مسيرة العودة تنسف أساسات الصهيونية

صلاح الدين العواودة
صلاح الدين العواودة

بقلم : صلاح الدين العواودة

تحت عنوان “مجرد التهديد باجتياز الحدود” في موقع هعوكتس، كتب آفي رم تسوريف طالب الدكتوراه في تاريخ الشعب الإسرائيلي في جامعة بنغوريون والمحاضر في كلية دروما وكلية بئير في يروحم (رخمة): مجرد تهديد الفلسطينيين باجتياز الحدود يشير إلى انعدام شرعية القوة الصهيونية، ويثير الرعب في أوساط الصهاينة.

التهديد يكشف العنف الكامن في أصل القانون الذي يطرح نفسه كحدود، وباستخدام التصنيف التاريخي المسمى (المتسلل).

يقول: مسيرة العودة تمس عصب الرعب العميق جداً المتعلق ب (السيادة الإسرائيلية) وهذا فقط هو ما يفسر قتل 16 من المتظاهرين العزل المقتربين من السياج (العدد ارتفع إلى 31 شهيدًا خلال 9 أيام)، وحتى لو اجتازوا السياج الذي عدّوه هدفاً لهم.

هكذا فقط يمكننا فهم النقاش الإسرائيلي الداخلي حول ما يسمى احتجاجات غير عنيفة وهو ما يعني في المفهوم الإسرائيلي أن تكون على مقاس القوانين الإسرائيلية السيادية، وإذا ما خالفتها فتلقائياً تصبح عنيفة.

ولكن المفهوم أن عدم التزام المواطنين ومخالفة القوانين السيادية هو جوهر الاحتجاجات السلمية، فالنضال من أجل المساواة للمرأة في بريطانيا عام 1912 عدته سلطة الرجال أيضاً آنذاك ارهاباً رغم سلميته، ونضال المهاتما غاندي في الهند، ونضال مارتن لوثر كنغ، ونضال مانديلا عُدّ أيضاً ارهاباً رغم أن المجتمع الدولي والأوساط الليبرالية عدّت ثورات هؤلاء سلمية.

وكل هؤلاء في الواقع ثاروا ضد قوانين سيادية مثل قوانين “إسرائيل” بالضبط، وكلهم تعرضوا للاعتقال والقتل والتغذية القسرية للدفاع عن القانون (السيادي).

مصطلح العودة مصطلحٌ مخيف في الأدبيات الصهيونية، ومن المحظور ذكره أو التطرق للشعب الفلسطيني المهجر، فكل حديث عن الماضي الفلسطيني فبل 1948 يتناقض جذرياً مع الواقع الصهيوني الذي يرى أن مجرد وجود الفلسطينيين ولو كانوا عزلاً هو تهديد.

إنه منطق الاستعمار الاستيطاني الذي ميز الاستيطان الصهيوني في فلسطين منذ إقامة “المكتب الأرض إسرائيلي” عام 1908 وما تبعه من سياسة استيطان قائمة على إقامة مجتمعٍ متجانسٍ تماماً عرقياً لليهود وهو ما لا يتم الا بطرد الفلسطينيين من الأرض نفسها.

عمل الكيان الصهيوني على محو الماضي الفلسطيني الذي تحييه مسيرة العودة ليس من خلال مسح القرى والبلدات الفلسطينية وإقامة مستوطنات وغابات على أطلالها فحسب؛ بل من خلال قتل أي فلسطيني حاول العودة إلى بيته أو قريته وتمت تسميته متسللاً.

وعلى ذلك فكل اجتياز للحدود من أي فلسطيني يعدّ تهديداً وجودياً للكيان الصهيوني بشكله الحالي المسمى “إسرائيل” مما يبرر قتله. فغياب الفلسطينيين ضرورة وجودية للكيان” وعودتهم تعني انهياره مما يحتم طريقة تفكير في المستقبل مختلفة ليست قائمة على كيان صهيوني لليهود وحدهم.

الاحتجاجات تؤشر بشكل واضح على انعدام الشرعية للقوة، وتثير الرعب وتكشف العنف الكامن في جذورالقانون الذي يتمثل بالسياج الحدودي، وعليه يصنف مجتازه كمتسلل، وهذه الاحتجاجات تعيد للمتسلل نفسه وصف العائد، وهو الوصف الذي أطلق على المتسللين اليهود القادمين إلى فلسطين فترة الاستيطان كما وصف ذلك الكاتب بنيامين في الخمسينات.

لذلك فالمطلوب هو تحرير الكيان الصهيوني من الشكل الاستعماري القائم على طرد الفلسطينيين وتحويله إلى كينونة يهودية طبيعية لا تشترط إبعاد الفلسطينيين. فالاحتجاجات تلزمنا بالتفكير بوجود يهودي مختلف في فلسطين مجدداً.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن