مقارنة واقعية بين موقف الدول تجاه فلسطين بعد 2008

د. محمد الحداد
د. محمد الحداد

فلسطين التاريخية، أصبحت القضية الوحيدة في العالم التي مازالت عالقة نظراً لظروفها الحساسة في موقف حساس تعرضت لأبشع أنواع الظلم والقرصنة واحتلال إجرامي من عصابات اليهود فيما يسمى الاحتلال الإسرائيلي في ظل تواطؤ من الدول العظمى لخلق هذا الجسم الغريب في خاصرة الوطن العربي.

كما كانت هيئة الأمم المتحدة ومن يتحكم فيها من الدول الصناعية الكبري بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي وقفت سداً منيعاً لترسيخ هذا الكيان الإسرائيلي المحتل في أرض فلسطين.

وتدخل فلسطين في تاريخ مظلم من اتفاقية سايكس بيكو في العام 1917، ومروراً بإعلان ما يسمى دولة إسرائيل في 1948، وحرب 1967، وإتفاقية أوسلو الظالمة في حق الشعب الفلسطيني، إلا أن الأمم المتحدة لعبت دوراً سلبياً في ترسيخ وتوسع هذا الكيان المحتل والمتمثل في توسع الإستيطان حتى تم ابتلاع أكثر من 65% من أراضي السلطة الفلسطينية حسب الإتفاقية نفسها، كون مجلس الأمن عطل أي قرار لصالح فلسطين خصوصاً عندما ترفض الولايات المتحدة الأمريكية وتلوح بحق الفيتو الذي أصبح مهزلة في عدد مرات استخدامه لإفشال كل القرارات المصيرية والحاسمة لدول فلسطين.

وبالرغم من الموقف السلبي للأمم المتحدة فهناك عدد كبير من مواقف الدول في العالم المؤيدة لحقوق دولة فلسطين والحقوق المشروعة بقيام دولة فلسطين على حدود 1967 لفلسطين التاريخية، ووقف الاستيطان، وتجريم جدار الفصل العنصري في ظل القيادة ما قبل 2008 وتحديدا في الفترة التي رأسها فخامة الرئيس الراحل الرمز الشهيد أبو عمار رحمه الله.

فيما بعد 2008 بدأت القيادة الفلسطينية بأخذ منحى خطير بتولية القضايا السيادية لأشخاص للأسف لم يكونوا عند حسن ظن الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية بقيادة فخامة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) والذي يعتبر الأكثر دهاء من القيادات التاريخية التي مرت على دولة فلسطين لتعلن الدبلوماسية الفلسطينة فشلها بامتياز نتيجة ترهل وضعف هذه الدبلوماسية الفلسطينية والدور المشبوه الذي يقوم به رئيس الدبلوماسية الفلسطينية الملقب بالدكتور رياض المالكي ولا يهمنا هذه الألقاب الناصعة له، ولكن ما يهمنا هو هذا السقوط الرهيب في دعم وتأييد الدول للقضية الفلسطينية ونستعرض بعض الأمثلة:

1. في مشروع القرار الذي قدمته جزر القمر وكوبا وإندونيسيا والأردن والكويت وجمهورية لاو الديمقراطية وقطر والسعودية والسنغال والإمارات واليمن… حيث ينص القرار : ” باختصار على أن شعبة حقوق الفلسطينيين تواصل تقديم إسهام بناء وإيجابي في رفع مستوى الوعي الدولي بقضية فلسطين وبالحاجة الملحة للتسوية السلمية لقضية فلسطين من جميع جوانبها” .

صوت (87) بلداً معنا مقابل معارضة ( 54 )، وامتناع ( 23 ) عن التصويت ، المشروع كان في شعبة حقوق الفلسطينيين التي هي بمثابة أمانة عامه ل (اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف) وهي من أهم اللجان المعنية بالقضية الفلسطينية .

نتائج التصويت كانت بمثابة كارثة دبلوماسية فلسطينية حيث ولأول مرة في التاريخ صوتت ضدنا كل من ألمانيا، التشيك، النمسا، بلغاريا، الدنمارك، إستونيا، اليونان، ليتوانيا، هولندا، رومانيا، سلوفاكيا، البرازيل وكولومبيا حيث كانت تلك الدول تاريخيا تمنع عن التصويت لتنتقل تدريجياً الي ضد وأيضاً بقي ضمن الممتنعين عن التصويت كل من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا ، كما تفعل كل عام .

حتى المانيا التي عاقبت بالأمس القريب حركة المقاطعة ولحقت بها هولندا بقرار قطع المساعدات لدولة فلسطي، انضم الي ناديهم بالأمس النرويج حيث طالب البرلمان النرويجي، بوقف تحويل الأموال إلى وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، بحجة أنها تحتوي على مضامين تحريضية على العنف والكراهية ، وأن برنامج التعليم الفلسطيني، مدمر لعملية السلام، موعزا في الوقت ذاته للحكومة النرويجية بتجميد اموال المساعدة او بتقليصها اذا لم تتم ازالة المواد في الكتب الجديدة التي تم اصدارها في شهر ايلول/ سبتمبر الماضي والحديث هنا يدور عن 220 مليون كرون اي ما يعادل 23 مليون يورو كانت مخصصة لاصدار كتب جديدة حتي العام 2022

2. لأول مرة في التاريخ نجد من يصوت للإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال الإسرائيلي وهي الولايات المتحدة الأمريكية، ولحقها كل من جزر مارشال ، وميكرونيزيا، و، وناورو، وباولاو (وهي التي تتبع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية سياسياً بشكل دائم)، والإضافة إلى توغو، ودولة هندوراس، وغواتيمالا، وعلى درجة أقل خطورة تعترف أستراليا بالقدس الغربية عاصمة لدولة الإحتلال الإسرائيلي متنافيا مع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقدس حيث تظل القدس موقفها السياسي معلق حتى يتم إتمام تنفيذ قرارها والخاص بأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، والقدس الغربية عاصمة لإسرائيل كما نص القرار نفسه.

3. لأول في مرة في التاريخ بعض الدول ليس تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل فقط بل تقرر نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس وعلى رأسها غواتيمالا، ولحقتها البرازيل بدرجة أقل خطورة وهي الإعلان عن فتح مكتب تجاري قنصلي لها بالقدس، وستنقل سفارتها في وقت لاحق رغم عدم الإعلان رسمياً بهذا الخصوص.

بالله عليكم اغمضوا عيونكم لدقيقة واحدة وركزوا بكل جوارحكم واعطوني مفصل هام لا نسجل فيه تراجع لأن هناك من نجح باشغالنا بأنفسنا ، لتكتشفوا أننا مقبلين على كارثة لضياع القضية الفلسطينية برمتها، ونقول لإبن الكيت كات والذي صرح مؤخراً قبل عدة أيام : ” بأن الدبلوماسية الفلسطينية حققت إنجازات مميزة في العام 2019، وستحقق إنجازات عظيمة في العام 2020″ نقول لهذا الكائن المدعوا الدكتور رياض المالكي إن القصور الفظيع في العمل الدبلوماسي وافتقار لخطة وطنية ، أنك ستضيع الشعب الفلسطيني في تفاصيل كثيرة تغرقنا كي نعيش للغد ، وبدل المفاوضة علي غاز غزة نتفاوض علي جناحين ومساعدات اجتماعية لشعب اصبح شبه عاطل عن العمل .لقد سحقتم القضية الفلسطينة ومرغتم الدبلوماسية الفلسطينية بالأرض، بل مشروعكم المشبوه سيتساقط به كل أحلام الشعب الفلسطيني، وتذكروا معي أن العام 2020 سيحمل في طياته كوراث للقضية الفلسطينية والشهور القادمة ستخرج في جعبتها الكثير.
وأخيراً نقول للقيادة الفلسطينية أن تعيد النظر في سياسية الدبلوماسية الفلسطينية وهستريا رئيس الدبلوماسية الفلسطينية قبل فوات الأوان فأنتم مسؤولون أمام الله أولاً، وأمام كل أجيال الشعب الفلسطيني والحكاية لم تنتهي بعد…

د/ محمد الحداد
٢ /١ / ٢٠٢٠ م
عضو الجالية الفلسطينية
عضو قيادة وممثل تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة بالمملكة العربية السعودية

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن