لماذا اعترف الرئيس الروسي بالانفصاليين المدعومين من موسكو في أوكرانيا؟

لماذا اعترف الرئيس الروسي بالانفصاليين المدعومين من موسكو في أوكرانيا؟
لماذا اعترف الرئيس الروسي بالانفصاليين المدعومين من موسكو في أوكرانيا؟

اتخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارا دراماتيكيا في سياق التصعيد ضد أوكرانيا والغرب حيث أعلن اعتراف بلاده بالكيانات الانفصالية التي تدعمها روسيا والتي تسيطر على أجزاء من شرق أوكرانيا كدول مستقلة.

ولسنوات، كان الاعتقاد السائد أن بوتين لن يتخذ مثل هذه الخطوة، إذن لماذا فعل ذلك الآن؟ فيما يلي بعض الأسباب المحتملة.

تم التوقيع على الاتفاقية المعروفة باسم “مينسك 2” في فبراير/شباط 2015، واعتبرتها موسكو وسيلة لكسب نفوذ قوي على السياسة الأوكرانية -المحلية والخارجية- من خلال منح قدر كبير من الحكم الذاتي للقوات المدعومة من روسيا والتي كانت تسيطر على أجزاء من دونيتسك ولوهانسك -دونباس- منذ ربيع عام 2014.

لكن كان هناك خلافات جوهرية بين روسيا وأوكرانيا حول جوانب رئيسية في الاتفاقية، بما في ذلك تسلسل خطوات بناء الثقة التي تنص عليها الاتفاقية. وربما فقد بوتين الأمل في أن يتم تنفيذ الاتفاقية بشروط موسكو.

وبعد سماع خطاب بوتين في وقت متأخر من يوم 21 فبراير/شباط، تزايد الاعتقاد بأن الرئيس الروسي على وشك إعلان ما قالت الولايات المتحدة أنه يمكن أن يأتي في أي لحظة، مع احتشاد أكثر من 130 ألف جندي روسي بالقرب من حدود أوكرانيا، وهو نمط عسكري هجومي على دولة مجاورة.

وفقد عكست اتهامات بوتين لقيادة أوكرانيا صدى الخلافات السابقة حول بلد قال إنه من اختلاق الزعيم البلشفي فلاديمير لينين، ملمحًا إلى طموحات يصعب إشباعها بإعلان استقلال منطقتين من الدولة.

♦ بوتين يوقع مرسوم الاعتراف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك ويدعو الدوما للمصادقة الفورية (فيديو)

وتوقع العديد من المحللين أن الاعتراف لن يكون سوى الخطوة الأولى نحو ما يمكن أن يكون حملة عسكرية كبيرة تهدف إلى إسقاط الحكومة في كييف.

لكن في الوقت الحالي على الأقل، ربما يرى بوتين الاعتراف على أنه وسيلة لانتزاع شيء يمكن أن يدعي معه الانتصار مع تجنب تداعيات غزو واسع من جهة، والظهور بمظهر المتراجع أمام العزم الأوكراني والغربي من جهة أخرى.

في الوقت نفسه، ستكون روسيا قادرة على مواصلة الضغط العسكري على أوكرانيا. وفي دونباس نفسها، قد يلوح هذا الضغط في الأفق أكثر من أي وقت مضى حيث يطالب الانفصاليون بمناطق دونيتسك ولوهانسك في مجملها، وليس الأجزاء التي يسيطرون عليها فقط، لذا فإن الاعتراف يحمل تهديدًا ضمنيًا ببسط السيطرة على باقي المقاطعتين.

وربما يكون بوتين قد ألمح إلى هذا الاحتمال عندما قال في خطابه إن بعض أجزاء أوكرانيا يجب أن تنتمي بشكل شرعي إلى روسيا. وفي الواقع، يشير ذلك إلى أن روسيا يمكن أن تستوعب المنطقتين رسميًا، وهو الأمر الذي ألمح إليه اثنان من كبار مساعدي بوتين ظاهريًا عن طريق الخطأ في اجتماع مجلس الأمن القومي بالكرملين قبل خطاب بوتين و مراسيم الاعتراف.

وبدا خطاب بوتين وكأن هدفه إعداد الروس لبذل جهود أكثر عدوانية لإخضاع أوكرانيا في مرحلة ما في المستقبل. لكن بوتين يدرك أن الروس الذين يعانون من جائحة (كورونا) والقيود الاقتصادية قد يفضلون الاعتراف بالانفصاليين بدلا من حرب كبرى.

وفي نظر الكرملين، فإن مرسوم الاعتراف يأخذ قضمة من أوكرانيا ويقضي على جزء من أراضيها بعد 8 سنوات من سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم.

وقد يأمل بوتين أن يؤدي ذلك إلى إضعاف الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الذي فاز بسهولة في انتخابات 2019 بعد حملة كان أحد الوعود الرئيسية فيها إنهاء الحرب في دونباس.

♦ الاتحاد الأوروبي يدعو إلى قمة طارئة حول أزمة أوكرانيا

ومن المرجح أن يؤدي الغزو الشامل إلى زيادة الوحدة في الغرب، مما يعزز تصميم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على توحيد جبهة مشتركة.

وربما رأى بوتين أن الاعتراف سيترك الدول الغربية تكافح للاتفاق على كيفية الرد وعلى نوع العقوبات التي يجب فرضها، خاصة إذا كانت روسيا والانفصاليون لا يسعون للتوغل في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة في دونباس.

وقد أشارت مراسيم الاعتراف التي أصدرها بوتين إلى أن روسيا سترسل قوات عسكرية إلى دونباس قريبًا جدًا -على الأقل لفترة محدودة- وهو أمر نفته طوال ما يقرب من 8 سنوات من الحرب هناك، بالرغم من وجود أدلة على مشاركة كبيرة للقوات والضباط الروس.

وقد يأمل بوتين في دفع كييف إلى رد عسكري لاستخدامه كذريعة لمزيد من استخدام القوة لتحقيق أهدافه في أوكرانيا. وفي هذا الصدد، يقول صموئيل شاراب، كبير المحللين السياسيين في مؤسسة “راند”: “حتى الآن، لا يوجد لدى روسيا مبرر للتدخل العسكري العلني حتى بموجب قوانينها الخاصة.. ولكن بعد خطوة الاعتراف قد يؤدي الرد العسكري إلى خلق تلك الذريعة المفقودة”.

(ستيف جوترمان – أوراسيا ريفيو)

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن