معهد إيطالي يرجح احتفاظ قناة السويس بقدرتها التنافسية عالميا

معهد إيطالي يرجح احتفاظ قناة السويس بقدرتها التنافسية عالميا
معهد إيطالي يرجح احتفاظ قناة السويس بقدرتها التنافسية عالميا

هل تعد بدائل طرق الشحن المتاحة عالميا لقناة السويس مجدية؟

سؤال طرحته الباحثة بالمعهد الإيطالي لدراسات السياسة الدولية “أنجيلا ستيفانيا بيرجانتينو”، في إطار المستجدات التي فرضتها حادثة انسداد القناة في 23 مارس/آذار الماضي، عندما شطحت السفينة العملاقة “إيفر جيفن” يبلغ وزنها 200 ألف طن وطولها 400 متر وأثرت على تدفق حركة المرور بين آسيا وبقية أنحاء العالم لمدة 6 أيام.

وذكرت “أنجيلا”، في تحليل نشرته عبر الموقع الرسمي للمعهد، أن انسداد القناة وجه ضربة قاسية للتجارة العالمية على المديين القصير والمتوسط، قُدرت كلفته اليومية بنحو 9.6 مليار دولار من حجم التجارة، وهو ما يعادل 6.7 مليون دولار في الدقيقة الواحدة.

وناقشت الباحثة الإيطالية إجابة التساؤل من زاويتين، الأولى تتعلق بالمكانة التي حققتها قناة السويس كمرر شحن بحري عالمي، والثانية تتعلق بمدى تنافسية البدائل الممكنة للقناة المصرية عالميا.

وفي إطار الزاوية الأولى للتحليل، أشارت “أنجيلا” إلى أن أولئك الذين يعملون في قطاع الخدمات اللوجستية والنقل هم أكثر من يدركون الدور الرئيسي لقناة السويس في التجارة الدولية، ولذا كانت أخبار انسداد القناة بمثابة كابوس حقيقي لهم، إذ مثلت هجوما على قلب الشبكة العالمية لتدفق البضائع.

ونوهت الباحثة إلى موقع القناة الذي “تُحسد عليه”، حيث تلتقي قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ما مكنها من الصعود كأهم ممر بحري في العالم، يمر منه حوالي 30% من إجمالي حركة الحاويات العالمية، بشحنات تبلغ قيمتها أكثر من تريليون دولار سنويًا.

وفي عام 2020، استخدمت حوالي 19 ألف سفينة القناة المصرية كطريق شحن للطاقة والمواد الخام والسلع الاستهلاكية من آسيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.

• مصر تلغي ضريبة القيمة المضافة على السفن العابرة لقناة السويس‎

كما أن موقع القناة يجعلها مركزًا إقليميًا رئيسيًا لشحن النفط والمواد الهيدروكربونية الأخرى، وفي السنوات الأخيرة، كان ما بين 7-10% من نفط العالم (حوالي مليون برميل من النفط يوميًا) وحوالي 8% من الغاز الطبيعي المسال يمر عبر قناة السويس كل عام.

وفي عام 2019، نقلت الحاويات حوالي 54 مليون طن من المعادن و 35 مليون طن من الفحم على طول القناة.

وذكرت “أنجيلا” أن قناة السويس توفر بديلاً مناسبًا، ليس فقط لطريق رأس الرجاء الصالح، ولكن أيضًا لقناة بنما، ولبعض طرق الشحن البحري بين آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وأشارت إلى أن عبور طريق رأس الرجاء الصالح يتطلب قطع السفن 9 آلاف كيلومترا إضافيا، بما يزيد من مدة رحلاتها من 6 إلى 14 يومًا، بحسب نوع السفينة والبضائع التي تحملها.

كما أن إدارة القناة أظهرت قدرة جيدة على التكيف مع الاحتياجات الناشئة عن التغييرات في بناء السفن وأحجامها، عبر مشروع توسعة بقيمة 9.6 مليار دولار، عام 2013، استهدف السماح بمرور السفن عبر القناة بالاتجاهين في توقيت واحد.

وعزز مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة، الذي تم افتتاحه في أغسطس/آب 2015، دور مصر كمركز رئيسي للتجارة العالمية، بحسب تحليل المعهد الإيطالي، الذي أشار إلى أن البنية التحتية الجديدة للقناة سمحت بتخفيض متوسط وقت سير السفن بمقدار 11 ساعة لكل عبور في كلا الاتجاهين؛ وزيادة قدرة العبور اليومية إلى 97 سفينة (من المتوسط ​​السابق البالغ 49 سفينة).

• شاهد.. مصر تفشل مخططا إسرائيليا استهدف قناة السويس

ومن زاوية ثانية للتحليل، ذكرت “أنجيلا” أن البديلين الرئيسيين لقناة السويس، يمثلان تجديدا لمصالح اللاعبين المركزيين في الاقتصاد العالمي: الولايات المتحدة والصين وروسيا، لكن إمكانات كل منهما لن تظهر إلا على المدى الطويل.

البديل الأول هو طريق بحر الشمال عبر القطب الشمالي، إذ أدى انخفاض مساحة الجليد في البحر المتجمد الشمالي إلى فتح آفاق جديدة للشحن التجاري عبر بحر الشمال (بما في ذلك الممر الشمالي الشرقي، الذي يمد طريق البحر باتجاه أوروبا) والممر الشمالي الغربي وطريق البحر العابر للقطب الشمالي.

ويمكن أن يؤدي استخدام السفن التجارية لهذا الطريق بين شمال أوروبا واليابان، إلى تقليل مسافة نقل البضائع بنسبة 37%، كما يمكن أن يقلص المسافة من موانئ شمال أوروبا إلى كوريا بنحو 31%، و 23% إلى الصين، و 17% إلى تايوان.

أما البديل الثاني لقناة السويس، فهو الممر متعدد الوسائط لطريق الحرير، الذي تروج له الصين.

وتشير “أنجيلا” إلى أن تقدير المشروع الصيني يرى في قناة السويس ممرًا استراتيجيًا لبناء طرق الحرير الجديدة، وبالتالي يرى في مصر محورا لمصالح بكين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبإضافة زيادة القدرة على التنبؤ بتوقيت عبور عبر قناة السويس، واختيار إدارتها عدم زيادة تعريفات المرور بها القناة (بعد التوسيع)، وخطة الاستثمار الضخمة بها عبر مشروع التفريعة الجديدة، تتوقع “أنجيلا” أن تحافظ القناة على مستوى عالٍ من القدرة التنافسية بمرور الوقت، وترى أن كلا البديلين – الروسي والصيني – لا يبدو ملموسا بعد.

• بديلاً عن قناة السويس.. الولايات المتحدة خططت لشق قناة عبر إسرائيل باستخدام قنابل نووية

وفي السياق، أشارت الباحثة الإيطالية إلى التصاعد الكبير في أهمية قناة السويس بالنسبة لموانئ البحر المتوسط، التي تعمل ​​بموقع استراتيجي لخدمة أعمال إعادة الشحن بين سفن النقل، وبالتالي تصل بين الأسواق العالمية والإقليمية، التي يتم تغذيتها عبر طريق القناة المصرية.

ونوهت إلى أن منطقة البحر المتوسط شهدت ​​نموًا كبيرا للاستثمار البحري على مدى العقدين الماضيين، وأصبحت منصة لوجستية مهمة من الناحية الاستراتيجية لطريق التجارة بين الشرق والغرب، وبالتالي الربط بين آسيا وأوروبا والساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وصاحب هذا النمو تنام في استخدام شركات الشحن الكبرى للسفن الضخمة والتي لا يمكن استيعابها إلا من خلال قناة السويس، وتسريع التحالفات العالمية التي شكلتها تلك الشركات لاستغلال توسيع القناة المصرية.

كما أن القدرة التنافسية للميناء لا تتحدد فقط من خلال جغرافيته (قربه من خط الشحن الرئيسي) ولكن أيضًا من خلال الجودة الشاملة للخدمات المقدمة للسفن، لا سيما من حيث الاتصال بشبكات النقل الأخرى.

ولذا تخلص الباحثة الإيطالية، في تحليلها، إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام موانئ جنوب أوروبا للتنافس بشكل كامل مع الموانئ الشمالية في جذب حصص كبيرة من التدفقات التجارية والاستفادة الكاملة من الفرص التي توفرها قناة السويس. وعليه فإن القناة المصرية لا تزال محتفظة بقدرة تنافسية كبيرة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن