دفاع جوي، قادرة على نسف معادلة التفوق الاسرائيلي، أو يعني أن الدفاعات الروسية الموجودة على الاراضي السوريّة هي من تتولى احباط أي اعتداء على لبنان.

تبلّغت تل ابيب الإشارة الروسية، ولا قدرة لها على الاعتراض، خصوصا أن رئيس حكومتها المأزوم ​بنيامين نتانياهو​، كان حاول جاهداً إقناع موسكو بأن تقف الى جانب الاسرائيليين، لضرب “​حزب الله​” والمصالح الايرانية في سوريا ولبنان وفلسطين. لكن الروس فاوضوا نتانياهو طويلا، ولم يقدموا له ضمانة، سوى تراجع النفوذ الايراني عن الحدود الجنوبية السورية، وترسيخ وجود سلطة دمشق بديلا طبيعيا منها.

يعرف الاسرائيليون أن الأمر يتعدى مسألة رد الفعل على إسقاط طائرة روسية، لأن موسكو لا تتخذ قرارات استراتيجية بهذا الحجم، كردّ فعل. بل إن الروس يشاركون في رسم المعادلات، ويعلنون التحالفات، ويحبطون مخططات خصومهم الدوليين، وفي الطليعة واشنطن التي تنحاز لها تل أبيب.

ومن هنا يزداد الأمر صعوبة على الاسرائيليين الذين يتخبّطون بسباق داخلي مفتوح، دفع ​أفيغدور ليبرمان​، الى استغلال سفر نتنياهو إلى باريس، لتدبير أمر “عملية الكوماندوس” في غزة، التي خلطت الحسابات الاسرائيلية الداخلية.

ليبرمان الذي يقود تياراً صقرياً، أراد ان يبرهن لليمين المتطرف أنه هو الأكثر جدارة بقيادة إسرائيل وليس “بيبي”(لقب نتانياهو). لكن أتت نتائج الحرب على غزة تحمل مؤشرات جديدة، وتُشغل الاسرائيليين في القطاع، الذي بات وحده هماً صعباً، يستوجب نجاح المفاوضات التي تجريها مصر، لتحويل مشاريع التهدئة إلى اتفاق ثابت ودائم.

أمّا الجبهات الشمالية، من جهة لبنان او سوريا، فلم يعد بمقدور الاسرائيليين اتخاذ قرارات بشأنها، وعليهم اولا”: إقناع الروس، وهذا بات امراً مستحيلاً، بعد إحباط فرضته موسكو على تل أبيب، باعتراف نتنياهو شخصياً.

ثانيا”: توقّع حصول مفاجآت في قدرات حركات المقاومة التسليحية الدفاعية والهجومية المعاكسة.

ثالثاً: لم يعد بمقدور المجتمع الاسرائيلي تحمّل تبعات الحروب، ولا تلقي الصواريخ، ولا التزام الملاجئ طويلاً، فالاجيال تغيّرت.

كل ذلك لا يُبقي لتل أبيب إلا أمل ترسيخ العلاقات مع دول عربيّة، كما يجري الآن في تبادل الزيارات مع عواصم خليجية. لأن زمن الانتصارات الاسرائيلية في الحروب ولّى الى غير رجعة. لكن جدوى تلك العلاقات غير مضمونة النتائج ايضاً، سوى بعناوين اقتصاديّة وماليّة قائمة اساساً.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن