معهد أمريكي: ماذا تعني أول صفقة أسلحة كبرى للسعودية في عهد بايدن؟

معهد أمريكي: ماذا تعني أول صفقة أسلحة كبرى للسعودية في عهد بايدن؟
صورة تعبيرية

في أول خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن السياسة الخارجية، تعهد بإنهاء جميع أشكال الدعم الأمريكي لـ”العمليات الهجومية” في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة فيما أعلن التزامه بتعزيز الدبلوماسية لإنهاء الحرب.

أما الآن، فقد أرسلت الإدارة الأمريكية إشعارا للكونجرس بشأن أول صفقة أسلحة مقترحة إلى السعودية منذ تولي بايدن منصب الرئيس. وتشمل الصفقة 280 صاروخ جو-جو و596 قاذفة صواريخ بقيمة تصل إلى 650 مليون دولار.

ولطالما تسببت المساعدة الأمنية الأمريكية لمنتهكي حقوق الإنسان مثل السعودية في تعزيز القمع الداخلي وهشاشة الدولة وعدم الاستقرار الاستراتيجي، مما عرض مبيعات الأسلحة للخليج لانتقادات كلا الحزبين. ومع ذلك، واصلت الولايات المتحدة صفقة بيع الأسلحة المقترحة إلى السعودية ما يشير إلى أن أهداف بايدن الأمنية المحدودة فيما يتعلق بإيران تعيق الإجراءات الأمريكية لحل الأزمة في اليمن.

ومن المرجح أن صفقة البيع المقترحة تنبع من قلق إدارة بايدن من تكنولوجيا الطائرات المسيرة الإيرانية، كما أنها تأتي في إطار الجهود المبذولة لطمأنة السعودية بشأن التزام الولايات المتحدة بالعلاقة الأمريكية السعودية قبل استئناف المحادثات النووية مع إيران.

لكن يجب على إدارة بايدن رهن أي مبيعات مستقبلية بتنازلات سعودية لإحلال السلام في اليمن والامتثال لمبادئ حقوق الإنسان.

يمكنك معرفة المزيد عن : شاهد – الولايات المتحدة تقر بيع صواريخ “جو – جو” للسعودية بقيمة 650 مليون دولار

بين الدافع المعلن والخفي

رحبت منظمات حقوق الإنسان بالوعود الأولى للإدارة الأمريكية بشأن إنهاء الدعم للعمليات الهجومية في اليمن، ومع ذلك فقد واجه بايدن انتقادات من بعض المدافعين عن حقوق الإنسان لعدم وضوح الخط الفاصل بين الدعم الهجومي والدفاعي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، بما في ذلك قرار الإدارة تمديد عقود بقيمة 500 مليون دولار لصيانة للمروحيات العسكرية السعودية في سبتمبر/أيلول 2021.

وفي إعلان بشأن إشعار الإدارة يوم الخميس، بررت وزارة الخارجية الأمريكية الأمر بـ”الزيادة في الهجمات العابرة للحدود ضد السعودية في العام الماضي” مؤكدة أن صواريخ جو-جو ستستخدم في اعتراض تلك الهجمات.

وشدد متحدث باسم وزارة الخارجية أيضًا على حق السعودية في الدفاع عن نفسها، قائلًا إن “صفقة البيع المقترحة تتوافق تماما مع تعهد الإدارة بقيادة الدبلوماسية لإنهاء الصراع في اليمن مع ضمان أن تمتلك السعودية الوسائل للدفاع عن نفسها ضد هجمات الحوثيين الجوية المدعومة من إيران”.

لكن الشيء الذي ظل مسكوتًا عنه هو قلق الولايات المتحدة المتنامي بشأن استخدام الطائرات المسيرة من قبل الحوثيين وشركاء إيران الآخرين. فقد انتشرت الطائرات المسيرة في جميع أنحاء المنطقة، وأصبحت تستخدم بشكل متزايد من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية، وهو سباق التسلح الذي يرى العديد من المحللين أن واشنطن تسببت في إشعاله.

وتزايدت عمليات الطائرات المسيرة بين “حزب الله” وإسرائيل، كما وسعت إيران من تكتيكاتها الحربية غير المتكافئة عبر استخدام الطائرات المسيرة لمضايقة السعودية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلنت الولايات المتحدة عن عقوبات على الكيانات والأفراد الذين دعموا برنامج الطائرات المسيرة للحرس الثوري الإيراني، فيما قالت التقارير إنه استجابة لاستهداف الطائرات المسيرة الإيرانية للقوات الأمريكية في العراق.

وفيما تدل الصفقة نفسها على استمرار انشغال إدارة بايدن بإيران، فإن توقيت الإعلان يدل على استمرار الإدارة في تقديم ممالك الخليج كأولوية. وكما فعلت إدارة أوباما، فإن وزارة الخارجية في إدارة بايدن تقدم لشركائها الخليجين مثل الإمارات والسعودية تحديثات حول المفاوضات النووية مع إيران جنبا إلى جنب مع مبيعات الأسلحة.

تراجع أولوية حقوق الإنسان

ويأتي إشعار بيع الأسلحة أيضا في وقت ينشغل فيه الكونجرس بتمرير الأجندة المحلية لإدارة بايدن، وبما أنه لم يتبق للكونجرس إلا شهر من العمل التشريعي قبل نهاية العام مع جدول أعمال مزدحم، فمن غير المرجح أن يحشد الكونجرس الأصوات اللازمة لمنع صفقة بيع الأسلحة.

وبالرغم أن المشرعين قدموا مشروعي قانونين من شأنهما تسهيل رقابة الكونجرس في مثل هذه الحالات، فإن القانون الحالي يعيق الضوابط والتوازنات التي يمكن أن تحمي حقوق الإنسان في عمليات نقل الأسلحة.

ومع احتمال تنفيذ صفقة الأسلحة الأخيرة، يبدو أن إعادة تأكيد الولايات المتحدة لدعمها لممالك الخليج ضد إيران سوف يأتي على حساب أهداف حقوق الإنسان في خطاب بايدن الأول.

ويأتي إخطار بيع الأسلحة للسعودية في أعقاب تقارير تفيد بأن الحكومة السعودية تسعى للحصول على مساعدة الولايات المتحدة في الدفاع ضد هجمات الحوثيين، فيما تضغط الولايات المتحدة على السعودية لإنهاء حصار الموانئ اليمنية.

ومع تهديد المجاعة وتصاعد المعركة على مدينة مأرب، أدى الحصار إلى تعميق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويطالب المفاوضون الحوثيون التحالف الذي تقوده السعودية برفع الحصار كشرط لوقف إطلاق النار، كما دعا الديمقراطيون في الكونجرس إلى إنهاء الحصار لأسباب إنسانية.

ويؤدي المضي قدمًا في مبيعات الأسلحة دون أي تغيير ذي مغزى في السلوك السعودي، إلى إرساله رسالة من إدارة بايدن بالدعم غير المشروط لتحركات التحالف الذي تقوده السعودية، مما يرسخ التوترات القائمة في الخليج -ودور أمريكا فيها- ويزيد من مخاطر سباق التسلح والتصعيد غير المقصود.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن